عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-24-2011, 02:58 PM
الدكتور سليم السلمي غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
الدولة: السعودية
المشاركات: 27
Gamr4 كاميرا الشاعر الخفيّة

كـاميرا الشاعـر الخفيَّـة
لا شك أن الشاعر يحمل كاميرةً خفيَّةً، تكُمن في عقلِهِ، يلتقط بها الصور الفنيَّة، ويوظفها في إبداعه الشعري الذي يُرصد من كلماته المُلقاة، ويبثها مباشرة على المتلقي(السامع والقارئ)، بصورة لها دور في تكثيف اللغة الشعرية، أو الحط منها، فالشاعر في هذا المجال هو الذي يجعل المتلقي يحكم على هذا النص من خلال ما بداخله من توظيفات جذابة.
وهذه الومضة الشعريَّة التي يتقمصها الشاعر، تسمى بالفلاش الجاذبي، من خلالها يقتبس كلَّ شيءٍ في حقيقته وكلَّ ما تقع عليه حواسه، دون تزييفٍ في الصورة المقتبسة من المصدر سواءً كان المصدر مصدرًا طبيعيًا أو اجتماعيًا، يقود الشاعر إلى النظر والتفكير.
وعلى سبيل المثال، نرى الشاعر عنترة بن شداد العبسي، وهو يلتقط صوره بعد الانتهاء من المعركة، مصورًا حقيقة ما جرى في أفضل ما يُرى، فهذه الكاميرا الخفيَّة بطبيعة الحال، ويبدو واضحاً في قوله:
يدعــون عنترة والرماح كأنهــا
أشطأن بئــرٍ فــي لبان أدهــم

ولقــد ذكرتك والـرماح نـواهل
منـي وبيض الهند تقطر من دمـي

فــوددت تقبيـل السيـوف لأنـها
لمعـت كبـارق ثغـرك المُتبسِّـمِ

وهذه الخنساء وهي تصور جمال وصفاء وجه أخاها صخرًا بعد مماته، حينما قالت:
أغـر أزهر مثل البـدر صورتُـهُ
صـافٍ عتيق فما في وجهه نـدب

وهذه الكاميرا لا ينتمي إليها كل شاعر، بل تكون سمةً في الشاعر الفطن الذي يوظفها جيدًا، ويحمها بالصورة الفنية الذاتية، مثل الصور الاستعارية والكنائية والتشبيهية، والسمعية والبصرية، والذوقية والشمية، والإنزياحية والرمزية والتناصية، وغيرها من الأساليب التي يتميز بها الشاعر عن غيره في نصه الشعري.