تسجيل دخول

العودة   منتدى سليم > منتدى قبيلة ســـليم > منتدى جديد أخبار قبيلة سُليم وديارهم كافة
إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-06-2012, 03:31 AM
الصورة الرمزية عوض البقيلي
عوض البقيلي غير متواجد حالياً
نائب المدير العام للمنتديات
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: جـــدهـ _ الرياض
المشاركات: 8,104
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى عوض البقيلي
افتراضي حوار لجينيات مع محمد السلمي صاحب مدونة شؤون إيرانية





حوار لجينيات مع محمد السلمي صاحب مدونة شؤون إيرانية


الأستاذ محمد صقر السلمي. صاحب مدونة شؤون إيرانية وحساب شؤون إيرانية في تويتر. له اهتمام كبير بالشأن الإيراني واطّلاع واسع على الثقافة الإيرانية بحكم تخصصه. كان لنا في لجينيات معه هذا الحوار المميز :

تأسيس مركز خليجي للدراسات الإيرانية حاجة ملحة لكافة دول الخليج العربي

على دول الخليج العربي التلميح أو التصريح بقدرتها على معاملة إيران بالمثل

أتحفظ كثيراً على التركيز الكبير على الجانب المذهبي والعقدي. ويجب علينا أن لا نحصر خلافنا مع إيران في جانب واحد


أجرى الحوار نايف خالد الغنامي :

لجينيات: درست في إيران فترةً من الزمن. أخبرنا عن الفترة التي قضيتها هناك وكيف رأيت واقع إيران؟

بداية أشكر لكم منحي هذه المساحة على موقع رائع مثل موقع "لجينيات" تحت إشراف الأستاذ الفاضل أبو لـُجين إبراهيم.

وفيما يتعلق بسؤالكم، نعم لقد أمضيت عاماً كاملاً في إيران بمدينة طهران تحديداً وكانت تجربةً رائعة استفدت منها كثيراً حيث تعرفت عن كثب على المجتمع الإيراني والثقافة الإيرانية بعيداً عن الصور النمطية سواءً كانت صحيحة أو خاطئة. بدايةً هناك حقائق عدة يجب أن نأخذها في عين الاعتبار فإيران دولة من "دول العالم الثالث" (وإن كان لدي تحفظات على هذا المصطلح) لديها مشاكل في النمو الاقتصادي والصناعي كما أن هناك طبقية بين فئات المجتمع كما أن المجتمع تضرر كثيراً بسبب العقوبات الاقتصادية بسبب برنامج إيران النووي وهذا ينعكس بشكل كبير على الحياة المعيشية للمجتمع وليس النظام حيث ترتفع نسبة الفقر خاصة في المدن الصغيرة والقرى كما أن معدل دخل الفرد في إيران منخفض جدا (حوالي 4500 دولار أمريكي في السنة) يضطر الكثيرون منهم إلى العمل ساعات طويلة وفي وظائف متعددة على الرغم من أن إيران تعتبر من أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي والنفط .ولقد تحدثت عن ذلك بشكل موسع في مقال نشر في مجلة المجلة اللندنية تحت عنوان (إيران الثورة والنفط.. 14 مليون فقير ومعدم!) هذا أيضا ينطبق على المستوى الصحي، فهناك ضعف كبير في الخدمات الصحية المقدمة كما أن نسبة وفاة المواليد تعتبر عالية جداً حتى وإن نجحت الحكومة الإيرانية في خفضها إلا أنها لازالت مرتفعة جداً على المستويين الإقليمي والدولي. بل أن هناك ما يشكل خطراً كبيراً على الحكومة الإيرانية وفشلت حتى اللحظة على التصدي له ألا وهو انتشار المخدرات ترويجاً وتعاطياً حيث أن نسبة التعاطي مرتفعة جداً بين الشباب وهذا بكل تأكيد يؤثر سلباً على الجوانب الأمنية والاقتصادية والصحية أيضاً. فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن فيروس الاتش أي في (HIV ) المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز) يدق ناقوس الخطر في المجتمع الإيراني وتشير التقارير إلى ازدياد عدد المصابين بهذا الفيروس القاتل خاصةً بين الفتيات وقد بلغ منذ فترة "موجة الايدز الثالثة" – وهي بالمناسبة أخطر حالات انتشار فيروس الايدز- وبالتالي ارتفاع عدد المصابين بهذا. هذه النقاط مجتمعة تشكل ضغوطاً وعبئاً كبيراً على المجتمع الإيراني وعلى كافة المستويات كما أنها في الوقت ذاته تقدم انطباعاً وصورةً واضحة لإيران التي أقمت وتجولت في بعض مدنها على مدار عام كامل.

