تسجيل دخول

منتدى الشـريعة والحيــاة منتدى مخصص للمواضيع الاسلامية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-05-2010, 11:22 PM
صالح الشكري غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: جدة
المشاركات: 1,065
افتراضي صورة حقيقة الايمان

صراع اليقين مع أحداث الحياة والغفلة عنه بالعبادات





ليس المؤمن بالذي يؤدي فرائض العبادات صورة، ويتجنب المحظورات فحسب إنما المؤمن هو الكامل الإيمان، لا يختلج في قلبه اعتراض، ولا يساكن نفسه فيما يجري وسوسة.
وكلما اشتد البلاء عليه زاد إيمانه وقوي تسليمه.
وقد يدعو فلا يرى للإجابة أثراً، وسره لا يتغير لأنه يعلم أنه مملوك وله مالك يتصرف بمقتضى إرادته.
فإنه اختلج في قلبه اعتراض خرج من مقام العبودية إلى مقام المناظرة، كما جرى لإبليس.
والإيمان القوي يبين أثره عند قوة البلاء.
فقد يرى مثل يحيى بن زكريا يتسلط عليه فاجر فيأمر بذبحه فيذبح، وربما اختلج في الطبع أن يقول فهل رد عنه من جعله نبياً؟.

وكذلك كل تسلط من الكفار على الأنبياء والمؤمنين وما وقع رد عنهم، فإن هجس بالفكر أن القدرة تعجز عن الرد عنهم كان ذلك كفراً.


وإن علم أن القدرة متمكنة من الرد وما ردت وأن الله قد يجيع المؤمنين ويشبع الكفار، ويعافي العصاة، ويمرض المتقين، لم يبق إلا التسليم للمالك وإن أمرض وأرمض..
وقد ذهب يوسف بن يعقوب عليهما السلام فبكى يعقوب ثمانين سنة ثم لم ييأس، فلما ذهب ابنه الآخر قال: " عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَميعاً " .
وقد دعا موسى عليه السلام على فرعون، فأجيب بعد أربعين سنة.
وكان يذبح الأنبياء ولا ترده القدرة القديمة العظيمة وصلب السحرة، وقطع أيديهم.
وكم من بلية نزلت بمعظم القدر، فما زاده ذلك إلا تسليماً ورضىَ فهناك يبين معنى قوله: " وَرَضُوا عنه " .
وههنا يظهر قدر قوة الإيمان لا في ركعات.
قال الحسن البصري: استوى الناس في العافية فإذا نزل البلاء تباينوا.




فقه الحكمة العليا
رأيت كثيراً من المغفلين يظهر عليهم السخط بالأقدار.
وفيهم من قل إيمانه، فأخذ يعترض.
وفيهم من خرج إلى الكفر، ورأى أن ما يجري كالعبث، وقال ما فائدة الإعدام بعد الإيجاد، والابتلاء ممن هو غني عن أذانا.
فقلت لبعض من كان يرمز إلى هذا: إن حضر عقلك وقلبك حدثتك.
وإن كنت تتكلم بمجرد واقعك من غير نظر وإنصاف فالحديث معك ضائع.
ويحك، أحضر عقلك، واسمع ما أقول: أليس قد ثبت أن الحق سبحانه مالك، وللمالك الحق أن يتصرف كيف يشاء !.
أليس قد ثبت أنه حكيم والحكيم لا يعبث !.
وأنا أعلم أن في نفسك من هذه الكلمة شيئاً فإنه قد سمعنا عن جالينوس أنه قال: ما أدري ؟ أحكيم هو أم لا.
والسبب في قوله هذا، أنه رأى نقضاً بعد إحكام، فقاس الحال على أحوال الخلق وهو أن من بنى ثم نقض لا لمعنى فليس بحكيم.
وجوابه لو كان حاضراً أن يقال: بماذا بان لك أن النقض ليس بحكمة ؟.
أليس بعقلك الذي وهبه الصانع لك ؟.
وكيف يهب لك الذهن الكامل ويفوته هو الكمال ؟.
وهذه هي المحنة التي جرت لإبليس. فإنه أخذ يعيب الحكمة بعقله، فلو تفكر علم أن واهب العقل أعلى من العقل، وأن حكمته أوفى من كل حكيم، لأنه بحكمته التامة أنشأ العقول.
فهذا إذا تأمله المنصف زال عنه الشك.
وقد أشار سبحانه إلى نحو هذا في قوله تعالى: " أم لَهُ البنات ولكم البنون " أي أجعل لنفسه الناقصات وأعطاكم الكاملين ؟.
فلم يبق إلا أن نضيف العجز عن فهم ما يجري إلى نفسنا.
ونقول هذا فعل عالم حكيم. ولكن ما يبين لنا معناه.
وليس هذا بعجب، فإن موسى عليه السلام خفي عليه وجه الحكمة في نقض السفينة الصحيحة، وقتل الغلام الجميل، فلما بين له الخضر وجه الحكمة أذعن.
فليكن المرء مع الخالق كموسى مع الخضر.
أولسنا نرى المائدة المستحسنة بما عليها من فنون الطعام النظيف الظريف يقطع ويمضغ ويصير إلى ما نعلم. ولسنا نملك ترك الأفعال ولا ننكر الإفساد له، لعلمنا بالمصلحة الباطنة فيه.


من كلام الإمام إبن الجوزي في الصيد

</i>
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:02 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
كل الآراء المنشورة ( مواضيع ومشاركات ) تمثل رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن رأي القائمين على الموقع


دعم وتطوير استضافة تعاون