تَحْصيناتُ الإنسانِ ضد الشَّيطانِ: تحقيق العبودية لله وحده (الخوف)

#1 05-02-2010, 01:43 AM

\7

كذلك الخوف الحقيقي لا يكون إلا من الله ; لأن الخوف من غير الله شرك، وهذا الموضوع فيه تفصيل:
القسم الأول: خوف عبادة وتعظيم، وهذا لا يكون إلا لله.
القسم الثاني: خوف فطري كالخوف من الأسد، أو من النار، أو من رجل مشهور.
ومن هنا يتبيَّن الفرق بين الخوفين، كما يتبين لنا أن من ينذر لغير الله كقبر وَلِيِّ مثلاً، ويظن أنه إن لم يوفّ بنذره فسيضره الولي. فهذا قد صرف الخوف لغير الله ، وهو خوف عبادة وتعظيم; لأن الفرق بين خوف التعظيم والخوف الفطري أن الأول خوف مع حب، والثاني خوف مع الكراهة، فالأول يخاف من الولي ويحبه، والثاني يخاف من الأسد ويكرهه ، وهكذا.
والرجاء كذلك يجب أن يتعلق بالله وحده، فالمؤمن يرجو رحمة الله ويخاف عذابه ، فالخوف والرجاء جناحان يطير بهما المؤمن إلى رضوان الله.
والحلف يجب أن يكون بالله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)) (476).
فالحلف بالنبي، أو الولي، أو الكعبة، أو بأي مخلوق من مخلوقات الله شرك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، ومن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت )) (477). رواه الستة. وعن بريدة مرفوعًا : ((من حلف بالأمانة فليس مِنَّا)) ، رواه أبو داود بسند صحيح (478).

ويجب على المسلم أن يصدِّق إذا حُلف له بالله ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا تحلفوا بآبائكم، من حُلف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله )) (479).
قال الحافظ (480) : ولعل السر في النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف بغير الله ذريعة إلى تعظيم المحلوف به.
والدعاء عبادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( الدعاء هو العبادة )). رواه الترمذي وقال: حسن صحيح (481).
فمن صرف كل هذه العبادات لله متصفًا بالإخلاص فيها، فهو من حزب الله ((أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ)) [المجادلة: 22].
أما من صرف شيئًا من هذه العبادات لغير الله، فهو من حزب الشيطان ((أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ)) [المجادلة: 19].

(476) صحيح: الترمذي رقم (1535) في ((النذور والأيمان)) ، أبو داود (3251) في ((الأيمان والنذور))، وأخرجه أحمد في ((المسند)) (2/ 34، 47، 67، 87، 125) ، والحاكم في ((المستدرك)) (1/ 18، 4/ 297)، وصححه ووافقه الذهبي ، وهو في ((صحيح الجامع)) رقم (6204).
(477) متفق عليه: البخاري رقم (6646) في ((الأيمان والنذور))، باب: لا تحلفوا بآبائكم، ومسلم رقم (1646) في ((الأيمان))، باب: النهي عن الحلف بغير الله تعالى، ومالك في ((الموطأ)) (2/ 480) في ((الأيمان))، باب: جامع الأيمان، وأبو داود رقم (3249) ، والترمذي (1534) ، والنسائي (7/ 5)، وابن ماجه (2094).
(478) صحيح: رواه أبو داود رقم (3253) في ((الأيمان)) ، باب: في كراهة الحلف بالأمانة ، ورواه أحمد في ((المسند)) (5/ 352)، وهو في ((صحيح الجامع)) رقم (6203).
(479) صحيح: رواه ابن ماجه (2101)، وصححه البوصيري في ((الزوائد))، والألباني في ((الإرواء)) (2697).
(480) ((فتح الباري)) (11/536).
(481) صحيح: أبو داود رقم (1479) في ((الصلاة)) ، باب: الدعاء، الترمذي رقم (3372) في ((الدعوات)) ، وابن ماجه (3828) في ((الدعاء))، وهو في ((صحيح الجامع)) رقم (3407).

\7