تسجيل دخول

العودة   منتدى سليم > المنتدى الــعـــام > منتدى قبيلة سليم الإسلامي > منتدى الشـريعة والحيــاة
منتدى الشـريعة والحيــاة منتدى مخصص للمواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-10-2009, 05:18 PM
الصورة الرمزية جابر العبيدي
جابر العبيدي غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 118
قصة ياشباب اخذو منها عبرة

بسم الله الرحمن الرحيم

..أعمى يسدد الهدف..؛
قال الراوي .. لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أول أبنائي..
ما زلت أذكر تلك الليلة.. بقيت إلى أخر الليل مع الشلة في إحدى الاستراحات..
كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ .. بل بالغيبة والتعليقات المحرمة..
كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم..وغيبة الناس..وهم يضحكون..
أذكر ليلتها أني أضحكتهم كثيراً..كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد..
بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه..
أجل كنت أسخر من هذا وذاك..لم يسلم أحد مني حتى أصحابي..
صار بعض الناس يتجنبني كي يسلم من لساني..
أذكراني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته بتسول في السوق..والأدهى أني
وضعت قدمي أمامه فتعثر وسقط يتلفت برأسه لآيدري مايقول..وانطلقت
ضحكتي تدوي في السوق..
عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة..
وجدت زوجتي في انتظاري..كانت في حالة يرثى لها..
قالت بصوت متهدج: راشد..أين كنت؟
قلت ساخراً:في المريخ..عند أصحابي بالطبع..
كان التعب ظاهراً عليها.. قالت والعبرة تخنقها:راشد..إنا تعبة جداً..الظاهر
أن موعد ولادتي صار وشكاً..سقطت دمعة صامته على خدها.. أحسست أني
أهملت زوجتي..كان المفروض أن أهتم بها وأقلل من سهراتي..خاصة إنها في
شهرها التاسع..حملتها إلى المستشفى بسرعة..
دخلت غرفة الولادة..جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال..
كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر..تعسرت ولادتها..فانتظرت طويلاً حتى
تعبت..فذهبت إلى البيت..وتركت رقما هاتفي عندهم ليبشروني..
بعد ساعة..اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم..
ذهبت إلى المستشفى فوراً..أول ما رأوني أسأل عن غرفتها..طلبوا مني
مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي..
صرخت بهم:أي طبيبة؟! المهم أني أرى ابني سالم..
قالوا..أولاً..راجع الطبيبة..
دخلت على الطبيبة..كلمتني عن المصائب..والرضا بالأقدار..
ثم قالت:ولدك به تشوه شديد في عينه ويبدوا أنه فاقد البصر!!
خبطت رأسي ..وأنا أدفع عباراتي ..تذكرت ذاك المتسول الأعمى ..
الذي دفعته في السوق وأضحكت عليه الناس..
سبحان الله كما تدين تدان! بقيت واجماً قليلاً..لا أدري ماذا أقول..ثم
تذكرت زوجتي وولدي..
شكرت الطبيبة على لطفها..ومضيت لأرى زوجتي..لم تحزن
زوجتي..كانت مؤمنة بقضاء الله.راضيه..طالما نصحتني أن أكف عن الاستهزاء بالناس..كانت تردد دائماً..لا تغتب الناس..
خرجنا من المستشفى..وخرج سالم معنا..
في الحقيقة..لم أكن أهتم به كثيراً..اعتبرته غير موجود في المنزل..
حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها..كانت زوجتي تهتم به كثيراً..
وتحبه كثيراً..أما أنا فلم أكن أكرهه..لكنني لم أستطع أن أحبه!
كبر سالم..بدأ يحبوا..كانت حبوته غريبة..قارب عمره السنة فبدأ يحاول
المشي..فاكتشفنا أنه أعرج..أصبح ثقيلاً على نفسي أكثر..
أنجبت زوجتي بعده عمر وخالداً..
مرت السنوات..وكبر سالم..وكبر أخواه..
كنت لا أحب الجلوس في البيت..دائماً مع أصحابي..
في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم ..لم تيأس زوجتي من إصلاحي..
