#1
|
||||
|
||||
في هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية
\7 الدواء كله شيئان: حِمية وحِفظ صحة. فإذا وقع التخليطُ، احتيج إلى الاستفراغ الموافق، وكذلك مدارُ الطب كله على هذه القواعد الثلاثة. والحمية: حميتان: حمية عما يجلِبُ المرض، وحمية عما يزيده، فيقف على حاله، فالأول: حمية الأصحاء. والثانية: حمية المرضى، فإن المريض إذا احتمى، وقف مرضُه عن التزايد، وأخذت القوى في دفعه. والأصل في الحمية قوله تعالى: ((وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً )) [النساء: 43، و المائدة:6]، فحمى المريضَ من استعمال الماء، لأنه يضرُّه. وفي ((سنن ابن ماجه)) وغيره عن أمِّ المنذِر بنت قيس الأنصارية، قالت: دخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي، وعلي نَاقِهٌ من مرض، ولنا دوالي معلَّقة، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها، وقام علي يأكُل منها، فطفِق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي ((إنَّكَ نَاقِةٌ)) حَتَّى كَفَّ. قالت: وصنعتُ شعيرًا وسِلقًا، فجئت به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: ((مِنْ هذا أصِبْ، فَإِنَّهُ أَنْفَعُ لَكَ)) وفي لفظ فقال: ((مِنْ هذا فَأَصِبْ، فَإِنَّه أَوْفَقُ لَكَ)) (1). وفي ((سنن ابن ماجه)) أيضًا عن صُهيب قال: قدمتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر، فقال: ((ادْنُ فَكُلْ)) ، فأخذتُ تمرًا فأكلتُ، فقال: ((أَتَأْكُلُ تَمْرًا وبِكَ رَمَدٌ)) ؟ فقلت: يا رسول الله ! أَمْضُعُ مِن الناحية الأخرى، فتبسَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) . وفي حديث محفوظ عنه صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ اللهَ إذا أَحَبَّ عَبْدًا، حَمَاهُ مِنَ الدُّنيا، كَمَا يَحْمِي أَحَدُكُمْ مَريضَه عَنِ الطَّعَامِ والشَّرَابَ )) . وفي لفظ: (( إنَّ اللهَ يَحْمِي عَبْدَه المُؤْمِنَ مِنَ الدَّنيا )) (3). وأما الحديثُ الدائرُ على ألسنة كثير من الناس: (( الحِميةُ رأسُ الدواء ، والمَعِدَةُ بيتُ الداء، وعَوِّدُوا كُلَّ جسم ما اعتاد)) فهذا الحديث إنما هو من كلام الحارث بن كَلَدَةَ طبيب العرب، ولا يَصِحُّ رفعُه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قاله غيرُ واحد من أئمة الحديث. ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم . (( أن المَعِدَة حوضُ البدن، والعُروق إليها واردة، فإذا صحَّت المَعِدَةُ صدرت العروقُ بالصحة، وإذا سَقِمَتِ المعدَةُ، صدرت العروقُ بالسقم )) (4). وقال الحارث: رأس الطِّبِّ الحمية، والحمية عندهم للصحيح في المضرة بمنزلة التخليط للمريض والنَّاقِه ، وأنفعُ ما تكون الحمية للنَّاقِه مِن المرض، فإن طبيعته لم ترجع بعد إلى قوتها، والقوة الهاضمة ضعيفة، والطبيعة قابلة، والأعضاء مستعدة، فتخليطُه يُوجب انتكاسَها، وهو أصعب من ابتداءِ مرضه. و اعلم أن في منع النبيِّ صلى الله عليه وسلم لعلي من الأكل مِن الدَّوالي، وهو ناقِه أحسن التدبير، فان الدَّواليَ أَقْنَاءٌ مِن الرُّطَبِ تُعلَّق في البيت للأكل بمنزلة عناقيدَ العِنَب، والفاكهة تضرُّ بالناقه من المرض لسُرعة استحالتها، وضعف الطبيعة عن دفعها، فإنها لم تتمكن بعد من قوتها، وهي مشغولة بدفع آثار العلة، وإزالتها مِن البدن. وفي الرُّطَبِ خاصة نوع ثقلٍ على المعدة، فتشتغل بمعالجتِه وإصلاحه عما هي بصدده من إزالة المرض وآثاره، فإما أن تقف تلك البقية، وإما أن تتزايدَ، فلما وضح بين يديه السِّلْق والشعيرُ، أمره أن يُصيب منه، فإنه من أنفع الأغذية للناقِه، فإن في ماء الشعير مِن التبريد والتغذية، والتلطيفِ والتليين، وتقويةِ الطبيعة ما هو أصلَح للناقِه ، ولا سيما إذا طُبِخَ بأصول السلق، فهذا مِن أوفق الغذاء لمن في مَعِدَتِهِ ضعف، ولا يتولَّد عنه من الأخلاط ما يُخاف منه. وقال زيدُ بن أسلم: حَمَى عُمَرُ رضي الله عنه مريضًا له، حتى إنه من شدة ما حماه كان يَمَصُّ النوى. وبالجملة: فالحمية من أنفع الأدوية قبل الداء، فتمنع حصولَه، وإذا حصل، فتمنع تزايدَه وانتشارَه. (1) أخرجه ابن ماجه (3442) ، و الترمذي (2038) و أبو داود (3856) و أحمد 6/ 364، و سنده حسن. (2) أخرجه ابن ماجه (3443) و سنده حسن ، و قال البوصيري في ((الزوائد)) 213/ 2 : إسناده صحيح و رجاله ثقات. (3) حديث صحيح أخرجه أحمد 5/ 427 و 498 من حديث محمود بن لبيد ، و أخرجه الترمذي (2036) عن محمود بن لبيد ، عن قتادة بن النعمان و حسنه ، و صححه الحاكم 4/ 309 ، ووافقه الذهبي، و له شاهد من حديث أبي سعيد عند الحاكم 4/ 208. (4) في سنده يحيى البابتلي وهو ضعيف. ((مجمع الزوائد)) 5/ 186. كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزية
|
#2
|
||||
|
||||
رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية
اختي الزهراء
جزاك الله خير وجعلها في ميزان حسناتك ووفقك الله الى مايحب ويرضى شكرا تحياتي لك |
#3
|
|||
|
|||
رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية
اختي/ الزهراء الله يعطيك العافية على الموضوع الجميل
|
#4
|
||||
|
||||
رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا الإخوة نواف جابر الحجيري و ابو عمار المريني ، غفر الله لكم و لأمة محمد صلى الله عليه و سلم و رزقكم الله من حيث لا تحتسبون و رزقكم الله الفردوس الأعلى |
#5
|
|||
|
|||
رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية
|
#6
|
||||
|
||||
رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا أختي النجدية ، غفر الله لك و لأمة محمد صلى الله عليه و سلم و زادك الله علما نافعا |
تعليمات المشاركة |
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
BB code is متاحة
الابتسامات معطلة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
|
|