تسجيل دخول

العودة   منتدى سليم > المنتدى الــعـــام > منتدى قبيلة سليم الإسلامي > منتدى الشـريعة والحيــاة > منتدى ( القُــــــراء وطلبة العلم )
منتدى ( القُــــــراء وطلبة العلم ) يهتم بقُــــــــراء القُران الكريم وطلبة العلم وخطب الجمعة والفتاوي العلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-09-2009, 03:50 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج المصيبة و تخفيفها







\7



قال تعالى‏:‏ ‏((وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ)) ‏[‏البقرة‏:‏ 155‏]‏‏.‏ وفي ((المسند)) عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏((‏مَا مِنْ أَحَدٍ تُصِيبُه مُصِيبَةٌ فَيُقُولُ‏:‏ إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وأَخْلِفْ لي خيراً مِنْهَا، إِلاَّ أَجَارَهُ الله في مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا‏)) (1)‏‏.‏
وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب، وأنفعه له في عاجلته وآجلته، فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن مصيبته‏
أحدهما‏:‏ أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجلَّ حقيقة ، وقد جعله عند العبد عارية ، فإذا أخذه منه ، فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير ، وأيضاً فإنه محفوف بِعَدَمَيْنِ‏:‏ عدمٍ قبلَه ، وعدم بعده ، وملك العبد له متعة معارة في زمن يسير، وأيضاً فإنه ليس الذي أوجده عن عدمه ، حتى يكون ملكه حقيقةً ، ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده ، ولا يُبقي عليه وجوده ، فليس له فيه تأثير، ولا ملك حقيقي ، وأيضاً فإنه متصرف فيه بالأمر تصرُّفَ العبد المأمور المنهي، لا تصرف الملاك ، ولهذا لا يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي‏.‏
والثاني‏:‏ أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق ، ولا بد أن يُخلِّفَ الدنيا وراءَ ظهره ، ويجيء ربه فرداً كما خلقه أوَّل مرة بلا أهل ولا مال ولا عشيرة ، ولكن بالحسنات والسيئات ، فإذا كانت هذه بداية العبد وما خُوِّله ونهايته ، فكيف يفرح بموجود ، أو يأسى على مفقود ، ففكره في مبدئه ومعاده من أعظم علاج هذا الداء ، ومن علاجه أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليُخطئه، وما أخطأه لم يكُن لِيُصيبه‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏((مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ))‏ ‏[‏الحديد‏:‏ 22‏]‏‏.‏
ومن علاجه: أن ينظر إلى ما أصيب به ، فيجد ربه قد أبقى عليه مثله ، أو أفضل منه ، وادّخر له ـ إن صبر ورضي ـ ما هو أعظمُ مِن فوات تِلك المصيبة بأضعافٍ مُضاعفة ، وأنه لو شاء لجعلها أعظم مما هي‏.‏
ومن عِلاجه: أن يُطفئ نارَ مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب ، وليعلم أنه في كل وادٍ بنو سعد (1) ، ولينظر يَمنة ، فهل يرى إلا محنة ‏؟‏ ثم ليعطف يَسرة ، فهل يرى إلا حسرة‏ ؟‏ (2) ، وأنه لو فتش العالم لم ير فيهم إلا مبتلى ، إما بفوات محبوب ، أو حصول مكروه ، وأن شرورَ الدنيا أحلامُ نوم أو كظل زائلٍ ، إن أضحكت قليلاً ، أبكت كثيراً ، وإن سرت يوماً ، ساءت دهراً ، وإن متَّعت قليلا ، منعت طويلاً ، وما ملأت داراً خيرةً إلا ملأتها عَبْرة ، ولا سرته بيومِ سرور إلا خبأت له يومَ شرور، قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ‏:‏ لكل فرحةٍ ترحة ، وما مُلئ بيتٌ فرحاً إلا ملئ ترحاً‏.‏ وقال ابن سيرين‏:‏ ما كان ضحك قطُّ إلا كان من بعده بُكاء‏.‏



(1) أخرجه أحمد 4/ 27 من حديث أم سلمة عن أبي سلمة ، وهو صحيح مسلم (918) (4) في الجنائز: باب ما يقال عند المصيبة، من حديث أم سلمة.
(1) مقتبس من المثل للأضبط بن قريع: في كل وادٍ سعد بن زيد.
(2) اقتباس من رسالة بديع الزمان الهمذاني إلى أبي عامر الضبي يعزيه ببعض أقاربه، انظر الرسائل ص 93 طبع الجوائب.



كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزية



\4
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-14-2009, 10:09 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج المصيبة و تخفيفها

وقالت هند بنت النعمان‏:‏ لقد رأيتُنا ونحن مِن أعزِّ الناس وأشدهم ملكًا، ثم لم تَغِبِ الشمسُ حتى رأيتُنا ونحن أقلُّ الناس، وأنه حق على الله ألاَّ يملأ دارًا خيرة إلا ملأها عبرة‏.‏
وسألها رجلٌ أن تحدثه عن أمرها، فقالت‏:‏ أصبحنا ذا صباح ، وما في العرب أحد إلا يرجونا ، ثم أمسينا وما في العرب أحد إلا يرحمُنا‏.‏
وبكت أختها حُرْقَة بنت النعمان يومًا ، وهي في عزها ، فقيل لها‏ :‏ ما يُبكيك ، لعل أحدًا آذاك‏؟‏ قالت‏ :‏ لا ، ولكن رأيتُ غَضارة (1) في أهلي ، وقلما امتلأت دارٌ سرورًا إلا امتلأت حُزنا‏.‏
قال إسحاق بنُ طلحة‏ :‏ دخلتُ عليها يومًا ، فقلتُ لها ‏:‏ كيف رأيتِ عبراتِ الملوك‏ ؟ ‏ فقالت ‏:‏ ما نحنُ فيه اليوم خيرٌ مما كنا فيه الأمس ، إنا نجِدُ في الكتب أنه ليس مِن أهل بيت يعيشون في خيرة إلا سيُعقَبون بعدها عبرة ، وأن الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بَطَن لهم بيوم يكرهونه ، ثم قالت‏ :‏
[poem=font="traditional arabic,6,orange,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/3.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
فَبَيْنَا نَسُوسُ النَّاسَ والأمْرُ أَمْرُنَا = إِذَا نَحْنُ فِيهِمْ سوقة نَتَنَصَّفُ
فَأُفٍّ لِدُنْيا لا يَدُومُ نَعِيمُهَا = تَقَلَّبُ تَارَاتٍ بِنَا وتَصَرَّفُ (2)[/poem]

ومن علاجها أن يعلم أن الجزع لا يردها ، بل يُضاعفها ، وهو في الحقيقة من تزايد المرض‏.‏
ومن عِلاجها أن يعلم أن فوت ثواب الصبر والتسليم ، وهو الصلاةُ والرحمة والهداية التي ضمنها الله على الصبر ، والإسترجاع أعظمُ مِن المصيبة في الحقيقة‏.‏
ومن علاجها أن يعلم أن الجَزَعَ يُشمت عدوه ، ويسوء صديقه ، ويُغضب ربه ، ويسرُّ شيطانه ، ويُحبط أجره ، ويُضعف نفسه ، وإذا صبر واحتسب أنضى شيطانه ، ورده خاسئًا ، وأرضى ربه ، وسر صديقه ، وساء عدوه ، وحمل عن إخوانه ، وعزاهم هو قبل أن يُعَزُّوه ، فهذا هو الثباتُ والكمال الأعظم ، لا لطمُ الخدودِ ، وشقُّ الجيوب ، والدعاءُ بالويل والثبور ، والسخط على المقدور‏.‏
ومن علاجها‏:‏ أن يعلم أن ما يُعقبه الصبرُ والاحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما كان يحصُل له ببقاء ما أُصيبَ به لو بقي عليه ، ويكفيه من ذلك بيتُ الحمد الذي يُبنى له في الجنة على حمده لربه واسترجاعه ، فلينظر‏:‏ أيُّ المصيبتين أعظمُ ‏؟‏ ‏:‏ مصيبةُ العاجلة ، أو مصيبةُ فواتِ بيت الحمد في جنة الخلد‏.‏ وفي الترمذي مرفوعًا‏:‏ (‏( ‏يَوَدُّ نَاسٌ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَّ جُلُودَهُم كَانَتْ تُقْرَضُ بِالمَقَارِيضِ في الدُّنيا لِمَا يَرَوْنَ مِنْ ثَوابِ أَهْلِ البَلاَءِ‏)) (1)‏‏ .‏
وقال بعضُ السلف ‏:‏ لو لا مصائب الدنيا لوردنا القيام مفاليس ‏.‏