كانت تدعوا لي دائماً بالهداية..لم تغضب من تصرفاتي الطائشة..
لكنها كانت تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته..
كبر سالم .. وكبر معه همي .. !
لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين..
لم أكن أحس بمرور السنوات ..أيامي سواء..عمل ونوم وطعام وسهر ..
في يوم جمعة ..استيقظت الساعة الحادية عشرا ظهراً..
ما يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي..كنت مدعواً إلى وليمة..
لبست وتعطرت وهممت بالخروج..
مررت بصالة المنزل..استوقفني منظر سالم ..كان يبكي بحرقة!
إنها المرة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي منذ كان طفلاً..عشر سنوات
مضت.. لم ألتفت إليه..حاولت أن أتجاهله..فلم أحتمل..كنت أسمع صوته
ينادي أمه وأنا في الغرفة..التفت..
ثم اقتربت منه ..قلت سالما !لماذا تبكي؟!
حين سمع صوتي توقف عن البكاء..فلما شعر بقربي..
بدأ يتحسس ما حوله بيديه الصغيرتين..ما به يا ترى؟
اكتشفت أنه يحاول الابتعاد عني!!
وكأنه يقول..الآن أحسست بي..أين أنت منذ عشر سنين؟!
تبعته.. كآن قد دخل غرفته رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه..
حاولت التلطف معه ..
بدأ سالما يبين سبب بكائه..وأنا أستمع إليه وأنتفض..تدري ما السبب!!
تأخر عليه أخوه عمر..الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد..
ولأنها صلاة جمعة..خاف ألا يجد مكاناً في الصف الأول..
نادى عمر..نادى والدته..ولكن لا مجيب..فبكى..أخذت أنظر إلى الدموع
تتسرب من عينيه المكفوفتين..لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه..
وضعت يدي على فمه..وقلت:لذلك بكيت يا سالم!! قال نعم..
نسيت أصحابي..ونسيت الوليمة..وقلت:
سالم لا تحزن..هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟..
قال أكيد عمر..لكنه يتأخر دائماً..
قلت:لا..بل أنا سأذهب بك..
دهش سالما..لم يصدق..ظن أني أسخر منه..استعبر ثم بكى..
مسحت دموعه بيدي..وأمسكت يده..
أردت أن أوصله بالسيارة..رفض قائلاً:المسجد قريب..أريد أن
أخطو إلى المسجد..- إي والله قال لي ذلك -..
لا أذكر متى كانت آخر مرة دخلت فيها المسجد..لكنها المرة الأولى
التي أشعر فيها بالخوف..والندم على ما فرطته طوال السنوات الماضية..
كان المسجد مليئاً بالمصلين..إلا أني وجدت لسالم مكاناً في الصف الأول..
استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي ..بل في الحقيقة أنا صليت
بجانبه..بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفاً..
استغربت!!كيف سيقرأ وهو أعمى؟
كدت أن أتجاهل طلبه..لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره..ناولته
المصحف طلب مني أن أفتح المصحف على سورة الكهف..
أخذت أقلب الصفحات تارة..وأنظر في الفهرس تارة..حتى وجدتها..
أخذ مني المصحف..ثم وضعه أمامه..وبدأ في قراءة السورة..وعيناه
مغمضتان..يا الله !!إنه يحفظ سورة الكهف كاملة !!
خجلت من نفسي .. أمسكت مصحف 00أحسست برعشة في جسمي00
قرأت00وقرأت00ثم دعوت الله أن يغفر لي ويهديني00
لم أستطع الاحتمال..فبدأت أبكي كالأطفال.. كان بعض الناس لا يزال
يصلي السنة..خجلت منهم..فحاولت أن أكتم البكاء إلى زفير وشهيق..
لم أشعر إلا بيد صغيرة تتلمس وجهي..ثم تمسح عني دموعي..
إنه سالم!!ضممته إلى صدري..
نظرت إليه..قلت في نفسي..لست أنت الأعمى..بل أنا الأعمى
حين انسقت وراء فسّاق يجرونني إلى النار..
عدنا إلى المنزل..كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم..
لكن قلقها تحوّل إلى دموع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم..
