عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 10-03-2012, 02:39 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: سيرة الإمام الشافعي [متجدد]

[table1="width:100%;background-image:url('http://www.solaim.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/48.gif');ba
ckground-color:white;border:3px groove deeppink;"][cell="filter:;"]




من سيرة الإمام الشافعي


إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.

الإمام الشافعي احد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، وإليه نسبة الشافعية كافة. وهو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي.

وكان أبوه قد هاجر من مكة إلى غزة بفلسطين بحثا عن الرزق، لكنه مات بعد ولادة محمد بمدة قصيرة، فنشأ محمد يتيما فقيرا.

وشافع بن السائب هو الذي ينتسب إليه الشافعي، لقي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأسر ابوه السائب يوم بدر في جملة من أسر وفدى نفسه ثم أسلم. ويلتقي نسبه مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عبد مناف.

أما أمه؛ فهي يمانية من الأزد، وقيل: من قبيلة الأسد، وهي قبيلة عربية لكنها ليست قرشية، قيل: إن ولادة الشافعي كانت في عسقلان، وقيل: بمنى. لكن الأصح أن ولادته كانت في غزة عام خمسين ومئة، وهو نفس العام الذي توفي فيه أبو حنيفة.

ولما بلغ سنتين قررت أمه العودة وابنها إلى مكة لأسباب عديدة؛ منها: حتى لا يضيع نسبه، ولكي ينشأ على ما ينشأ عليه أقرانه، فأتم حفظ القرآن وعمره سبع سنين.

وعرف الشافعي بشجو صوته في القراءة، قال ابن نصر: كنا إذا أردنا أن نبكي قال بعضنا لبعض: قوموا إلى هذا الفتى المطلبي يقرأ القرآن، فإذا أتيناه يصلي في الحرم استفتح القرآن حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته. فإذا رأى ذلك؛ أمسك من القراءة.

ولحق بقبيلة هذيل العربية لتعلم اللغة والفصاحة. وكانت هذيل أفصح العرب، ولقد كانت لهذه الملازمة أثر في فصاحته وبلاغة ما يكتب، وقد لفتت هذه البراعة أنصار معاصريه من العلماء بعد أن شب وكبر، حتى الأصمعي وهو من أئمة اللغة المعدودين يقول: صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له: محمد بن إدريس. وبلغ من اجتهاده في طلب العلم أن أجازه شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالفتيا وهو لا يزال صغيرا.

حفظ الشافعي وهو ابن ثلاث عشرة سنة تقريبا كتاب الموطأ للإمام مالك، ورحلت به أمه إلى المدينة ليتلقى العلم عند الإمام مالك. ولازم الشافعي الإمام مالكا ست عشرة سنة، حتى توفي الإمام مالك عام تسعة وسبعين ومئة، وبنفس الوقت تعلم على يد إبراهيم بن سعد الأنصاري، ومحمد بن سعيد بن فديك وغيرهم.

وبعد وفاة الإمام مالك عام تسعة وسبعين ومئة سافر الشافعي إلى نجران واليا عليها، ورغم عدالته فقد وشى البعض به إلى الخليفة هارون الرشيد فتم استدعاؤه إلى دار الخلافة سنة أربع وثمانين ومئة، وهناك دافع عن موقفه بحجة دامغة، وظهر للخليفة براءة الشافعي مما نسب إليه وأطلق سراحه.

وأثناء وجوده في بغداد اتصل بمحمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة وقرأ كتبه وتعرف على علم أهل الرأي ثم عاد بعدها إلى مكة، وأقام فيها نحوا من تسع سنوات لينشر مذهبه من خلال حلقات العلم التي يزدحم فيها طلبة العلم في الحرم المكي، ومن خلال لقائه بالعلماء أثناء مواسم الحج. وتتلمذ عليه في هذه الفترة الإمام أحمد بن حنبل.

ثم عاد مرة أخرى إلى بغداد سنة خمس وتسعين ومئة، وكان له بها مجلس علم يحضره العلماء ويقصده الطلاب من كل مكان.

