تسجيل دخول

العودة   منتدى سليم > المنتدى الــعـــام > منتدى المواضيع العامة
منتدى المواضيع العامة هذا المنتدى مخصص للمواضيع التي لا يوجد لها قسم.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-09-2011, 04:33 PM
الدكتور سليم السلمي غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
الدولة: السعودية
المشاركات: 27
افتراضي الرجز عند العرب

الرجـز عند العرب

أغلب الظن أن الشعرَ العربي قد بدأ أولَ مابدأ بالكلام المقفى غير الموزون، أي بالسجع بلا وزن على نحو ماوصل إلينا من سجع الكهّان، وربما كان الكاهن يُغنيه توقيعيًا على القافية، نحو: إذا طلع السرطان، استوى الزمان، وحضر الأوطان، وتهادت الجيران.
ثم تطور هذا السجع بلا وزن إلى سجع موزون، ممثلاً في أبسط أوزان الشعر العربي وأقدمِها، وهو الرجز، يقول منه الراجز البيتين والثلاثة إذا حارب أو فاخر، ثم صاروا تدريجيًا يُطيلون النظم فيه.
ومن الرجز انفتح الطريق أمام أوزان أخرى من أوزان الشعر يضعونها حسب الاقتضاء، كلُّ وزن منها يوافق نوعًا خاصًا من الشعر، كموافقة وزن الطويل وطواعيته للشعر الحماسي، وكموافقة وزن الوافر للفخر، والرَّمل للفرح والحزن، والسريع لتمتيل العواطف، وهكذا...
تعريف الرجز:
الرجز هو"ضرب من الشعر ونوع منه معروف، يكون كل مصراع منه منفرداً، وهو أيضا بحر من بحور الشعر العربي وزنه "مستفعلن" ست مرات، وابتداء اجزائه سببان ثم وتد، وهو وزن يسهل في السمع ويقع في النفس".
موقف القدماء والمعاصرين من الرحز:
أثار النقاد القدماء قضايا كثيرة تتعلق بالرجز، واختلفوا في شعريته، هل يدخل ضمن دائرة الشعر أو يخرج عليها، فابن سيده يرى أن الرجز شعر ابتداء أجزائه سببان ثم وتد، والعجاج نفسه يعترف أن مايقول هو شعر، إذ يروى أنه أنشد أبا هريرة:
ساقا بخنداة وكعبا أدرما
فقال: النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعجبه نحو هذا من الشعر، وسمي الرجز من الشعر لتقارب أجزائه وقلة حروفه.
ويذهب ابن سلام الجمحي وعمرو بن العلاء والجاحظ وابن رشيق إلى أن الرجز ضرب من الشعر، ولم يخرج عن دائرته. ويتردد الرجز عندهم على أنه من البحور أو الأوزان السهلة، وهو ضرب من الشعر وزنه مستفعلن ست مرات. وسمي كذلك لتقارب أجزائه وقلة حروفه.
أما الأخفش والخليل الفراهيدي والباقلاني فيرون أن الرحز لا يعد شعرًا، وزعموا أن الشعر بيتان فصاعداً.
وإذا انتقلنا إلى المعاصرين وجدنا أن الرجز أخذ مكانة مرموقة في الشعر الجديد، وهو ما لم يتيسر له في الشعر القديم، وأخذ ينفض عنه غبار السخرية والازدراء الذي لحقه عند القدماء، بل يتفاخرون بستخدام الرجز، ويوجهون النقد لمن لم يستفد من إمكانات هذا البحر والهائلة، ونجد بعض النقاد يقولون" لعل اكتشاف امكانيات بحر الرجز كان من أهم ما حدث للشعر العربي في حركته التحررية الجديدة...".
وقد أشار الناقد ماجد الجعافرة إلى أن نازك الملائكة عدت الرجز ضمن البحور الشعرية الصافية، التي تصلح أن تكون ميدانا للشعر الحر، وأشار أيضًا إلى أنها طلبت من الشعر الجديد أن يسير على تشكليلة واحدة؛ لأنه إذا سار على تشكيلتين إضافة إلى تعقيد الاطوال وتنوع الطول وتنوع التشكيلة، وأما نظام الشطر الواحد ذي التشكيلة الواحدة الثابتة، مثل الأرجوزة فإنه يساعد السمع على الذوق والموسيقى.
وزن الرجز:
يتألف وزن الرجز من حركات رتيبة متعاقبة يتخللها سكون، وهذه ميزة جعلت بحر الرجز خفيفًا رشيقًا، يسهل النظم فيه، كما جعلته سلسًا في الإنشاد ويتدفق عل اللسان كما يتدفق المائ نحو النحدر.
ومن هذا الموقف أشار الناقد جمال العبيدي أن جوازات بحر الرجز كثيرة، نظرًا لما فيه من عذوبة ورقة وبساطة، فجاءت أوزانه متعددة ومتفقة مع كل الأحوال والأغراض، فهو بحر طويل لمن أراده سالمًا كاملاً، وهو مجزوء لمن أراد استعماله في غرض ملائم للجزء، وهو مشطور متوسط الطول لمن أراده كذلك. وأخيرًا يمكن استعماله كأقصر بحر من بحور الشعر وذلك حينما يستعمل منهوكًا، كما أصبح نوع منه يتألف من تفعيلة واحدة، وهو الذي سموه بـ (المقطع)، والذي نظم فيه يحيى بن علي المنجم بقوله:
طيــف ألــم بــذي سلـــم
بعــد العتــم بطـوى الأكــم

