عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 06-29-2011, 03:20 PM
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: أحتراق أمـــــــل

قضيتي مضى عليها أسبوع وها أنا ذا خلف هذا القضبان أتجرع مرارة الأسى , فقد حكم علي القاضي بالسجن سنتين , وليته حكم علي بالسجن المؤبد, فكيف سأخرج بعد هذه الفضيحة؟!
وإلى أين أذهب وأبي قطع هذا الغصن النافر , وطوح به بعيدا , واتبعه ببصقة يريد منها أن تطفي شيئا من غضبه ؛ أعلم أن انقطاع الثمر من هذا الغصن هو من جعله يبتره دون تردد , وليس نفوره الذي شوه دوحته الخضراء كما يدعي

فصدمت في انقطاع الثلاثة الآف التي تأتيه كل شهر , تفوق كل خزي وعار

صحتي تتناقص ,وبطني يزداد في الكبر
أتكور على نفسي أريد أن أدس رأسي عن العالم بأسره, وليس فقط عن هذه السيدة التي تشاركني الغرفة ..
حزني ضاق به الفضاء فتلبد غيوم , ما لبثت أن أرسلت دموعها
دغدغت ذاكرتي ضحكاتي وأنا أندس تحت أبط جدتي , ونحن جالستين تحت تلك السدرة الضخمه في فناء بيتنا ..
المطر يهطل ,وأوراق السدر تتطاير من حولنا والبعض يشارك حبات المطر المتسللة من بين أغضان السدر , ويهبط على رؤوسنا ..
اختلطت رائحة السدر برائحة الثرى ,وكذا رائحة أمشاط جدتي التي تخفي به شيب شعرها.. كنت أنعم بربيعي السادس ولم أكن أعي من الدنيا إلا اللهو واللعب ؛ وحضن جدتي الدافئ مخبأي , وكل سؤال يقفز إلى كنانة عقلي أوجه لها , فتارة تعيده لي يحمل ثمرة تغذي عقلي الصغير , وتارة تكتفي بأن تخفف حدة بقولها (حين تكبرين ستعرفين )
لم تضجرها سهامي يوما.. إلا عندما تتجه لشجرة السدر ,وسبب عنايتها الفائقة بها , ولِم لا تسمح لأبي بأن يقتلعها؟
لكي ترتاح من عناء هذه المعركة التي تصول بها أمي وتجول ؛مدعية أن هذه الشجرة تشوه جمال مدخل البيت ,ولابد من اقتلاعها , وتختم معركتها بقولها:
أسأل الله أن يعجل بيوم تُغسلين بأوراقها ,وأنت ساكنة سكون يريحني منك ؟!
أتعجب من حلاوة دعوة أمي- فجدتي حريصة على أن تغتسل بورق السدر , فنظافتها مضرب مثلُ حيّنا الصغير , ونضارة جسمها مثار غيرةُ أمي وجاراتها -فلِم تدعو على جدتي بتلك الدعوات , وهي تعلم حبها للنظافة ؟
لم أسمع جدتي تؤمن على دعوتها تلك إلا مرة واحدة
حينما أتيت من المدرسة مع ختام معركة بدأ لي أنها امتدت أكثر من ساعتين , وكانت جدتي حانقة وتؤمن على دعوات أمي ..
ارتجف قلبي من صوت تأمينها ,كان حار صادقا , تفتحت أبواب السماء لتلك الدعوات, وجاءت الإجابة بعد يومين
منذ أن خطف الموت جدتي ,ومعاناتي كل يوم بازدياد ,جعلتني أمي محطتها التي لابد أن تتوقف فيها كل يوم .. أقسمت يوم وفاة جدتي أن أعتني بتلك السدرة وأحبها كما كانت تحبها ,
و أن اسمي أكبر بناتي باسمها لتبقى ذكراها خالدة
- ابنتي ابنتي

هل سأسمي هذه البذرة الخبيثة باسم ذاك الملاك الطاهر ؟!

-لا لا

-أمل أمل مابك ؟
أول مرة تناديني باسمي , فقد كانت كلماتنا الشحيحة , تخلو من أي نداء أو نظرة .
يا للهول هذا المكان كيف يرسم بصمته على وجه كل من دخله ؟
كيف يجعل الوجوه شاحبة مصفرة كأوراق الخريف تعبث بها الرياح في كل اتجاه ؟!
أوراق سقطت لا أمل لها بالرجوع إلى الحياة ..
أرادتْ أن تزيح نظراتي عنها ,فالتفتتْ إلى النافذة
- تعالي نخرج بهذا المطر لعله يغسل بعض همومنا
غسل الهموم حمسني للخروج ,لكن البركان الذي بداخلي لن تطفئه حبات من المطر
وما أن وطأت قدمي آخر درجة من درجات باب الخروج الذي كان التراب يغطي ملامحه بفعل العاصفة التي سبقت المطر حتى هويت على وجهي
رد مع اقتباس