عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 10-15-2012, 03:15 AM
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
الدولة: اليمن
المشاركات: 500
افتراضي رد: الوقت في حياة الإنسان

فإنَّ الوقت هو عُمر الإنسان، ورأس مالِه في هذه الحياة؛ ذلك أنَّ كلَّ يوم يمضي على الإنسان يأخذ من عُمره ويُقَرِّبه إلى أَجَلِه، فكان حري بالعاقل أن يستغلَّ ويمضي هذا الوقت الذي مَنَحَهُ الله إياه فيما يرضي ربه، وأن يحقِّق لنفسِه السعادة في الدُّنيا والآخرة.

يقول الحسن البصري - رحمه الله -: "يا ابن آدم، إنَّما أنت أيَّام، كلَّما ذهب يومٌ ذهب بعضُك"، والناظر في حال كثير منَّا اليوم، وكيف يقضون أوقاتهم؛ من تضييع وإهدار للوقت - يعلم أنهم محرومون من نعمة استغلال العمر، واغتنام الوقت؛ ولذا نراهم ينفقون أوقاتهم، ويهدرون أعمارهم فيما لا يعود عليهم بالنفع .

والعجيب في ذلك فَرَحُ الكثير منهم بمرور هذه الأيام والسنين، وقد علموا أنها تقربهم إلى آجالهم، وتبعدهم عن دنياهم!
إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالأَيَّامِ نَقْطَعُهَا وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى جُزْءٌ مِنَ العُمُرِ

أخي المسلم:
إنَّ للوقت أهمية عظيمة، فالمسلم إذا أدرك قيمة وقته وأهميته، كان أكثر حرصًا على حفظه واغتنامه فيما يُقَرِّبه مِن ربِّه - سبحانه وتعالى - والاستفادة من وقته استفادة تعودُ عليه بالنفع، فيُسَارِع إلى استغلال الفراغ قبلَ الشغل، والصحَّة قبل السقم؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: ((نِعْمَتانِ مغبونٌ فيهمَا كثيرٌ منَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ))؛ أخرجه البخاري برقم: 5933.

ثم إنَّ المسلم سوف يُسأل عن الوقت أمام الله - سبحانه وتعالى - يوم القيامة؛ فعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عمره: فيمَ أفناه؟ وعن شبابه: فيم أبلاه؟ وعن مالِه: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعَنْ عِلْمِه: ماذا عمل فيه؟))؛ أخرجه التِّرمذي برقم: 2340.

فالسَّاعات أغْلَى من أن تُنفَق في أحاديثَ فارغة، أو مجالس غيبة، لا يتحرى فيها المسلمُ الصِّدق، ولا يأمر فيها بالمعروف، وكما قيل: الأيَّامُ ثلاثةٌ: الأمسُ قد مضى بما فيه، وغدًا لَعَلكَ تُدركه، وإنَّما هو يومكَ هذا، فاجتهد فيه.

قال يحيى بن معاذ: " إضاعةُ الوقت أشدُّ منَ الموت؛ لأنَّ إضاعةَ الوقت انقطاعٌ عن الحقّ، والموتُ انقطاعٌ عن الخلق".

وانظر معي - أخي المسلم - إلى هذه النَّصيحة الغالية من رجل عرف قيمة الوقت، وأدرك أهميته؛ فقد سَأل الفُضيل بن عِياض - رحمه الله - رجلاً، فقال له: كم عمرك؟ فقال الرجل: ستُّون سنة، فقال الفضيل: فأنت منذُ ستين سنة تسير إلى ربكَ، تُوشك أن تصل، فقال الرجل: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، فقال الفضيل: مَن عرف أنَّهُ عبد لله، وأنَّه راجعٌ إليه، فليعلم أنهُ موقوفٌ ومسؤولٌ، فليعدَّ للسؤالِ جوابًا، فقال الرجلُ: ما الحيلةُ؟ فقال الفضيل: يسيرة، تُحسنُ في ما بقيَ، يُغفر لك ما مضى، فإنَّكَ إن أسأتَ فيما بقيَ، أُخذتَ بما مضى وما بقي.

يقول ابن الجوزي - رحمه الله -: "رأيتُ عموم الخلائق يدفعونَ الزمانَ دفعًا عجيبًا، إن طالَ الليلُ، فبحديثٍ لا ينفع، أو بقراءةِ كتابٍ فيهِ غزاة وسمر، وإن طالَ النَّهارُ فبالنوم، وهم أطرافُ النَّهارِ على دجلة أو في الأسواق... إلى أن قال: فاللهَ الله في مواسمِ العمر، والبدارَ البدار قبلَ الفوات، واستشهدوا العلم، واستدلوا الحكمة، ونافسُوا الزمان، وناقِشُوا النفوس، فكأن قد حَدَا الحادي فلم يُفهم صوتهُ من وقع الندم". اهـ، فهذا ابن الجوزي يَتَكَلَّم عن زمانه، فماذا نقول عن هذا الزمان؟!