جـــاد بفـــم وملتــــزم
فيـــه هضـــم إذا تضـــم

ويرى جمال العبيدي أن بحر الرجز كباقي بحور الشعر الأخرى يعتريه مايعترها من زحاق وعلة، ويدخله الجزء والشطر والنهك، وبين في مايلي أنواع هذا البحر، بقوله أن للرجز حمس أعاريض وستة أضرب وهي:
العروض الأولى تامة" أي صحيحة" وقد يدخلها الخبن، أو طي أو كلاهما ولها ضربان:
1 ـ طرب صحيح مثل
دار لسلمــى إذ سليمــى جـارة
فقـراً تـرى آياتها مثـل الزبــر

تقطيعه: مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن
2 ـ ضرب مقطوع مثل:
القلـب منهـا مستريــح سالــم
والقلـب منـي جاهـد مجهــود

وتقطيعه: مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعل
العروض الثانية مجزوءة صحيحة ولها ضرب واحد صحيح مثلها.
والحزء: هو حذف تفعيلة واحدة من كل شطر فيبقى البيت مكونا من أربع تفعيلات ومثاله:
حسبــي بعلمــي أن نفــــع
مـا الــذل إلا فــي الطمــع

تقطيعه: مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن
العرض الثالثة مشطورة صحيحة، وهي الضرب في الوقت ذاته.
والشطر: حذف نصف البيت وإبقاء النصف الآخر، كقول الشاعر:
الحمد لله الوهوب المجزل
تقطيعه: مستفعلن مستفعلن مستفعلن
العروض الرابعة مشطور مقطوعة وهي الضرب في الوقت ذاته، نحو:
ياماخص الماء عدمت الزبدا
تقطيعه: مستفعلن مستفعلن مستفعل
العروض الخامسة منهوكة صحيحة وهي الضرب أيضًا، والنهك: ذهاب ثلثي البيت وبقاء ثلثه، مثل:
ياليتني فيها جذع
تقطيعه: مستفعلن مستفعلن

وهذا النوع من بحر الرجز نادر، والأندر منه أن تأتي البيت على تفعيلة واحدة كما رأيت في أرجوزة علي بن يحيى المنجم في أرجوزته إذ قال:
طيف ألم
بذي سلم.
سمات الرجز:
إذا كان للأشياء صفات خاصة بها تميزها عن سواها، فإن الرجز قد أمتاز بخصائص عدة ربما يكون قد اكتسب بعضها بعد التطور الذي أصابه، وخاصة ماتمثل في تلك الأراجيز الطويلة:
1 ـ غرابة ألفاظ الرجز وحوشيتها، لايستطيع القارئ فهم معانيها، وإنما كانت حوشية غريبة بالنسبة لأولئك الناس الذين عاصروا الرجاز، واستعمال بعض الألفاظ الأعجمية دون تعريب.
2 ـ يستعمل بحر الرجز كباقي بحور الشعر الأخرى يعتريه مايعترها من زحاق وعلة، ويدخله الجزء والشطر والنهك.
3 ـ إن بنية الرجز ظل إطارها محتويًا على البناء التقليدي للقصيدة الجاهلية من حيث افتتاحها بالغزل والنسيب والوقوف على الأطلال، والحنين إلى الأيام الجميلة التي قضيت في تلك الديار، ثم الانتقال بعد ذلك إلى الغرض الرئيس في القصيدة سواء كان مدحًا أم هجاء أم فخراً أم رثاء، أوما إلى ذلك.
يقول رؤبة مفتخرًا، حينما أتهم المنصور بني تميم بأنهم آووا عبد الله بن علي حين خلع:
هــل تعــرف الـدارَ أندابهــا
فهـاجَ شــوقاً شائقـاً ذهابهــا