مكث الشافعي سنتين في بغداد ألف خلالها كتابه الرسالة، ونشر فيها مذهبه القديم، ولازمه خلال هذه الفترة أربعة من كبار أصحابه؛ وهم: أحمد بن حنبل، وأبو ثور، والزعفراني، والكرابيسي. ثم عاد الإمام الشافعي إلى مكة ومكث بها فترة قصيرة غادرها بعد ذلك إلى بغداد سنة ثمان وتسعين ومئة، وأقام في بغداد فترة قصيرة ثم غادر بغداد إلى مصر.

قدم مصر سنة تسع وتسعين ومئة تسبقه شهرته، وكان في صحبته تلاميذه: الربيع بن سليمان المرادي، وعبد الله بن الزبير الحميدي، فنزل بالفسطاط ضيفا على عبد الله بن عبد الحكم وكان من أصحاب مالك.

ثم بدأ بإلقاء دروسه في جامع عمرو بن العاص فمال إليه الناس وجذبت فصاحته وعلمه كثيرا من أتباع الإمامين أبي حنيفة ومالك. وبقي في مصر خمس سنوات قضاها كلها في التأليف والتدريس والمناظرة والرد على الخصوم.

وفي مصر وضع الشافعي مذهبه الجديد وهو الأحكام والفتاوى التي استنبطها بمصر وخالف في بعضها فقهه الذي وضعه في العراق، وصنف في مصر كتبه الخالدة التي رواها عنه تلاميذه.

وتطرق أحمد تمام في كتابه "الشافعي ملامح وآثار" كيفية ظهور شخصية الشافعي ومنهجه في الفقه. هذا المنهج الذي هو مزيج من فقه الحجاز وفقه العراق، هذا المنهج الذي أنضجه عقل متوهج، عالم بالقرآن والسنة، بصير بالعربية وآدابها، خبير بأحوال الناس وقضاياهم، قوي الرأي والقياس.

فلو عدنا إلى القرن الثاني الميلادي؛ لوجدنا أنه ظهر في هذا القرن مدرستان أساسيتان في الفقه الإسلامي؛ هما: مدرسة الرأي، ومدرسة الحديث، نشأت المدرسة الأولى في العراق وهي امتداد لفقه عبد الله بن مسعود الذي أقام هناك، وحمل أصحابه علمه وقاموا بنشره. وكان ابن مسعود متأثرا بمنهج عمر بن الخطاب في الأخذ بالرأي والبحث في علل الأحكام حين لا يوجد نص من كتاب الله أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

ومن أشهر تلامذة ابن مسعود الذين أخذوا عنه: علقمة بن قيس النخعي، والأسود بن يزيد النخعي، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وشريح القاضي، وهؤلاء كانوا من أبرز فقهاء القرن الأول الهجري.

ثم تزعم مدرسة الرأي بعدهم إبراهيم بن يزيد النخعي فقيه العراق بلا منازع، وعلى يديه تتلمذ حماد بن سليمان، وخلفه في درسه، وكان إماما مجتهدا وكانت له بالكوفة حلقة عظيمة يؤمها طلاب العلم، وكان بينهم أبو حنيفة النعمان الذي فاق أقرانه وانتهت إليه رئاسة الفقه، وتقلد زعامة مدرسة الرأي من بعد شيخه، والتف حوله الراغبون في تعلم الفقه وبرز منهم تلاميذ بررة على رأسهم أبو يوسف القاضي، ومحمد بن الحسن، وزفر، والحسن بن زياد وغيرهم، وعلى يد هؤلاء تبلورت طريقة مدرسة الرأي واستقر أمرها ووضح منهجها.

وأما مدرسة الحديث؛ فقد نشأت بالحجاز وهي امتداد لمدرسة عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعائشة وغيرهم من فقهاء الصحابة الذين أقاموا بمكة والمدينة، وكان يمثلها عددكبير من كبار الأئمة؛ منهم: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وابن شهاب الزهري، والليث بن سعد، ومالك بن أنس. وتمتاز تلك المدرسة بالوقوف عند نصوص الكتاب والسنة، فإن لم تجد؛ التمست آثار الصحابة، ولم تلجئهم مستجدات الحوادث التي كانت قليلة في الحجاز إلى التوسع في الاستنباط بخلاف ما كان عليه الحال في العراق.