وانظر إلى هذه المواقف التي تبين لنا مدى حرص سلفنا الصالح عن الوقت، فإن معرفة أحوالهم وقراءة سيرهم أكبر عون للمسلم على حُسن استغلال وقته، فهم خير مَن أدرك قيمة الوقت وأهمية العمر، وهم أروع الأمثلة في اغتنام دقائق العمر، واستغلال أنفاسه في طاعة الله.

- قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "ما ندمتُ على شيءٍ ندمي على يومٍ غرَبَت فيه شمسُهُ، نقص فيه أجلي، ولم يزدَدْ فيه عملي".

- وقال حمَّادُ بن سلمة: " ما جِئنا إلى سليمان التَّيْمِي في ساعةٍ يُطاعُ اللهُ فيها إلاَّ وجدناهُ مُطيعًا، إنْ كان في ساعةِ صلاةٍ وجدناهُ مُصلّيًا، وإن لم تكنْ ساعة صلاةٍ وجدناهُ إمَّا متوضِّأً أو عائدًا مريضًا، أو مشيِّعًا لجنازة، أو قاعدًا في المسجد"، قال: فكُنَّا نرى أنَّهُ لا يُحسنُ أن يعصي الله - عزَّ وجل.

- يقول الوزير الصالح يحيى بن زهير:
وَالوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ

فالحرصَ الحرصَ على الوقت، والبدارَ البدارَ كما جاء في الأخبار، واستغلَّ وقت الشباب في الأعمال النافعة قبل المشيب، فتقول ليت الشباب يعود، فيكون حالك كحال القائل:
بَكَيْتُ عَلَى الشَّبَابِ بِدَمْعِ عَيْنِي فَلَمْ يُفِدِ البُكَاءُ وَلاَ النَّحِيبُ
أَلا لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ يَوْمًا فَأُخْبِرَهُ بِمَا فَعَلَ المَشِيبُ




أسباب ضياع الوقت


1- ضعف الايمان لأن ذلك يجر بعده الى اتباع الهوى فيكثر هذا الانسان مما تهواه نفسه اذا كان مباحاً كالصيد ، و طول الامل . يقول الحسن البصري " ما أطال أحد الأمل إلا أساء العمل " و يقول ابن القيم " إضاعة الوقت من إطالة الأمل " .

2- عدم إدراك أهمية الوقت ، يقول ابن مسعود رضي الله عنه : " ما ندمت على شئ ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي و لم يزدد فيه عملي " وكانوا يقولون :" من علامة المقت إضاعة الوقت " .

3- عدم الانضباط و حب التسيب و الراحة ، تجد انه يريد أن ينضبط في شئ معين ، يحب الراحة يحب التسيب وهذا بلا شك لن ينظم وقته و إذا لم ينضبط في وقته فإنه بلا شك سيصرف شيئاً ليس باليسير من وقته بلا فائدة .

4- الافتقار الى التخطيط ، لا يخطط كيف يُمضي وقته و اذا كان هناك اجتماع مع معاونيه او غير ذلك لبحث مسألة ما و لإصدار قرار ما و غير ذلك تجد انهم يجتمعون و الأعضاء لا يدرون ما الذي سيدور في مثل هذا الاجتماع ولا شك أنه إذا حصل لهم مثل هذا أنه سيضيع عليهم أوقات غير يسيرة يبحثون عن الاشياء او يستمعون لما سيقال ثم يبدؤون يفكرون تفكيراً حاضراً لم يسبق بتخطيط من قبل .

5- ضعف الهمة لأن من كان عالي الهمة لا يسمح لوقته أن يضيع هدراً .

6- القدورة السيئة ، يجالس من يقتلون أوقاتهم ، و اذا جالس مثل هؤلاء _ بلا شك _ فإنه بالتدريج سيعمل مثل عملهم .

7- التربية الخاطئة ، منذ الصغر لم يعود على اغتنام الوقت منذ ان كان طفلاً ولو عوّد على اغتنام الوقت لتعوّد عليه عند كبره .

8- العادات ، هناك بعض العادات مضيعة للوقت اعتاد عليها بعض الناس كعادة شرب الشاي بعد العصر و الجلوس .

9- عدم معرفة تنظيم الوقت ، قد يريد ان ينظم و لكن لا يعرف كيف ينظم وقته مما يجعله لا يستطيع أن يستفيد من أوقاته الاستفادة الحقة .

10- حب الانسان أن يعمل كل شئ بنفسه و لايمكن أن يفوض الآخرين ، لأنه يميل الى المثالية و الكمال في الاداء حتى يتأكد أن جميع تفاصيل الاعمال قد نفذت على حسب ما يتصور ، وهذا بلا شك يضيع عليه اوقات غير يسيرة .

11- قد يكون السبب من غيرك مثل أن يزورك صديق ويطلب منك ان تذهب معه لقضاء حاجاته مع أنه لا يستفيد منك إلا مجرد الاستئناس بك .

12- قد يكون السبب خارج عن قدرتك كالازدحام الحاصل في الطرق و طول المسافات بين الاماكن .


.... هذه الاسباب قد تسبب لك إضاعة وقتك ...