ومن علاجها‏ :‏ أن يروِّح قلبه بروح رجاء الخَلَفِ من الله ، فإنه مِن كل شيء عوض إلا الله ، فما مِنه عوض كما قيل‏:‏
[poem=font="traditional arabic,6,orange,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/3.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
مِنْ كُلِّ شَيء إذا ضَيَّعْتَهُ عِوَضٌ = ومَا مِنَ اللهِ إنْ ضَيَّعْتَهُ عِوَضُ [/poem]


ومِن علاجها‏ :‏ أن يعلم أن حظه من المصيبة ما تُحدثه له ، فمن رضي ، فله الرِّضى ، ومن سخط ، فله السخط ، فحظُّك منها ما أحدثته لك ، فاختر خيرَ الحظوظ أو شرها ، فإن أحدثت له سخطًا وكفرًا ، كتب في ديوان الهالكين ، وإن أحدثت له جزعًا وتفريطًا في ترك واجب ، أو فعل محرم، كتب في ديوان المفرِّطين ، وإن أحدثت له شكاية ، وعدم صبر ، كتب في ديوان المغبونين، وإن أحدثت له اعتراضًا على الله ، وقدحًا في حكمته ، فقد قرع باب الزندقة أو ولجه ، وإن أحدثت له صبرًا وثباتًا لله ، كتب في ديوان الصابرين ، وإن أحدثت له الرضى عن الله ، كتب في ديوان الراضين ، وإن أحدثت له الحمدَ والشكر ، كتب في ديوان الشاكرين ، وكان تحتَ لواء الحمد مع الحمَّادين ، وإن أحدثت له محبة واشتياقًا إلى لقاء ربه ، كُتِبَ في ديوان المحبِّين المخلصين‏.‏




(1) الغضارة : طيب العيش ، قال ابن عبد ربه صاحب ((العقد)) :

[poem=font="simplified arabic,6,darkred,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
ألا إنما الدنيا غضارة أيكةٍ = إذا اخضرَّ منها جانب جفَّ جانب[/poem]

(2) البيتان في ((المؤتلف و المختلف)) ص 145 ، و الحماسة ص 1203 بشرح المرزوقي، و خزانة الأدب 3/ 178 ، و قولها : الأمر أمرنا ، أي : لا يد فوق أيدينا ، و السوقة : من دون الملك ، و نتنصف : نخدم ، و الناصف : الخادم.
(1) أخرجه الترمذي (2404) في الزهد: باب ما يود أهل العافية في الجنة، من حديث عبد الرحمن بن معزاء عن الأعمش عن أبي الزبير بن جابر، و عبد الرحمن بن معزاء ضعيف، أنكرت عليه أحاديث يرويها عن الأعمش لا يتابعه عليها الثقات ، و فيه عنعنة الأعمش و أبي الزبير



\7


\4
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-19-2009, 01:42 AM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج المصيبة و تخفيفها