وجاء الشافعي والجدل مشتعل بين المدرستين، فأخذ موقفا وسطا، وحسم الجدل الفقهي القائم بينهما بما تيسر له من الجمع بين المدرستين بعد أن تلقى العلم وتتلمذ على كبار أعلامهما؛ مثل مالك بن أنس من مدرسة الحديث ومحمد بن الحسن الشيباني من مدرسة الرأي.

دون الشافعي الأصول التي اعتمد عليها في فقهه، والقواعد التي التزمها في اجتهاده في رسالته الأصولية الرسالة، وطبق هذه الأصول في فقهه، وكانت أصولا عملية لا نظرية، ويظهر هذا واضحا في كتابه الأم الذي يذكر فيه الشافعي الحكم مع دليله، ثم يبين وجه الاستدلال بالدليل وقواعد الاجتهاد وأصول الاستنباط التي اتبعت في استنباطه، فهو يرجع أولا إلى القرآن وما ظهر له منه، إلا إذا قام دليل على وجوب صرفه عن ظاهره، ثم إلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى الخبر الواحد الذي ينفرد راو واحد بروايته، وهو ثقة في دينه، معروف بالصدق، مشهور بالضبظ.

وهو يعد السنة مع القرآن في منزلة واحدة، فلا يمكن النظر في القرآن دون النظر في السنة التي تشرحه وتبينه، فالقرآن يأتي بالأحكام العامة والقواعد الكلية، والسنة هي التي تفسر ذلك، فهي التي تخصص عموم القرآن أو تقيد مطلقه، أو تبين مجمله.

ولم يشترط الشافعي في الاحتجاج بالسنة غير اتصال سند الحديث وصحته، فإذا كان كذلك؛ صح عنده وكان حجة عنده، ولم يشترط في قبول الحديث عدم مخالفته لعمل أهل المدينة مثلما اشترط الإمام مالك، أو أن يكون الحديث مشهورا ولم يعمل راويه بخلافه.

ووقف الشافعي حياته على الدفاع عن السنة، واقامة الدليل على صحة الاحتجاج بالخبر الواحد، وكان هذا الدفاع سببا في علو قدر الشافعي عند أهل الحديث حتى سموه (ناصر السنة). ولعل الذي جعل الشافعي يأخذ بالحديث أكثر من أبي حنيفة، حتى إنه يقبل خبر الواحد متى توافرت فيه الشروط، وكان حافظا للحديث بصيرا بعلله، لا يقبل منه إلا ما ثبت عنده، وربما صح عنده من الأحاديث ما لم يصح عند أبي حنيفة وأصحابه.

وبعد الرجوع إلى القرآن والسنة يأتي الإجماع إن لم يعلم له مخالفا، ثم القياس شريطة أن يكون له أصل من الكتاب والسنة، ولم يتوسع فيه مثلما توسع الإمام أبو حنيفة.

ولنتطرق الآن إلى بعض من أقوال الشافعي التي تبين عقيدته:

في جزء الاعتقاد المنسوب للشافعي من رواية أبي طالب العشاري ما نصه قال: وقد سئل عن صفات الله -عز وجل- وما ينبغي أن يؤمن به فقال: لله -تبارك وتعالى- أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه -صلى الله عليه وسلم- أمته، لا يسع أحدا من خلق الله -عز وجل- قامت لديه الحجة أن القرآن نزل به، وصحيح عنده قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما روى عنه العدل خلافُه. فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه؛ فهو كافر بالله -عز وجل-. فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر؛ فمعذور بالجهل؛ لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالدراية والفكر، ونحو ذلك أخبار الله -عز وجل- أنه سميع، وأن له يدين، بقوله -عز وجل-: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾، وأن له يمينا بقوله -عز وجل-: ﴿وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ﴾، وأن له وجها بقوله -عز وجل-: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾، وقوله: ﴿وَيبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾، وأن له قدما بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (حتى يضع الرب -عز وجل- فيها قدمه)؛ يعني جهنم. وقوله -صلى الله عليه وسلم- للذي قتل في سبيل الله -عز وجل- أنه: (لقي الله -عز وجل- وهو يضحك إليه)، وأنه -سبحانه-: (يهبط كل ليلة إلى السماء الدني) بخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وأنه ليس بأعور؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ ذكر الدجال، فقال: (إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور)، وأن المؤمنين (يرون ربهم -عز وجل- يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر)، وأن له أصبعا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من قلب إلا هو بين أصبعين من أصايع الرحمن -عز وجل-)، وأن هذه المعاني التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- لا يدرك حقه ذلك بالذكر والدراية ويكفر بجهلها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه، وإن كان الوارد بذلك خبرا يقوم في الفهم مقام المشاهدة في السماع وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته والشهادة عليه؛ كمن عاين وسمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكن نثبت هذه الصفات وننفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه -تعالى ذكره- فقال: ﴿كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.