لجينيات: من خلال إطّلاعك على الثقافة الإيرانية. كيف ينظر الإيرانيون للعرب؟

الشعب الإيراني في غالبيته شعب طيب مضياف يجامل الآخر كثيراً وهي جزء من تركيبة الشخصية الإيرانية بغض النظر عن موقفه من الشخص المقابل ومدى قبوله له من عدمه، لذا فمن الصعوبة -غالباً- أن تصدر قراراً جازماً في هذا الموضوع. نحن هنا نتحدث عن الأفراد وليس المجتمع ككتلة واحدة. لأطرح الفكرة بطريقة أخرى، هناك صعوبة في معرفة النظرة الحقيقة لأفراد المجتمع تجاه العرب لكن هناك وسيلة أخرى تعطي انطباعاً واضحاً لتلك النظرة وهل هي سلبية أو إيجابية. يعلم الجميع أن الإنتاج الأدبي لمجتمعٍ ما لا يأتي من فراغ بل إنه مرآة تعكس في غالب الأمر ظواهر وتوجهات معينة في المجتمع الذي أنتج داخله والحقبة الزمنية التي كتب فيها ذلك الإنتاج الشعري أو حبكة تلك القصة أو الرواية. هذا الموضوع تحديداً هو تخصصي الدقيق وفي عمق اهتماماتي البحثية. وبالتالي وبحكم اطلاعي الواسع في هذا المجال نستطيع القول دون تردد ودون أي تحامل على الشعب الإيراني أن النظرة العامة تجاه العرب في إيران هي نظرة سلبية في مجملها، فالأدبيات الإيرانية تصور الشخصية العربية بالجاهل البدوي الذي يعيش في حياةٍ بدائية وحتى وإن توفرت له سبل المدنية الحديثة فثقافته ثقافة بدوية لا تستوعب الحضارة والمدنية، كما تلومه دائما على أنه سبب تخلف إيران وتراجعها عن ركب الحضارة بعد أن كانت رائدةً لقرون في هذا المجال. هناك عدة قصص وروايات وكذلك نتاج شعري كبير يعكس كل هذه الصور ولو لم تكن متداولة بين أفراد المجتمع بشكلٍ كبير لما شاهدنا مثل هذه الصور السلبية جداً وبهذا الزخم الهائل من الإنتاج الأدبي بغض النظر عن التوجه السياسي أو الديني للكاتب أو الكاتبة، هذه النظرة المؤسفة حقاً نقطة التقاء بين معظم الكتاب والمفكرين وحتى الطبقة الأكاديمية على مستوى الجامعات ومن لديه تواصل مع الإيرانيين يفهم جيداً ما أقول هنا. هذا لا يعني مطلقاً أنه لا يوجد شريحة من المجتمع الإيراني تقدّر العربي وتضعه في المكان الذي يستحقه دون إفراط أو تفريط ولكن ومع الأسف الشديد أن أصوات من ينتمون إلى هذه الشريحة خافتة أو غائبة تماما ولا تكاد تجد لها حضوراً في الأدب الفارسي الحديث والمعاصر وهذا ينطبق أيضا على وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة.