وفي ((مسند الإمام أحمد)) والترمذي ، من حديث محمود بن لبيد يرفعه‏:‏ ‏((‏إنَّ الله إذا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ، فَمن رَضِيَ فَلَهُ الرِّضى، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ‏))‏‏.‏ زاد أحمد‏:‏ ‏((‏وَمَنْ جَزِعَ فله الجَزَعُ‏)‏‏) (1).‏
ومِن علاجهَا‏:‏ أن يعلم أنه وإن بلغ في الجزع غايته، فآخرُ أمره إلى صبر الاضطرار، وهو غيرُ محمود ولا مُثاب، قال بعض الحكماء‏:‏ العاقلُ يفعل في أوَّل يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام، ومَنْ لم يصبر صَبْرَ الكرام، سلا سُلُوَّ البهائم‏.‏ وفي ((الصحيح)) مرفوعًا‏:‏ ‏(‏((الصَبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأولى)‏) (2)‏‏.‏ وقال الأشعث بن قيس‏:‏ إنك إن صبرتَ إيمانًا واحتسابًا، وإلا سَلَوْتَ سُلُوَّ البهائِم‏.‏
ومِن علاجها‏:‏ أن يعلم أن أنفع الأدوية له موافقةُ ربه وإلهه فيما أحبه ورضيه له، وأن خاصية المحبة وسِرَّها موافقةُ المحبوب، فمن ادعى محبة محبوب، ثم سَخِطَ ما يُحِبُّه، وأحبَّ ما يُسخطه، فقد شهد على نفسه بكذبه، وتَمقَّتَ إلى محبوبه‏.‏
قال أبو الدرداء‏:‏ أن الله إذا قضى قضاء، أحب أن يرضى به، وكان عِمران بن حصين يقول في علته‏:‏ أَحَبُّهُ إِليَّ أَحَبُّهٌ إِلَيْهِ، وكذلك قال أبو العالية‏.‏
وهذا دواء وعِلاج لا يعمل إلا مع المحبِّين، ولا يُمكن كُلّ أحد أن يتعالج به‏.‏
ومن عِلاجها‏:‏ أن يُوازن بين أعظم اللذتين والمتعتين، وأدومِهما‏:‏ لذَّةِ تمتعه بما أُصيب به، ولذةِ تمتُّعه بثواب الله له، فإن ظهر له الرجحان، فآثر الراجِحَ، فليحمدِ الله على توفيقه، وإن آثر المرجوحَ من كل وجه، فليعلم أن مصيبتَه في عقله وقلبه ودينه أعظمُ مِن مصيبته التي أُصيب بها في دنياه‏.‏
ومن علاجها أن يعلم أن الذي ابتلاه بها أحكمُ الحاكمين، وأرحمُ الراحمين، وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاءَ ليهلكه به، ولا ليعذبه به، ولا ليجتاحَه، وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه، وليسمع تضرُّعه وابتهاله، وليراه طريحًا ببابه، لائذًا بجنابه، مكسورَ القلب بين يديه، رافعًا قصصَ الشكوى إليه‏.‏
قال الشيخ عبد القادر‏:‏ يا بني ‏!‏ إن المصيبةَ ما جاءت لِتُهلِكَكَ، وإنما جاءت لتمتحِنَ صبرك وإيمانَك، يا بني ‏!‏ القَدَرُ سَبُعٌ، والسَّبُعُ لا يأكُل الميتةَ‏.‏
والمقصود‏:‏ أن المصيبة كِير العبدِ الذي يُسبك به حاصله، فإما أن يخرج ذهبًا أحمر، وإما أن يخرج خبثًا كله، كما قيل‏:‏

[poem=font="Traditional Arabic,7,orangered,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/19.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
سَبَكْنَاهُ وَنَحْسِبُه لُجَيْنَاً = فَأَبْدَى الكِيرُ عَنْ خَبَثِ الحَدِيدِ [/poem]

فإن لم ينفعه هذا الكير في الدنيا، فبين يديه الكِير الأعظم، فإذا علم العبد أن إدخاله كير الدنيا ومسبكها خيرٌ له من ذلك الكير والمسبك، وأنه لا بد مِن أحد الكيرين، فليعلم قدرَ نعمة الله عليه في الكِير العاجل‏.‏
ومن علاجها‏:‏ أن يعلم أنه لو لا مِحَنُ الدنيا ومصائبُها، لأصاب العبدَ ـ مِن أدواء الكِبْرِ والعجب والفرعنة وقسوة القلب ـ ما هو سببُ هلاكه عاجلاً وآجلاً، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقَّده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب، تكون حِمية له من هذه الأدواء، وحفظًا لصحة عُبوديته، واستفراغًا للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه، فسبحانَ من يرحمُ ببلائه، ويبتلي بنعمائه كما قيل‏:‏


[poem=font="Traditional Arabic,7,orangered,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/19.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex
num="0,black""]
قَدْ يَنْعِمُ اللهُ بِالبَلْوى وإِنْ عَظُمَتْ = ويَبْتَلِي اللهُ بَعْضَ القَوْمِ بِالنِّعَمِ[/poem]