من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد..
هجرت رفقاء السوء..وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد..
ذقت طعم الإيمان معهم..عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا..لم أفوت
حلقت ذكرا أو صلاة الوتر..ختمت القرآن عدة مرات في شهر..
رطبت لساني بالذكر لعل الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من الناس..
أحسست أني أكثر قرباً من أسرتي..
اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي..
الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم..من يراه يظنه ملك الدنيا وما فيها..
حمدت الله كثيراً على نعمه..
ذات يوم..قرر أصحابي الصالحون أن يتوجهوا إلى إحدى المناطق البعيدة
للدعوة..ترددت في الذهاب..استخرت الله ..واستشرت زوجتي..
توقعت أنها سترفض..لكن حدث العكس!
فرحت كثيراً..بل شجعتني..فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون
استشارتها فسقاً وفجوراً..
توجهت إلى سالم..أخبرته أني مسافر..ضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً..
تغيبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف..
كنت خلال تلك الفترة أتصل كلما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدث أبنائي..
اشتقت إليهم كثيراً..آآآه كم اشتقت إلى سالم!!
تمنيت سماع صوته..هو الوحيد الذي لم يحدثني منذ سافرت..
إما أن يكون في المدرسة أو في المسجد ساعة اتصالي بهم..
كلما حدثت زوجتي عن شوقي إليها..كانت تضحك فرحاً وبشراً..
إلا آخر مرة هاتفتها فيها..لم أسمع ضحكتها المتوقعة..تغير صوتها..
قلت لها:أبلغي سلامي لسالم..فقالت..إن شاء الله ..وسكتت..
أخيراً عدت إلى المنزل..طرقت الباب..تمنيت أن يفتح لي سالم..
لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره..
حملته بين ذراعي وهو يصرخ:بابا..بابا..
لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت..
استعذت بالله من الشيطان الرجيم..
أقبلت إلي زوجتي..كان وجهها متغيراً..كأنها تتصنع الفرح..
تأملتها جيداً..ثم سألتها:مابك؟قالت لا شيء..
فجأة تذكرت سالماً..فقلت..أين سالم؟ خفضت رأسها..لم تجب..
سقطت دمعات حارة على خديها..صرخت بها..سالم..أين سالم؟
لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد..يقول بلثغته:بابا..ثالم لاح الجنة..
عند الله..لم تتحمل زوجتي الموقف..وبكت بكاءً شديداً..كادت أن تسقط
على الأرض..فخرجت من الغرفة..عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى
قبل موعد مجيئي بأسبوعين..
فأخذته زوجتي إلى المستشفى..فاشتدت عليه الحمى..ولم تفارقه..
حين فارقت روحه جسده..
هذا وصلي اللهم على نبينا محمد.............
القصة اخذت عن طريق الدكتورالشيخ محمد العريفي.
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-13-2009, 02:59 AM
الصورة الرمزية أميرة الورد
أميرة الورد غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 206
افتراضي رد: قصة ياشباب اخذو منها عبرة

فعلا قصة رائعة و مؤثرة جدا
جزاك الله خيرا
__________________


"من قال بعد كل صلاة سبحان الله

و الحمد لله و الله أكبر ثلاث و ثلاثين مرة

ثم أتبعها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له ,

له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ,

حطت عنه خطاياه و لو كانت مثل زبد البحر"
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:11 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
كل الآراء المنشورة ( مواضيع ومشاركات ) تمثل رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن رأي القائمين على الموقع


دعم وتطوير استضافة تعاون