لجينيات: كيف ترى الاضطهاد السياسي والثقافي والاجتماعي للسنة في إيران؟

معظم الأقليات الدينية والمذهبية في إيران مضطهدة لكن أتباع المذهب السني قد يكونوا الأكثر اضطهاداً خاصةً في مدينة طهران حيث يعيش أكثر من مليون ونصف المليون. لقد تحدث الشيخ عبد الحميد إمام أهل السنة والجماعة في زاهدان غير مرة عن هذا الموضوع وطالب السلطات الإيرانية بالسماح للسنة من سكان طهران بإقامة الجمعة والجماعات في مساجد مخصصة لهم فلم يتم الرد على ذلك. هناك مصليات صغيرة وقليلة جداً وهي في غالبيتها حسب ما قرأت مستأجرة ولكن هناك تضييق على المصلين أيضا وقد منعوا في عيد الفطر الماضي، حسب مواقع إيرانية عدة، من إقامة صلاة العيد من خلال تواجد أمني في المنطقة المجاورة لأحد المصليات بطهران. أضف إلى ذلك، يعاني أتباع المذهب السني في إيران من إقصاء حكومي كامل عن المناصب الحكومية المتقدمة والوظائف المرموقة رغم أن البعض يتحدث عن نسبة تقارب الـ30% من عدد سكان إيران. بل أن الأمر يتجاوز ذلك أحياناً، فقبل بضعة أيام تم تسريح 17 معلماً سنياً من وظائفهم في "مدارس" لتعليم القرآن الكريم في إقليم كردستان ومنعهم من التدريس مبررين أن المدارس غير قانونية على الرغم أنه تم تأسيسها في العصر البهلوي الشاهنشاهي، أي قبل ثورة 1979م، وفقا لتقرير نشر على موقع "راديو زمانه" الهولندي الناطق بالفارسية والأمثلة كثيرة جداً.

لجينيات: كيف يمكن لدول الخليج أن تتعامل مع إيران في ظل نظرتها التوسعيّة وتدخلها في شؤون دول الخليج؟

بدايةً إيران دولة جارة و الموقع الجغرافي يحتم على الجانبين العربي والإيراني التعايش والتعاون وحل الخلافات فيما بينها وعلى رأس تلك الخلافات قضية الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران واللجوء إلى الشرعية الدولية كأفضل السبل لذلك. وعودةً إلى سؤالك، نستطيع القول أن لدى دول الخليج العربي إستراتيجية شبه واضحة في التعامل مع التهديدات الإيرانية، وهي إستراتيجية دفاعية وليست هجومية وهناك فلسفة ورؤية سياسية وتبريرات معينة لهذا الموقف. وكما نعلم أن التصريحات القادمة من الضفة الشرقية للخليج العربي كثيرة ومتنوعة وأحياناً متناقضة أيضاً حيث يشعر البعض أن إيران ليست دولة تحت حكومة واحدة بل أن هناك ما يشبه "ملوك الطوائف" أو "دويلات داخل دولة واحدة" وكل جانب يطلق التصريحات التي تتوافق وتوجهاته مثل قادة الحرس الثوري ورجال الدين وأعضاء البرلمان والمسئولين في الأجهزة الأمنية و الحكومة الأخرى ولكن من يفهم التركيبة السياسية في إيران ومدى قرب بعض التيارات أو الأجهزة الحكومية وشبه الحكومية من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية وكذلك التنافس وأحياناً تصفية الحسابات الداخلية فيما بين هذه التيارات يستطيع أن يضع كل تصريح في مكانه الصحيح وهل يمثل وجهة نظر النظام أو لا. لذا قيادات دول الخليج تدرك ذلك جيداً وأحياناً يستلزم موقفٌ ما نوعاً من الدبلوماسية والتوازن في الرد بالشكل المناسب أو كما نقل في إحدى وثائق ويكيليكس أن وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم قال عن طبيعة علاقة بلاده مع إيران "نكذب عليهم ويكذبون علينا" وهذا مؤشر طبيعة التعامل مع بعض التصريحات الإيرانية أيضا. ومع هذا فإيران تعلم قبل غيرها أن لديها مناطق كثيرة جداً تستطيع دول الخليج استغلالها مثل قضية الأقليات الدينية والمذهبية وقد نتطرق إلى ذلك لاحقاً، ولكنها تدرك في الوقت ذاته إستراتيجية دول الخليج الدفاعية حتى اللحظة لذا فهي في الوقت الراهن شبه متأكدة بأن دول الخليج العربي لم تتخذ القرار بعد لتغيير هذه الإستراتيجية أو ربما ترى أنها لا تستطيع تغييرها. والحقيقة أنني أتفهم جيدا موقف دول الخليج هذا حيث أنها تنأى بنفسها عن التدخل في شؤون الغير وخاصةً دول الجوار وهي سياسية حكيمة وحضارية ولكن، ومن وجهة نظر شخصية بحتة، أرى أنه على دول الخليج العربي التلميح أو التصريح بقدرتها على معاملة إيران بالمثل متى ما رأت أن ذلك هو الخيار الأمثل للتعامل مع تدخلات إيران في شؤونها الداخلية.

