س: أعتذر على ازعاجكم بهذه الرسالة
لكن طيب أخلاقكم وأسلوبكم شجعني أن أرسل هذه الرسالة
فحبيت اسأل سعادتكم ..
إذا قال الشخص احبك لشريك حياته هل فعلا تكون صادقة أم لا؟
فمثلاً أنا زوجي من تزوجته تقريبا كل يومين او أحيانا كل يوم وأحيانا بالأسبوع مرة يقولي باللفظ أحبك
لكني للاسف ما أحس إنها طالعة من قلبه وبصدق ،ما أدري ما هو السبب ؟
لأن أفعاله وأسلوبه معي في أغلب الأحيان ماتدل علي شخص محب
فمثلا هو دايم يحب يقارني بفلانه وعلانه ويسوي مقارنات
وهذا متعب نفسيتي جدا لانني ما احب المقارنات كل انسان له فاته وشخصيته اللي تميزه
لكن مع الوقت بدأ ينقل لي صفاته وبديت اتأثر فيه وبديت اقارنه بإخواني وتعاملهم مع زوجاتهم
وأقول بنفسي انا أفضل من زوجاتهم بنواحي كثيره ليه التعامل معي كذا ؟
فاذا كان يحبني فلماذا لايركز على ايجابياتي .
أختك: أسماء

ولك سائلتي الفاضلة الرد:
من الأخطاء الفكرية التي يمارسه الكثير هي البحث الدائم عما يفقدون وتراهم يغمضون العين عما يملكون ويحوزون
من منح وهبات واجزم أن آلاف النساء يتمنين في هذه اللحظة زوجا يسمعهن كلمة احبك يعشن عليهن ما تبقى من العمر,
لذا استمتعي بتلك الكلمة وتقبليها وحلقي معي في فضاء رحب جميل واستمدي منها طاقة تعينك على النوائب ومنعطفات الحياة ,
من الأمور التي تلطف الأجواء وتحسن العلاقات هي النظرة المنصفة لمن حولنا والتعامل معهم على أنهم بشر وان الكمال فيهم متعذر
رب حر يُسيءُ ثم يسرُ
وكذاك الزمان حلوٌ ومر
و في مقال سابق قلت عن المقارنة أنها من أعقد المشاكل الإنسانية وأكثرها تأثيرا علي الأسرة والعلاقات العائلية
وهي مستنقع آسن يبني ولا يهدم ويضر ولا ينفع و (سقطة) فكرية خطيرة
وهي أسلوب ظالم وطريق معتم ومعيار جائر( يُطرد ) فيه المنطق و(تُهمش) فيه الحقائق!
وعلة المُقارِن أنه يضع نفسه في مصاف الأولياء والصديقين!
ويحسر المُقارَن في زاوية الشياطين والأشقياء, ولا تراه يلتفت مطلقا إلى عيوبه وأخطائه!
يقول بارتيلمي آمبير في رائعته( غيور دونما حب):
أحيانا بالنسبة إلى زوجين يكون فن السعادة في التساهل!
وهناك داء قد تفشى بين الكثير من الأزواج وهو ما أسماه .ريتشاردكارلسون في كتابه الماتع
"لا تهتم بصغائر الأمور فكل الأمور صغائر"
(الشيء الآخر أفضل)حيث يظن بعض الأزواج أو بعض الزوجات أنه لو عاش مع غير شريكه لكان أكثر سعادة وكانا أكثر تفاهما
ويؤكد د.كارلسون أن مجرد التفكير في هذا الأمر سيحول بينك وبين والتمتع بما لديك والاستفادة القصوى من علاقتك القائمة!
ولم أكن لأذكرك بهذا الكلام ا لولا وقوعك في نفس المستنقع فرأيتك شاركتيه الفعل وأفردتيه في اللوم!
و أسالك ماذا يريد زوجك والذي يدفعه لتلك المقارنات وماهي عيوبك التي يريد منك استصلاحها,
هل بذلت مافي وسعك لتعديل الاعوجاج وتقويم الانحراف واستدراك الخطأ!
ومع اختلافي التام مع زوجك في استخدام أسلوب المقارنة إلا أن مساره الفكري وعادته العقلية
لا يعني أنه زوج كاره أو غير محب فقط هو سوء تقدير وعادة اعتاد عليها ,يعتقد أنها وسيلة جيدة لتقويم أخطائك
ولا يعني هذا أن تبادلي الخطأ بخطأ مثله فعمال المطافئ لايطفئون النار بالنار والغيبة لا تعالج بالغيبة ,
كوني أنت القدوة الصالحة لها وصدري التصرفات الجميل ووضحي له انزعاجك
الشديد وكيف أن مقارنته هو بالآخرين قد تسبب له جرحا نفسيا غائرا ,
وعلى كل حال إن اعرض عن المقارنة أو لم يعرض فأنت مطالبة بتقوية حصونك الداخلية وتعزيز ثقتك بنفسك
لتشكل حصنا منيعا وحرسا شديدا تجاه تلك الشطحات
والحكماء أيتها الفاضلة يسعون نحو التكيف وتوطين النفس على سوء تصرفات من حولهم والتسليم بوجودهم في مربع علاقتنا
و مادمنا قد عجمناهم و خبرناهم و فهمنا طبائعهم وأدركنا جيدا صعوبة تغيرها
فمن غير الحكمة أن نتعذب إلي ما لا نهاية بمسلكهم السيئ وسوء تصرفاتهم وغلظتهم .

شعاع:
إن ما يسعى إليه الإنسان السامي يكمن في ذاته هو ،
أما الدنيء فيسعى لما لدى الآخرين.

د/ خالد منيف .

__________________