وأخرج اللالكائي عن الربيع بن سليمان قال الشافعي: من قال القرآن مخلوق فهو كافر.

وأورد البيهقي في مناقب الشافعي أن الشافعي قال: "إن مشيئة العباد هي إلى الله -تعالى- ولا يشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين؛ فإن الناس لم يخلقوا أعمالهم وهي خلْق من خلْق الله -تعالى-. وإن القدر خيره وشره من الله -عز وجل-، وإن عذاب القبر حق، ومساءلة أهل القبور حق، والبعث حق، والحساب حق، والجنة والنار حق، ومما جاءت به السنن.

وأخرج ابن عبد البر عن الربيع قال: سمعت الشافعي يقول: الإيمان قول وعمل واعتقاد بالقلب. ألا ترى قول الله -عز وجل-: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾؛ يعني صلاتكم إلى بيت المقدس، فسمى الصلاة إيمانا، وهي قول وعمل وعقد.

وأخرج البيهقي عن أبي محمد الزبيري قال: قال رجل للشافعي: أي الأعمال عند الله أفضل؟ قال الشافعي: ما لا يُقبل عملٌ إلا به. قال: وما ذاك؟ قال: الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو أعلى الأعمال درجة، وأشرفها منزلة، وأسناها حظا. قال الرجل: ألا تخبرني عن الإيمان قول وعمل أو قول بلا عمل؟ قال الشافعي: الإيمان عمل لله والقول بعض ذلك العمل. قال الرجل: صف لي ذلك حتى أفهمه. قال الشافعي: إن للإيمان حالات ودرجات وطبقات، فمنها التام المنتهي تمامه، والناقص البين نقصانه، والراجح الزائد رجحانه. قال الرجل: وإن الإيمان يتم وينقص ويزيد؟ قال الشافعي: نعم. قال الرجل: وما الدليل على ذلك؟ قال الشافعي: إن الله -جل ذكره- فرض الإيمان على جوارح بني آدم، فقسمه فيها وفرقه عليها، فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها بفرض من الله -تعالى-؛ فمنها: قلبه الذي يعقل به ويفقه ويفهم، وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره، ومنها: عيناه اللتان ينظر بهما، وأذناه اللتان يسمع بهما، ويداه اللتان يبطش بهما، ورجلاه اللتان يمشي بهما، ولسانه الذي ينطق به، ورأسه الذي فيه وجهه. فرض على القلب غير ما فرض على اللسان، وفرض على السمع غير ما فرض على العينين، وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين، وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه.

فأما فرض الله على القلب من الإيمان؛ فالإقرار والمعرفة والعقد والرضى والتسليم بأن الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له، لم يتخذ صاجبة ولا ولدا، وأن محمدا -صلى الله عليه وسلم- عبده ورسوله، والإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض الله -جل ثناؤه- على القلب وهو عمله؛ ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمان وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا﴾، وقال: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، وقال: ﴿مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ﴾، وقال: ﴿وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ﴾. فذلك ما فرض الله على القلب من إيمان وهو عمله وهو رأس الإيمان. وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد وأقر به، فقال في ذلك: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾، وقال: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾. فذلك ما فرض الله على اللسان من القول والتعبير عن القلب، وهو عمله والفرض عليه من الإيمان.