لجينيات: ناديت بضرورة تأسيس مركز للدراسات الإيرانية وأعلنت استعدادك للتعاون بخصوص ذلك. في رأيك, ما هو الذي يمنع تأسيس هذا المركز مع أهميته لدول الخليج؟

تأسيس مركز خليجي للدراسات الإيرانية لم يعد ترفاً بل حاجة ملحة لكافة دول الخليج العربي أكثر من أي وقت مضى على الرغم من المفترض أن هذا المركز قد تم تأسيسه قبل هذه الوقت بسنوات ونحن في الوقت الراهن في أمس الحاجة للدراسات والأبحاث التي ينتجها هذا المركز و تهتم بالشأن الإيراني الداخلي وعلى كافة المستويات سواءً كانت سياسية و تاريخية أو ثقافية أو اقتصادية وفي مجال علم الاجتماع ونحو ذلك. لكن -وهذا ما أردده دائما- لا ينبغي النظر مطلقاً إلى المناداة بتأسيس مركز الدراسات الإيرانية على أنه يأتي كردة فعل على العلاقة المتوترة حاليا بين إيران ومعظم دول الخليج، فعمل المركز لا ينبغي أن يكون كذلك ولا يتأثر بطبيعة العلاقات السياسية وتقلباتها مطلقاً، بل مركز بحثي يعمل على إستراتيجية محددة وأهداف يسعى إلى تحقيقها. قد يرى البعض أن مركز الخليج للأبحاث الذي يشرف عليه الدكتور الفاضل عبد العزيز بن عثمان بن صقر -وأنا أوجه له من هذا المنبر وللجهد المبذول في المركز، خالص التحية والتقدير- يقوم بنفس عمل المركز الذي أطالب به. نعم مركز الخليج للأبحاث يقوم بجهود رائعة تذكر فتشكر ولكن نحن في زمن التخصص الدقيق والمركز الذي أنادي بإنشائه يأتي مكملاً لدور مركز الخليج للأبحاث ولدي الكثير من الأفكار والخطوط العريضة لطبيعة هذا المركز وأقسامه والمهام التي يجب أن تناط به وقد تتاح في المستقبل القريب إن شاء الله الفرصة بشكل أكبر للحديث بإسهاب حول هذا الموضوع.

لجينيات: ما هو تقييمك للمركز العربي للدراسات الإيرانية الذي يرأسه محمد صالح صدقيان؟

المركز العربي للدراسات الإيرانية مركز لا بأس به ولكن المركز إيراني ومقره طهران ومن المؤكد بل ومن الطبيعي أن يكون يعكس وجهة النظر الإيرانية وكتابات ومداخلات صدقيان التلفزيونية على قنوات العالم والمنار وغيرهما تظهر بجلاء موقفه وتوجهاته حتى وأن ظهر بربطة عنق فهذا لا يغير من الحقيقة من شيء ونحن بحاجة لمركز نرسم نحن كدول خليجية إستراتيجيته واهتماماته وليس الجانب الإيراني بطبيعة الحال.

