منتدى سليم - وقفات تاريخية في السياسة العربية

بسم الله الرحمن الرحيم

موقف الشريف حسين من إتفاقية"سايكس-بيكو"

كان العرب وعلى رأسهم الشريف حسين يقومون بدورهم كاملاً أثناء الحرب العالمية الأولى إلى جانب الحلفاء،ولكن حلفاءهم الغربيين_وخاصة البريطانيين_كانوا يبرمون اتفاقيات ويعطون وعوداً تتضارب مع وعودهم للعرب.
وأبرز تلك المعاهدات التي خان فيها الإنجليز حلفاءهم العرب الذين ثاروا ضد الدولة العثمانية إتفاقية"سايكس-بيكو"سنة1916م والذي تقاسمت فيه كل من بريطانيا و فرنسا بلاد الشام والعراق إلى جانب ما أخذته حليفتهم روسيا من الأراضي العثمانية المسلمة.
فإن الشريف حسين كممثل للعرب لم يعلم عن أمر هذه الإتفاقية إلا في شهر ديسمبر عام 1917م ،وذلك عن طريق الأتراك الذين كشف لهم الشيوعيون وثيقة سايكس بيكو عندما اعتلوا السلطة في روسيا.
فعرض "جمال باشا"تلك الوثائق على "فيصل بن الحسين" كما عرض عليه الصلح مع العرب ممثلاً عن الحكومة العثمانية وبموافقة الدولة الألمانية،وذلك بعد أن تقدم بخطابين أرسلهما إلى فيصل و"جعفر باشا" محذراً فيهما من الإنجراف وراء الوعود البريطانية بل ومن نفاقهم وأطماعهم في البلاد العربية بدليل تلك الإتفاقية كما حثهم_كمسلم_أن تجتمع الكلمة الإسلامية بعقد الصلح بين العرب والدولة العثمانية والتي ستكفل لهم أكبر درجة ممكنة من الإستقلال الذاتي.
وأرسل فيصل بهذه الخطابات إلى والده الذي رفض هذه الشكوك الواضحة في نيات بريطانيا والحلفاء، ورفض كذلك التحدث أو التفاهم مع الأتراك الذي وصفهم "بالأعداء"وكلف إبنه فيصل بالرد على خطابات جمال باشا رافضاً فكرة الصلح مع الدولة العثمانية.
وقام الشريف حسين بإرسال كل هذه المراسلات إالى المندوب السامي البريطاني في القاهرة طالباً تقديم تفسير عن هذه الإتفاقية السرية التي ورد ذكرها في خطاب جمال باشا.
وقد أجابه وزير الخارجية البريطاني"بلفور"ببرقية عمد فيها إلى تمويه الألفاظ إذ أنه لم يجيب بصراحة عن هذه الإتفاقية ولم ينفها،ولكن هذه البرقية تحدثت عن هذا الإتفاق بألفاظ تسعى إلى تشكيك الشريف حسين في نيات الأتراك،وإظهارهم على أنهم لا يهدفون إلا للوقيعه بين العرب وحلفاءهم،وانتهت بالتأكيد على أن بريطانيا ستؤيد العرب وتساعدهم في كفاحهم للحصول على إستقلالهم.
ولا ندري كيف قبل الشريف حسين بهذه البرقية وبالطريقة التي كتبت بها،ونعتقد أنه كان قصير النظر إذ أنه اكتفى بهذه الإجابه،رغم علمه بأنها إجابه تمتاز بميوعتها،وكان عليه كرجل دولة ألا يرضى إلا بإجابة قاطعة.

"إخواني اليست هذه نفس السياسية العربية اليوم!!
أتسأل : لماذا نلدغ من جحر واحد خمسين مرة!!
من خلال هذه الأحداث يلفت إنتباهنا جملة من الأخطاء السياسية وكثير من الإستغباء أو ربما الخنوع.