المبحث الأول: مشكلة ضياع الوقت
نحاول في هذا المبحث أن نلقي الضوء على أحد عناصر الموضوع ( إدارة الوقت ) و هو مشكلة ضياع الوقت, هذه المشكلة و رغم اختلافها من شخص لأخر و من منظمة لأخرى إلا أن أثارها تبقى واحدة.
المطلب الأول: مصادر ضياع الوقت
هناك صعوبة كبيرة في تحديد مصادر ضياع الوقت و ذلك للتداخل بينها، إلا أننا سنركز على الأهم منها

الفرع الأول: المدير نفسه
يكون المدير مصدرا لضياع الوقت في المنظمة إذا توفرت مجموعة من العوامل أهمها:
• طبيعة المدير: فهناك اختلاف كبير بين المدراء و طرق تفكيرهم, هذا الاختلاف ناتج عن مجموعة من العوامل التي نشأت مع كل واحد منهم و التي لها تأثير كبير على كيفية التعامل مع الوقت في العمل أو في الحياة اليومية.
• ضعف مهارات و تجارب المدير: فمهارة حسن استغلال الوقت و استثماره تميزه عن غيره من المدراء و تحقق له النجاح و الرقي في مجال عمله و كذا في حياته اليومية و كذا الاستفادة من أداءه.
• محاولة الوصول إلى المثالية: فهناك بعض المدراء الذين يضيعون اغلب أوقاتهم في محاولتهم إلى أن يكونوا أفضل مما هم عليه الآن و الأفضل على الإطلاق.
الفرع الثاني: الموظفين و باقي الأشخاص الآخرون
يضم هذا المصدر كل الأشخاص الذين يتعامل معهم الدير أثناء أدائه لعمله فهو يتعامل مع الزبائن, الموردون و الموظفين و الإداريين و كل العمال التنفيذيين بالإضافة لبعض الأصدقاء و الأقارب حيث يمكن إدراج أهم مصادر هذا الوقت بالنسبة لليد العاملة


- إنجاز المهام و الأعمال غير الضرورية حيث يمكن طرح السؤال التالي: لماذا تقوم بهذه المهمة؟
- أجزاء غير ضرورية من المهمة حيث يمكن طرح السؤال التالي: هل يجب أن نفعل هذا كله؟



الفرع الثالث: القوانين و الأنظمة و اللوائح و الإجراءات
حيث تعتمد بعض الدول في منظماتها على إغراق الإداريين و العمال و حتى المتعاملين معها في بحر من الإجراءات الروتينية للحصول على التوقيعات أو الحصول على التراخيص للإنجاز أو الموافقة على بعض المعاملات و في هذه الحالة يبدو الشخص نفسه مضطر لإتباع هذه الخطوات خشية التعرض للملاحقة القانونية أو هروبه من مخالفة الإطار العام للمنظمة الذي قد يكلفه الفصل.
المطلب الثاني: أسباب ضياع الوقت
تعددت الأحداث و المواقف التي تمثل ضياع الوقت لذا تعددت أسباب ضياعه حيث يمكن إدراج أهم أسباب ضياع الوقت فيما يلي


الفرع الأول: مضيعات الوقت المرتبطة بالتخطيط
 عدم وجود أهداف واضحة
 عدم ترتيب الأولويات في المنظمة
 وجود إدارة عشوائية ارتجالية
 إدارة الموقف الراهن
 الإدارة بالأزمات المفتعلة
 تسارع ترتيب الأولويات
 وجود تقديرات غير واقعية
 طول فترات الانتظار
 عدم الالتزام بالمواعيد المقررة
 السفر الفجائي غير المخطط
الفرع الثاني: مضيعات الوقت المتعلقة بالتنظيم و التوجيه
أولا: المتعلقة بالتنظيم:
 سوء أو عدم التنظيم الشخصي لمتخذ القرار
 الخلط بين السلطة و المسؤولية
 عدم وضوح الاختصاصات
 ازدواجية المهام و الجهد
 تعدد الرؤساء و المشرفين
 التأكيد على الأعمال الروتينية التافهة
 سوء نظام الحفظ ووجود ببيئة عمل غير ملائمة
ثانيا: المتعلقة بالتوجيه
 توجيه غير فعال لمرؤوسين
 الاستغراق في التفاصيل الدقيقة
 نقص التقييم و المراقبة
 سيادة جو اللامبالاة
 غياب روح المشاركة
الفرع الثالث: مضيعات الوقت المتعلقة بالرقابة و الاتصالات و اتخاذ القرار
أولا: متعلقة باتخاذ القرار
 التأجيل
 قرارات هزيلة
 الحاجة إلى الحقائق
 قرارات بواسطة مجموعة من الشروط المعقدة
ثانيا: متعلقة بالاتصالات
 الاجتماعات غير ضرورية
 عدم وضوح الاتصالات الرأسية أو الأفقية
سوء الفهم
 الرغبة في التسلية و السهر
ثالثا: متعلقة بالرقابة
 عدم وجود أساليب واضحة للرقابة
 عدم وجود أشخاص متمكنين للقيام بهذه المهمة
 سوء الفهم
 عدم وجود رقابة في وقتها محدد
 عدم وجود رقابة وقائية مما يضطرنا لاستخدام الرقابة العلاجية.
رد مع اقتباس