فدمـعُ عينـي لا ينـي تسكابهــا
ذكـرها مـن طـرب أطرابهــا

كأنهـا مـن طـول مــا ينتابهـا
إنجيـل أخبـار وَحــى كتابهــا

هكذا افتتح رؤبة هذه الأرجوزة بالبكاء على الأطلال، وتذكر ساكنيها فهو يقول: إن الديار عفت آثارها واندرشت، فأشعلت بذهابها في قلبه نارًا، وهيجت شوقه فعينه لاتزال تسكب دمعها المدرار.
4 ـ إن الرجز تمكن من التعبير عن كثير من عواطف العربي ورغباته واهوائه، حتى أولع ذلك العربي بالرجز فراح يحفظ الآلاف من أبياته، ومن هنا كان الرجز المرآة الصادقة التي انعكست عليها طبائع العربي وأفكاره وأماله وأمانيه؛ لأنه تناول بالوصف حياته بجميع جوانبها، فأبرزها، ووصف مايتصل بها من حيوان ونبات وجماد، فكانت الصحراء ومايلوح فيها ومايدب عليها وما يصطرع فوقها أبرز تلك الصور وأكثرها وضوحًا في رجز العرب.
أغراض الرحز:
نلاحظ أن الرجز كالقصيد الجاهلي، استمل على عدة أغراض، أفتتح بالنسبيب والوقوف على الأطلال، ووصف الصحراء وسرابها، ثم مقدرة الشاعر على اجتيازها وانتقاله بعد ذلك إلى الفخر بشجاعة قومه وخوضهم غمار الحروب وخروجهم منها منتصرين كما وصفهم بما يحب العربي من صفات.
ومن خلال اطلاعي استطيع القول إن الرجز ظهر حينما تقاربت اللهجات فتغلبت لهجة قريش، فجاء كل شعر العرب بهذه اللهجة، فلهذا يمكن أن يعد الرجز القديم الذي قيل بعد تغلب تلك اللهجة مباشرة هي بداية شعر العرب، وأن لم يصلنا إلا القليل منه، والذي كان عبارة عن مقطعات قصيرة، وأبيات يسيرة، تناولت حاجات العرب البدائية، وبقي على هذا الصورة، يُقال في أغراض محدودة، وفي مواقف معينة، ويقوله عامة الناس، لم يتخصص فيه شاعر معين، ولم يكثر منه أحد، وإنما هو نتف بسيطة يُطلقها الرجل لمناسبة ما، وتظهر عليه البساطة، وعدم التكلف، وتوحي به فكرة ساذجة، ولكنه مع هذا استطاع أن يفي بمطالبهم في ميادين حياتهم. واستمر مدة من الزمن ملبيًا لهذه المطالب، حتى إذا ما استقر العربي واخذت حياته تتقدم وتتطور وأصبح بإمكانه أن ينصرف إلى اللهو بعد أن توفرت له أسباب عيشه، ضاق الرجز بايفاء كل مااستجد في حياته من أمور. لهذا احتاج العربي إلى أوزان جديدة لكي تفي بحاجاته في تلك الميادين، وقديمًا قالوا: الحاجة أم الاختراع. فقد دفعته حاجاته هذه إلى اختراع أوزان جديدة انشأها مستهديًا بالرجز، وأُطلق عليها فيما بعد اسم القصيد، وقد استطاعت هذه الأوزان التي كانت وليدة التطور في المجتمع أن تتناول أغراضًا مختلفة.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:20 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
كل الآراء المنشورة ( مواضيع ومشاركات ) تمثل رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن رأي القائمين على الموقع


دعم وتطوير استضافة تعاون