عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 04-07-2012, 07:35 PM
الصورة الرمزية عوض البقيلي
عوض البقيلي غير متواجد حالياً
نائب المدير العام للمنتديات
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: جـــدهـ _ الرياض
المشاركات: 8,104
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى عوض البقيلي
افتراضي رد: ( 6 ) أشــــــهـــر في الســـجـــــــــن...

كان الوضع هنا

مزري ( بالمعايير الانسانية )

ولكنه مثالي ( بمعاييري الخاصة )

.
.

كنت أشبه هذا المكان الصغير .. بالعالم الكبير

حيث الجنسيات المختلفة

والطباع المتفاوته

والأخلاق .. والأفكار

وحتى المستويات التعليمية

.
.

هنا دكاترة في الجامعات .. وهنا أميين لا يقرأون ولا يكتبون

وفي هذا المزيج الغير متجانس

أجدها فرصة لارهاف السمع

والتأمل في العالم من حولي

.
.

هناك مجرمين قتلوا وعاثوا في الأرض فسادا

وهناك أبرياء ، قادتهم الظروف الى هنا

وتفاوتت أيضا ردود أفعالهم

فأرى هنا من يضحك رغم الظلم الواقع عليه

ويردد حسبنا الله ونعم الوكيل

.
.

وهناك من يصرخ ويتذمر .. رغم أنه يعترف بذنبه الذي اقترفته يداه

.
.

في هذا الجو

وفي هذه البيئة

رأيتها فرصة ذهبية

ومنحة الهية

يجب أن أستثمرها

.
.

لا أخفي عليكم بأني قد صدمت في البداية

وحاولت جاهدا التواصل مع

بعض الأصدقاء الخاصين

والمعارف الذين أثق بهم

وكانت النتيجة أن لا أحد يملك

القدرة على تغيير قدري المكتوب

فكان لابد من أن أرضخ للأمر الواقع وأستثمره

بأعلى درجة ممكنة من الكفاءة

.
.

في العنبر 7

مثل بقية العنابر

عليك أن تحجز زاوية أو ركن أو مكان وتحارب

من أجل البقاء فيه حتى يعرف الجميع أن هذا هو مكانك

ومن أرادك يعرف موقعك

.
.

وقد حجزت لي مكانا قرب الباب

وهو أسوأ مكان

لأن لا أحد يريد هذا المكان

فهو موقع ازعاج

الداخل / والخارج

ولكن لأني جديد

ولا أريد الصراع والمشاكل

فقد ذهبت الى المكان الخالي

.
.

تمددت هناك واستلقيت على ظهري

واضعا ذراعي على عيني

باحثا عن مساحة هدوء

.
.

ويجب أن أتعلم كيف أنفصل

عن الضجيج من حولي

والا أصبت بالجنون

.
.

بدأت أستدعي الماضي

وأتذكر .. الأحداث

وأحلل

.
.

وبدأت الأفكار تتزاحم بجنون في جمجمتي

وشعرت حينها بالاضطراب والقلق يسري بسرعة

البرق في شتى أنحاء جسدي

وأنا أكاد أغرق في تيارات الأفكار

الهوجاء

.
.

وفي زاوية صغيرة من جمجمتي

خطرت على بالي خاطر جديدة

لماذا لاتتحكم في أفكارك

وكيف أتحكم في أفكاري انها أفكار

لاأعلم كيف ولكن يجب أن تتعلم كيف

وبدأت أتمحورحول خاطرتي

وأفكر في الطريقة التي يمكن

أن أتحكم بها في اتجاه الأفكار

.
.

قلت في ذاتي

الفكرة شحنة كهروبيلوجية

تتحرك في اتجاه

ما نحبه أو نخاف منه

ولو استطعنا أن ننشئ

شيئا نحبه

فان الأفكار سيزيد توجهها نحوه

ولو أنشأنا شيئا ( في خيالنا طبعا )

نحبه أكثر فان الأفكار ستترك الأول ..

وتتوجه الى الشيء الثاني

.
.

فكرت حينها في الثروة العملية التي سأكتسبها

في السجن رغم الألم من حولي

والمعاناة

فشعرت براحة كبيرة وبدأت أفكاري

تتزاحم في التفكير

في كيفية الاستفادة

.
.

وخطر في بالي لماذا الطبيب الجراح

يصبر بل ويستمتع بمنظر الدم والمريض الشاكي

ببساطه لأنه يفكر في النتيجة بعد الألم

ألا وهو الصحة .. والراحة

التي سيحصل عليها المريض

اذا فهو يتجاوز اللحظة الحالية ليفكر في

النتيجة وتكون هي الهدف الذي يحبه

وحينها تتحرك أفكار الطبيب في اتجاه

النتيجة

.
.

بقيت مستلقيا على ظهري

أفكر في الطرق والأساليب التي

يمكنني أن أستخدمها مع السجناء

سواء مجرمين أو مظلومين

لكي أستدرجهم في الحديث

وأحصل منهم على الدروس التي

أريدها ..

.
.

وكانت أفكاري كريمة معي

وقد كان للمخزون المعرفي الذي

حصلت عليه من خلال الدورات والقراءة في الكتب

أثر كبير أيضا في صياغة

أسلوب التعامل مع الناس

وخصوصا

ذوي الطباع الصعبة

.
.

كنت لا أزال مستلقيا

ومستمتعا في ادارتي لأفكاري

وأنا أشعر بها مطيعة لي

تسير أينما أشير

.
.

وكنت قد وضعت لذاتي منهجية

واضحة للتعاون معها في اكتساب أكبر

قدر ممكن من الفوائد

وصغتها في النقاط التالية


.
.


أولا

صفتي الشخصية هنا هي

( تلميذ - طالب - متعلم )



ثانيا

أخلاقي هنا هي

احترام الانسان مهما كان

مجرما أو بريئا


ثالثا

أسلوبي هنا

الهدوء الذاتي والصفاء الفكري داخليا

والابتسامة البسيطة غير المتكلفة خارجيا

.
.


وبعد أكثر من ساعتين بقيتها مستلقيا على ظهري

والناس من حولي في صراخ وحركة دائمة

رفعت ذراعي من فوق عيني

وجلست

.
.

أفكر من أين أبدأ
__________________
...............
رد مع اقتباس