وفرض الله على السمع أن يَتَنَزَّهَ عن الاستماع إلى ما حرم الله وأن يغض عما نهى الله عنه، فقال في ذلك: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ﴾، ثم استثنى موضع النسيان، فقال -جل وعز-: ﴿وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ﴾؛ أى: فقعدت معهم؛ ﴿فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، وقال: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِي * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، وقال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ إلى قوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾، وقال: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾، وقال: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾. فذلك ما فرض الله -جل ذكره- على السمع من التنزيه عما لا يحل له وهو عمله وهو من الإيمان.

وفرض على العينين أن لا ينظر بهما ما حرم الله، وأن يغضهما عما نهاه عنه، فقال -تبارك وتعالى- في ذلك: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ..﴾ الآيتين؛ أن ينظر أحدهم إلى فرج أخيه، ويحفظ فرجه من أن ينظراليه. وقال: كل شيْء من حفظ الفرج في كتاب الله؛ فهو من الزنا إلا هذه الآية؛ فإنها من النظر. فذلك ما فرض الله على العينين من غض البصر وهو عملهما وهو من الإيمان.

ثم أخبر عما فرض على القلب والسمع والبصر في آية واحدة، فقال -سبحانه وتعالى- في ذلك: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾.

قال: يعني وفرض على الفرج: أن لا يهتكه بما حرم الله عليه: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾، وقال: ﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ولَا أَبْصَارُكُمْ ولَا جُلُودُكُمْ..﴾ الآية؛ يعني بالجلود: الفرج والأفخاذ، فذلك ما فرض الله على الفروج من حفظهما عما لا يحل له وهو عملهما.

وفرض على اليدين أن لا يبطش بهما إلى ما حرم الله -تعالى- وأن يبطش بهما إلى ما أمر الله؛ من الصدقة، وصلة الرحم، والجهاد في سبيل الله والطهور للصلوات، فقال في ذلك: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ إلى آخر الآية، وقال: ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾؛ لأن الضرب والحرب وصلة الرحم والصدقة من علاجها.

وفرض على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى ما حرم الله -جل ذكره- فقال فى ذلك: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾.

وفرض على الوجه السجود لله بالليل والنهار ومواقيت الصلاة، فقال في ذلك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وقال: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾؛ يعني المساجد: ما يسجد عليه ابن آدم في صلاته من الجبهة وغيرها.

قال: فذلك ما فرض الله على هذه الجوارح وسمى الطهور والصلوات إيمانا في كتابه، وذلك حين صرف الله -تعالى- وجه نبيه -صلى الله عليه وسلم- من الصلاة إلى بيت المقدس، وأمره بالصلاة إلى الكعبة، وكان المسلمون قد صلوا إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، فقالوا يا رسول الله! أرأيت صلاتنا التي كنا نصليها إلى بيت المقدس ما حالها وحالنا؟ فأنزل الله -تعالى-: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾، فسمى الصلاة إيمانا، فمن لقي الله حافظا لصلواته حافظا لجوارحه مؤديا بكل جارحة من جوارحه ما أمر الله به وفرض عليها - لقي الله مستكملَ الإيمان من أهل الجنة، ومن كان لشيء منها تاركا متعمدا مما أمر الله به؛ لقي الله ناقص الإيمان.

قال: عرفت نقصانه وتمامه فمن أين جاءت زيادته؟ قال الشافعي: قال الله -جل ذكره-: ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾، وقال: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾.

قال الشافعي: ولو كان هذا الإيمان كله واحدا لا نقصان فيه ولا زيادة؛ لم يكن لأحد فيه فضل، واستوى الناس وبطل التفضيل، ولكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة وبالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله في الجنة، وبالنقصان من الإيمان دخل المفرطون النار.

قال الشافعي: إن الله -جل وعز- سابق بين عباده كما سوبق بين الخيل يوم الرهان، ثم إنهم على درجاتهم من سبق عليه فجعل كل امرئ على درجة سبقه لا ينقصه فيه حقه ولا يقدم مسبوق على سابق، ولا مفضول على فاضل، وبذلك فضل أول هذه الأمة على آخرها، ولو لم يكن لمن سبق إلى الإيمان فضل على من أبطأ عنه للحق آخر هذه الأمة بأولها.

