ماأشبه الليلة بالبارحة

ما أشبه الليلة بالبارحة


يحكى أن الروم قبل غزو الأندلس أرسلوا جاسوسا كي يرى أحوالها ما إذا كانوا يستطيعون احتلالها أو لا وحين وصوله إلى الأندلس وجد ذلك الجاسوس شابا يبكي فسأله مايبكيك؟
أجاب الشاب أنه يهوى الرماية وكل يوم يرمي عشرة أهداف ولا يخطئ هدفا منها وهذا اليوم أصاب تسعة أهداف وهذا الذي يبكيه فوجئ الجاسوس من ذلك الشاب وأرسل إلى ملك الروم بأن الوقت لم يحن بعد ومرت السنون وما زال الجاسوس يعيش وسط المسلمين وذات يوم وهو يجول في المدينة وإذا بشاب يبكي سأله الجاسوس مايبكيك؟ أجاب الشاب أن له حبيبة لايقوى على فراقها وقد فارقته هذه الليلة وهذا مايبكيه فأرسل الجاسوس فورا إلى ملك الروم بأن الوقت حان وعليه أن يستعد لبداية الغزو وبعد أن وصل الخبر إلى ملك الروم أرسل الجيوش وتم احتلال الأندلس ونسف التاريخ الإسلامي برمته.
فشتان بين موقف الشابين فالأول يوحي بالقوة والرجولة وقوة البأس وسمو الهدف والغاية، أما موقف الشاب الثاني يوحي بالانحلال والضعف والهوان والانشغال بملذات الحياة الدنيا والبعد عن الدين فلو أسقطنا هذه القصة على واقعنا اليوم لوجدنا - للأسف -حال شبابنا أقرب إلى حال الشاب الثاني ولما لا ؟
وكل اهتماماتهم مختزلة في أشياء تافهة ألعاب إلكترونية ومتابعة مسلسلات تلفزيونية والبحث عن مواقع إلكترونية خليعة والتسكع في الأسواق وغيرها من أمور- وأنا هنا استبعد منطق التعميم طبعا - فإذا كان هذا حال شبابنا فلا نستغرب أن يجرؤ العدو للنيل من إخواننا في فلسطين وغيرها من بلدان المسلمين، وإني لأعجب كثيرا حينما أرى المظاهرات تجوب شوارع العالم الإسلامي والعربي وتهتف باسم الدين والأمة الإسلامية وقد يكون من بينهم من تمر الليالي والأيام دون أن يدخل مسجدا ناهيك عن بعض المخالفات الشرعية الأخرى، وتبقى تلك المظاهرات في الدائرة العاطفية تزول بزوال المؤثر الخارجي ليعود الحال على ماهو عليه سابقا ولوكان هناك شعب قوي عتاد وعدة وتمسك بدين الله لرأينا تحرك من نوع آخر غير الشجب والاستنكار والخطب الرنانة والمزايدات الكاذبة.أحبتي في الله إذا أردنا النصر والعزة والكرامة في الدنيا والآخرة فلابد أن نعود إلى ديننا الذي رسم منهجه محمد صلى الله عليه وسلم دين الوسطية لا إلى الغالين أوالمفرطين وقد قال أعز من قائل «ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم» وكما قال السعدي رحمه الله في تفسيره أن هذا أمر من الله سبحانه وتعالى للمؤمنين أن ينصروا الله بالقيام بدينه والدعوة إليه وجهاد أعدائه وأن يقصدوا بذلك وجه الله فإنهم إن فعلوا ذلك نصرهم وثبت أقدامهم أنتهى كلام الشيخ، وهذه بشرى من الله ولكن لابد من العمل لها باستراتيجيات على مستوى الدول الإسلامية لتحقيقها والله نسأل لنا ولكم الهداية.
عبدالمولى زهيميل الصادري

طباعة اكتب رأيك اخبر صديقك اتصل بنا عودة للأعلى






تعليقات الزوار
عدد التعليقات حتى الآن : 1 (اضف تعليقك على المادّة )

ابوفيصل :
كلام رائع في الصميم منقول من عكاظ يوم الأحد20/2/1430