1- ابنتي إن الأشخاصالعظماء هم من يروضون الأحداث ويجعلونها تحت تصرفهم، وذلك عن طريق التفاعل الايجابي معها,
وإن من أراد أن يحيا حياة كريمة لابد أن تتسع عنده الدوائر وينظر للحياة نظرةشمولية ويدرك أن الحياة أجزاء وليست وحدة واحدة,
إن استقامت في جزء لربما عاندت فيجزء، وهذا لاشك من أخلاق الأيام وطباعها،
لذا أول ما أنصحك به معرفة طبائع الأيام وخلائق البشر
فلا تظني أنها ستأتيك بحسب ما تشتهين وتقبل عليك متى أردت!
2- إن من كمال عقل الإنسان وعلو رؤيته هي إحساسه بوجود المشكلة وأعلى من هذا قدرته علىتسميتها وتحديدها
وهذا ما قرأته في رسالتك حيث قلت: إنني أعاني من( فراغ عاطفي),
وهذا الفراغ لربما كنتِ سببا في توسيع دائرته وتضخيم حجمه عندما جعلتيه أهم مافيالحياة!
ولا أتجرأ يا ابنتي على التقليل من قدر العاطفة وأهمية وجود الصدرالحنون والقلوب الكبيرة في حياتنا
ولكن المأزق الحقيقي الذي يشوه جمال الحياةوروعتها هو التمحور حول الجانب العاطفي وجعله قيمة عليا أولى في حياتنا والتركيزعليه فقط
وتحييد العقل وأن يجعل منه نافذة وحيدة نطل بها على حدائق السعادة وواحاتالفرح...
3- أقلي من اللوم على والدتك ويكفي والله وجودها في حياتك كأعظمنعمة تستحق منك شكرها ليل نهار..
اقتربي منها أكثر تفهمي الضغوطات التي تعاني منه وتأكدي أن علاقتك مع والدتك ليست علاقة أقران وأنداد
أوعلاقة يحكمه العطاء المتبادلأبدا فهناك فاتورة يلزم عليك سدادها لقاء سنوات عديدة من التضحيات والبذل من قبلها.
4- قسم المفكر الشهير هيرمان البشر إلى عدة أنماط إلى:
المنطقي العملي والتحليلي المتأمل والمبدع المفكر والعاطفي التعبيري
وأنت شخصيتك قد استقرت في المربع الأخير،
ويمكن أن تكون شخصية من حولك في إحدى المربعات الأخرى والشخصيةالانضج هي التي تتشكل من مزيج من تلك الانماط،
فلذا يجب ألاتكثري عتاب من حولك بممارسة التدقيق الزائد عليهم
وجميل أن تتعاملي مع كل إنسان وبحسب نمطه فهذا أدعىأن تكوني شخصية ذات حضور قوي ومؤثر...
5- مما علمتني الحياة ابنتي الكريمةأن الأشخاص الذين تغلغلت في عروقهم العاطفة (الزائدة)
لايصمدون أمام أعاصير الزمان ولا غاديات الأيام
وأربأ بمثلك أن يتسول العاطفة هنا وهناك لأن الحب قد يعبر عنهبأساليب عديدة وصور متنوعة غير الأحضان والكلام..
6- لاحظت ابنتي الكريمةحضور لغة التعميم في رسالتك حيث ألقيت باللوم على الجميع،
وأنهم لايسمعون لك! فهلاجتمعوا على الإضرار بك واتفقوا على مقاطعتك!
وهذا أمر بعيد وأظنك من الأشخاص كثيريالشكاية ودائمي التذمر وهذا الصنف لا يحظى بترحيب كامل من قبل الآخرين,
راجعي نفسكوتثقفي في مجال العلاقات الإنسانية وفنون التعامل.
7- كل ما تحتاجينه أختيفي هذه المرحلة هو تبني موقف (فكري إيجابي) تجاه نفسك وتجاه من حولك وتجاه الحياة
فالسعادة في الحياة لاتوهب لنا ولا تهدى فهي متاحة لنا دائما وباستمرار فقط عندمانُحسّن من مواقفنا الفكرية
من أجمل ما سمعت كلاما للصحفي الأبرز عربيا مصطفى أمين- رحمه الله- يقول فيه:
لست أضيق بالحياة حتى وأنا في زنزانتي ولست أملها فأنا أعلم أنها تحبني وأنا كذلك أحبها.
.أعطتني وأخذت..ولكن أعطتني أضعاف أضعاف ما أخذت..وضعتفي بنك الحياة جهدي وعرقي وفكري ودمي
فأعطاني البنك أكثر مما تمنيت لذا فأنا لاأسخط على الدنيا فأنا هو الدنيا فكيف أسخط على نفسي!
كلام جميل وإبحار نحوالحقيقة ما أحوجنا جميعا لنتشرب مافيه من معان عميقة ومفاهيم جميلة..
وفقكالله وسدد أمرك وجعلك من الصالحات
د/ خالد