(1) حديث صحيح، أخرجه أحمد في ((المسند)) 5/ 427 و 429 من طريقين بلفظ : ((‏إنَّ الله إذا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ، فمن صبر فله الصبر، و من جزع فله الجزع)) و أخرجه الترمذي (2398) ، و ابن ماجه (4031) من حديث أنس بلفظ : ((إن عظم الجزاء من عظم البلاء، و‏إنَّ الله إذا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ، فَمن رَضِيَ فَلَهُ الرِّضى، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ‏ )) و سنده حسن.
(2) أخرجه البخاري 3/ 138 في الجنائز: باب الصبر عند الصدمة الأولى، و مسلم (926) في الجنائز: باب في الصبر في المصيبة عند الصدمة الأولى، من حديث أنس بن مالك.




\7

\4
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-22-2009, 02:25 PM
الصورة الرمزية مرسي البقيلي
مرسي البقيلي غير متواجد حالياً
إداري سابق
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 4,170
افتراضي رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج المصيبة و تخفيفها

روى ابن ماجه في سننه من حديث أبي سعيد الخدري، قال‏:‏ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏إذا دخلتم على المريض، فنفسوا له في الأجل، فإن ذلك لا يرد شيئًا، وهو يطيب نفس المريض‏)‏‏.‏ وفي هذا الحديث نوع شريف جدًا من أشرف أنواع العلاج، وهو الإرشاد إلى ما يطيب نفس العليل من الكلام الذي تقوى به الطبيعة، وتنتعش به القوة، وينبعث به الحار الغريزي، فيتساعد على دفع العلة أو تخفيفها الذي هو غاية تأثير الطبيب‏.‏ وتفريح نفس المريض، وتطييب قلبه، وإدخال ما يسره عليه، له تأثير عجيب في شفاء علته وخفتها، فإن الأرواح والقوى تقوى بذلك، فتساعد الطبيعة على دفع المؤذي، وقد شاهد الناس كثيرًا من المرضى تنتعش قواه بعيادة من يحبونه، ويعظمونه، ورؤيتهم لهم، ولطفهم بهم، ومكالمتهم إياهم، وهذا أحد فوائد عيادة المرضى التي تتعلق بهم، فإن فيها أربعة أنواع من الفوائد‏:‏ نوع يرجع إلى المريض، ونوع يعود على العائد، ونوع يعود على أهل المريض، ونوع يعود على العامة‏.‏ وقد تقدم في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كان يسأل المريض عن شكواه، وكيف يجده ويسأله عما يشتهيه، ويضع يده على جبهته، وربما وضعها بين ثدييه، ويدعو له، ويصف له ما ينفعه في علته، وربما توضأ وصب على المريض من وضوئه، وربما كان يقول للمريض‏:‏ ‏(‏لا بأس طهور إن شاء الله‏)‏، وهذا من كمال اللطف، وحسن العلاج والتدبير‏

فصل‏‏ في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج المرضى بتطييب نفوسهم وتقوية قلوبهم (كتاب الطب النبوي لابن قيم الجوزية)
__________________
قالَ رَسُولُ اللهِ : لَا يُـؤمِن أَحَدُكُم حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُـ تَبَعَاً لمِا جِئْتُ بِه ~

مَاأَخذَ العَبدُ مَاحُرّم عَليهِ إلّا مِن جِهتَين أحَداهُما: سُوء ظَنّه برَبّه وأَنّه لَو أطاعَه وَآثرَه لم يُعطِه خيرَاً مِنه حَلالا
والثانِية: أنْ يَكون عَـالِماً بذَلك وأنَّ مَن تَركَ للهِ شيئاً أعَاضَهُ خَيراً مِنه! ولَكِن تَغلِب شَهْوَته صَبرَه وَهوَاه عَقلَه
فالأول مِن ضَعف عِلمِه ، والثَّانِي مِن ضَعفِ عَقلِه وَبصِيرَته ~ ابن قيّم الجوزيّة

التعديل الأخير تم بواسطة الزهراء ; 09-10-2009 الساعة 12:25 PM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-10-2009, 12:27 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج المصيبة و تخفيفها

\7
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
كل الآراء المنشورة ( مواضيع ومشاركات ) تمثل رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن رأي القائمين على الموقع


دعم وتطوير استضافة تعاون