بعد هذا العرض الموجز لأصول مذهب الإمام الشافعي وعقيدته، نتطرق إلى شعره. فقد عرف الإمام الشافعي كإمام من أئمة الفقه الأربعة، لكن الكثيرين لا يعرفون أنه كان شاعرا.

لقد كان الشافعي فصيح اللسان بليغا حجة في لغة العرب، عاش فترة من صباه في بني هذيل، فكان لذلك أثر واضح على فصاحته وتضلعه في اللغة والأدب والنحو، إضافة إلى دراسته المتواصلة واطلاعه الواسع، حتى أصبح يرجع إليه في اللغة والنحو. فكما مر بنا سابقا فقد قال الأصمعي: صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له: محمد بن إدريس. وقال أحمد بن حنبل: كان الشافعي من أفصح الناس، وكان مالك تعجبه قراءته لأنه كان فصيحا. وقال أحمد بن حنبل: ما مس أحد محبرة ولا قلما إلا وللشافعي في عنقه منة. وقال أيوب بن سويد: خذوا عن الشافعي اللغة.

ويعتبر معظم شعر الإمام الشافعي في شعر التأمل، والسمات الغالبة على هذا الشعر هي التجريد والتعميم وضغط التعبير، وهي سمات كلاسيكية؛ إذ إن مادتها فكرية في المقام الأول، وتجلياتها الفنية هي المقابلات والمفارقات التي تجعل من الكلام ما يشبه الأمثال السائرة أو الحكم التي يتداولها الناس، ومن ذلك:

ما حك جلدك مثل ظفرك***فتول أنت جميع أمرك

ما طار طير وارتفع***إلا كما طار وقع

نعيب زماننا والعيب فينا***وما لزماننا عيب سوان

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها***فرجت وكنت أظنها لا تفرج


وقال أيضا:

إذا رمت أن تحيا سليما من الردى***ودينك موفور وعرضك صيِّن

فلا ينطق منك اللسان بسوأة***فكلك سوآت وللناس ألسن

وعيناك إن أبدت إليك معائبا***فدعها وقل: يا عين! للناس أعين

وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى***ودافع ولكن بالتي هي أحسن


وقال أيضا:

الدهر يومان ذا أمن وذا خطر***والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر

أما ترى البحر تعلو فوقه جيف***وتستقر بأقـصى قـاعه الدرر

وفي السماء نجوم لا عداد لها***وليس يكسف إلا الشمس والقمر


واذا كان شعر التأمل ينزع إلى التجريد والتعميم، فليس معنى ذلك أنه خال تماما من الصور والتشبيهات الكلاسيكية، ولكنها تشبيهات عامة لا تنم عن تجربة شعرية خاصة، فشعر التأمل ينفر من الصور الشعرية ذات الدلالة الفردية، ويفضل الصور التي يستجيب لها الجميع. فالشافعي يقدم لنا أقوالا نصفها اليوم بأنها تقريرية.

في أدناه صور من أشعار الإمام الشافعي:

ولمَّا قَسَا قلبِي وضَاقَتْ مَذَاهِبِي***جَعَلْتُ رجَائِي دُونَ عَفْوِكَ سُلَّمَ

تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فلمَّا قَرَنْتُهُ***بِعَفْوِكَ -ربِّي!- كانَ عفْوُكَ أعْظَمَ

فمَا زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عنِ الذَّنْبِ لمْ تَزَلْ***تَجُودُ وتَعْفُو مِنَّةً وتَكَرُّمَ


أما قوله في الزهد قوله:

عليك بتقوى الله إن كنت غافلا***يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري

فكيف تخاف الفقر والله رازق***فقد رزق الطير والحوت في البحر

ومن ظن أن الرزق يأتي بقوة***مـا أكـل الـعصفـور مـن النسـر

نزول عـن الدنـيا فـإنك لا تدري***إذا جن ليل هل تعش إلى الفجر

فكم من صحيح مات من غير علة***وكم من سقيم عاش حينا من الدهر


وعن مكارم الاخلاق قوله:

