قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المصالح

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، سيدنا ونبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم . وبعد

فلنبدأ بتوفيق الله ، مستعينين به ، وأسأله الإخلاص في القول والعمل وهو ولي ذلك والقادر عليه .

فأتكلم في هذه الكلمات عن قاعدة عظيمة وكبيرة نعرف بها حكم أغلب النوازل التي لم يكن فيها نصاً صريحاً ولا حكم مشابه لها ولم تعرف من قبل .

وعرفت هذه القاعدة بتطبيقها المتعدد منذ القدم واستنبطت من الأدلة الشرعية من لدن العلماء كما أنها تعرف في كثير من المجالات اليوم في تطبيقها ، فعرفت في الأحكام وفي القضاء وفي جميع الأمور ألا وهي

درء للمفاسد أولى من جلب المصالح

وقد قمت بعمل قد سبقت به منذ أمد بعيد وهو جمع لبعض أدلتها و ببيان معنى مفرداتها وشرحها وبيان شروطها وبعض لتطبيقاتها المعاصره .

فأبدأ أولاً ببيان مفرداتها وشرحها :

كلمة درء يقصد بها : دفع ورفع و إزالة وترك .

المفاسد : كل ما يترتب عليه ضرر سواء ديني أو دنيوي أو ضرر على جسد هذا الشخص.

أولى : يقصد به التقديم أو أحق.

جلب : الإتيان والتحصيل .

المصالح : كل ما يترتب عليه نفع سواء ديني أو دنيوي أو غير ذلك .

فهذه القاعدة تقول إذا تعارضت في شيء ما المفسدة وكانت المفسدة أعظم فإن دفع ورفع هذه المفسدة أولى من تحصيل هذه المصلحة ولو كان في دفع المفسدة فواتاً للمصلحة.

وتعمل القاعدة هنا ويمكن تطبيقها على أمر ما، إذا تحققت شرطان وإذا اختل شرط منها فلا يمكن تطبيقها،والشرطان هي :

أولا:أن تكون المصلحة والمفسدة لا يمكن الفصل بينهما ولا يمكن أن نؤتي بأحدهما دون الآخر في تصرف واحد .

فمثلاً الإنترنت فيه مفاسد وفيه مصالح فيمكن الفصل بينهما وأن يؤتي بأحدهما دون الآخر بحث يعود لاستخدام الشخص وهذا لا تنطبق القاعدة.

ثانياً : أن تكون المفسدة غالبه على المصلحة ، بحيث لا تكون المفسدة والمصلحة متساويتان أو الغالبة لمصلحه .

فمثلاً الجوال توجد به مصالح ومفاسد ولكن المصلحة غلبة على المفسدة فلا تنطبق القاعدة هنا .

وأدلة هذه القاعدة كثيرة ولكن نذكر منها قوله تعالى ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله ) .

نهى سبحانه عن سب دين المشركين وفي سب دين المشركين مصلحة وهو تحقير دينهم وٍِِإهانته ، وكذلك إهانتهم لشركهم بالله والسبب في عدم سبهم المفسدة التي هي أعظم من المصلحة وهي أن يسبوا الله فدرءاً لهذه المفسدة قدمت على المصلحة .

قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ) .

أن الشارع اعتنى بالمنهيات أشد من اعتناءه بالمأمورات ففي الدليل أمر الشارع بإجتناب المنهيات التي هي المفاسد، وأما الأوامر فليأتوا بما استطاعوا منها وهذا يدل على عظم المفاسد وخطورتها ودرئها أولى من جلب أو تحقيق المصلح المشتركة معها .

قوله تعالى( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع لناس و إثمها أكبر من نفعها ) .

أن الله سبحانه وتعالى بين في الآية أن الخمر والميسر فيهما إثم كبير وهي هنا المفسدة وتوجد مصالح ومنافع فيها في بيعها وشربها وغير ذلك ولكن المفسدة أكبر من المنفعة فدرئة المفسدة هنا لأنها أكبر وأعظم من المصلحة والمنفعة المتحققة اليسيرة .