لما عفوت ولم أحقد على أحد***أرحت نفسي من هم العداوات

اني أحيي عدوي عند رؤيتـه***لأدفع الشــر عـني بـالتحيــات

وأظهر البشر للإنسان أبغضه***كما إن قد حشى قلبي محبات

الناس داء وداء الناس قربهم***وفي اعتـزالـهم قطـع المـودات


ومن مناجاته رحمة الله قوله:

بموقف ذلي دون عزتك العظمى***بمخفيِّ سـرٍّ لا أحيط به علم

بإطراق رأسـي باعترافي بذِلتي***بمد يدي استمطر الجود والرحمى

بأسمائك الحسنى التي بعض وصفها***لعزتها يستغرق النثر والنظم

أذقنا شراب الأنس يا من إذا سقى***محبا شرابا لا يُضام ولا يظم


وفي ختام هذه الوقفات من سيرة الإمام الشافعي نتطرق إلى تواضعه وورعه وعبادته فان الشافعي مشهورا بتواضعه وخضوعه للحق وتشهد له بذلك دروسه ومعاشرته لأقرانه وتلاميذه وللناس. كما أن العلماء من أهل الفقه والأصول والحديث واللغة اتفقوا على أمانة الشافعي وعدالته وزهده وورعه وتقواه وعلو قدره، وكان مع جلالته في العلم مناظرا حسن المناظرة، أمينا لها طالبا للحق لا يبغي صيتا وشهرة حتى أثِرَتْ عنه هذه الكلمة: "ما ناظرت أحدا إلا ولم أبالِ يبين الله الحق على لسانه أو لساني.

وبلغ من إكبار أحمد بن حنبل لشيخه الشافعي أنه قال حين سأله ابنه عبد الله: أي رجل كان الشافعي؟ فإني رأيتك تكثر الدعاء له؟ قال: كان الشافعي كالشمس للنهار وكالعافية للناس؛ فانظر هل لهذين من خلف او عنهما من عوض؟!

وكان الشافعي -رحمه الله- فقيه النفس، موفور العقل، صحيح النظر والتفكر، عابدا ذاكرا، وكان -رحمه الله- محبا للعلم؛ حتى إنه قال: طلب العلم أفضل من صلاة التطوع، ومع ذلك روى عنه الربيع بن سليمان تلميذه أنه كان يحي الليل صلاة إلى أن مات رحمه الله، وكان يختم في كل ليلة ختمة.

وروى الذهبي في السير عن الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي قد جزأ الليل، فثلثه الأول يكتب، والثاني يصلي، والثالث ينام.

وقال الذهبي: أفعاله الثلاثة عبادة بالنية.

والحق ما قاله الذهبي؛ فإن النيات صَنعة العلماء، والعلم إذا أثمر العمل؛ وضع صاحبه على طريق النجاة، وما أحوج أمتنا اليوم إلى العلماء العاملين الصادقين العابدين الذين تفزع اليهم الأمة في الأزمات وما أكثرها ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وظل الإمام الشافعي في مصر ولم يغادرها يلقي دروسه ويحيط به تلامذته حتى لقي ربه في الثلاثين من رجب عام أربعة ومئتين، ومن أروع ما رُثي به من الشعر قصيدة لمحمد بن دريد يقول في مطلعها:

ألم تر آثار ابن إدريس بعده***دلائلها في المشـكلات لوامع

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على أشرف الخلق سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.




المراجع:

أحمد تمام، الشافعي ملامح وآثار في ذكرى وفاته.

د.محمد عبد الرحمن الخميس، اعتقاد أئمة السلف أهل الحديث.

محمد خميس، الإمام الشافعي شاعرا.

موسوعة المورد الحديثة.

الهيئة المصرية للكتاب، ديوان الإمام الشافعي.

طريق الاسلام، قيام الشافعي.





\7





يتبع



الأكاديمية الإسلامية




[/cell][/table1]
رد مع اقتباس