أما مجال تطبيق القاعدة فهي كثيرة جداً ولكن نذكر منها:

1- قرار تدريس المعلمات بصغار السن في المرحلة الابتدائية.

فيه مصالح يسيرة وهي المرأة أقرب إلى الأطفال بأسلوبها وعطفها ولأن الطفل في هذه السن أقرب لأمه من أبيه وغير ذلك .

أما المفاسد فهي كثيرة جداً منها على سبيل المثال لا الحصر .

أن في دراستهم لا بد أن يختلطوا من هم في سنهم من الإناث وإن وضعوا كل جنس في فصل خاص بهم، مما ينتج عنه مفاسد منها يكون الإختلاظ بعد تجاوزهم لسن التاسعة أو العاشرة أمراً عادي مما يجعل لدينا أجيالاً تستبيح الاختلاط ولا يستنكروا ذلك لأنه أمر عادي لديهم ن ويكون الاختلاط شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى جميع المجالات مع هذه الأجيال ( وكما هو معروف أن الاختلاط محرم فهذا الأسلوب يوقع أبنائنا في المحرمات والكبائر)

أن الدراسات تثبت أن الطفل في هذا العمر فهو مقلد يتلقى ويتمسك في بعض الأمور التي بعد وقت لا يمكن إقناعه بخلافها ، وكذلك الطفل سوف يكتسب صفت الإناث لأنه مقلد لمعلمته وزملائه ومن ذلك يتبين أن المفاسد أعظم من المصالح. وتنطبق قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المصالح .

2- الاختلاط في الدراسة في بعض الجامعات التي نراها بدأت الآن شيئاً فشيئاً

فالمصالح يسيره وقد لا تذكر : منها توفير المال ليكون بدلاً من 10 أو 20 جامعة تكون نصف العدد وغير ذلك من المصالح اليسير جداً .

أما المفاسد فلاحصر لها منها الوقوع في المحرمات والكبائر،لتجعل القلب ينحرف عن الاستقامة والدين ، وكذلك فيه عدم المبالاة بالدين ولا بالأدلة الشرعية ، ضعف شباب الأمة من ناحية الدين فيؤدي إلى ضعف الأمة وهزيمتها من أعدائها .

يكون هناك أبناء مجهولين الآباء وكثرة الأمراض وغيرها وكذلك أن الدراسات أثبتت الدراسة التي يفصل فيها الجنسين أفضل نتائج من المدارس التي يكون فيها الاختلاط بين الجنسين . وبذلك تنطبق قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المصالح .

3- الدخان فيه مصالح ومفاسد : المصالح اقتصادية أما المفاسد فهي كثيرة منها الأمراض الناتجة عنه وإهدار المال من لدن المدخن دون فائدة أو غيرها .

وبذلك تنطبق قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المصالح .

هذا ما استطعت كتابته في هذه القاعدة فإن كان صواباً فمن الله وإن كان خطأ فمن نفسي والشيطان ،والله اعلم

وإنني لم استدل بالآيات على التطبيقات لأن موضعي يتكلم عن إعمال هذه القاعده

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين







والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بوركت الاخ على الموضوع
مع ان بعض اوجه تقرير المصالح ضعيف كقولهم تقليل الجامعات فان هذا مع بطلانه واقعا لان عدد المتمدرسين هو نفسه سواء اختلطوا ام لم يختلطوا ... عجيب هل يعارض جلب مصلحة ضعيفة مثل هذه بمفسدة كبيرة كاضرار الاختلاط .... اللهم رحماك
جزاك الله خيرا الاخ عواض السلمي

جزاك/ الله خيراً

وجعلها في موازين حسناتك

تميزت/ بطرحك لموضوع مهم جداً

وابدعت/ بروحك الطيبه

تحياتي..