لجينيات: هل تلقيت عروضاً للتعاون مع القنوات الفضائية التي تتصدى للمدّ الشيعي؟

نعم طلبت مني بعض القنوات التلفزيونية التداخل في برامج تتطرق للجانب المذهبي أو يكون جزء كبير من البرنامج حول الموضوع ولكنني اعتذرت لأن هذا ليس تخصصي ومن تحدث في غير صنعته أتى بالعجائب كما يقال فأنا تركيزي على الجانب السياسي والفكري الإيراني. كما أنني أتحفظ كثيراً على التركيز الكبير على الجانب المذهبي والعقدي -وهو بطبيعة الحال جانب في غاية الأهمية- ولكن حتى وأن حاولت إيران إضفاء الصبغة الطائفية على كثير من المواقف السياسية فلا ينبغي علينا مجاراتها في ذلك وتحويل الخلاف السياسي البحت إلى مذهبي ومن وجهة نظر شخصية بحتة أرى أن هذه نقطة مهمة جداً ويجب أن تؤخذ في عين الاعتبار عندما نناقش الخلافات السياسية بين إيران ودولنا. ولكي لا يتم فهم وجهة نظري بشكل خاطئ، أقول مجدداً أنني لا أقول أن الجانب المذهبي والعقدي غير مهم أو أقل أهمية من الجوانب الأخرى، بل هو يتصدر قائمة الاهتمامات ولكن يجب علينا أن لا نحصر خلافنا مع إيران في جانب واحد أو نمنحه مساحة أكبر على حساب جانب آخر.

لجينيات: يدور تساؤل عن ولاء شيعة الخليج هل هو لإيران أم لدولهم. ماهو تعليقك؟

التعميم لغة الجاهل، هناك مواطنون شيعة مخلصون لوطنيتهم والدول التي يحملون جنسياتها ولكن يوجد في الوقت ذاته أقلية بين هؤلاء المواطنين يرى الكثيرون أنهم ينفذون أجندات خارجية وتصريحاتهم وأفعالهم تفضحهم أمام مجتمعهم الصغير المحيط بهم قبل بقية أبناء الوطن. ونسأل الله لنا ولهم الهداية.

لجينيات: كيف ترى تأثير ما يحدث في سوريا الآن على إيران وما سيحدث في المستقبل عند انتصار الثورة -بإذن الله- على النظام الموالي لها؟

يعد النظام السوري قلب إيران النابض في المنطقة العربية، فهو حلقة الوصل التي تربط طهران بحزب الله في لبنان، ومع فقدان هذه الحلقة الحساسة، فإن مستقبل طهران في المنطقة العربية سيكون على المحك. لا ننكر وجود تحالف قوي بين بغداد ممثلة في نظام نوري المالكي وطهران، لكن هذا التحالف لا يمكنه ترميم الخسارة التي تتعرض لها طهران جراء سقوط بشار الأسد، فالعراق وإن كان يحتل موقعاً جغرافياً استراتيجيا بالنسبة لطهران، فإنه لا يملك حدوداً برية مع لبنان، وبالتالي يصبح ضمان استمرار الوصول إلى حزب الله التابع لإيران، معضلة حقيقية تواجه طهران، وبالتالي يصبح مستقبل حزب الله كجناح عسكري أو دويلة داخل دولة، مهدداً بالزوال أيضاً. أضف إلى ذلك، فبسقوط النظام السوري، تخشى طهران من انتقال موجة "الربيع العربي" إلى حصنها الأخير في المنطقة العربية، العراق، وبالتالي إسقاط حكومة المالكي، خاصةً إذا علمنا بوجود خلافات قوية بين الكتل السياسية في العراق وعدم رضا شريحة كبيرة من العراقيين عن النظام القائم هناك. على الجانب المحلي، تخشى إيران أن يمتد "الربيع العربي" إلى داخل حدودها، خاصة ونحن مقبلون على الانتخابات الرئاسية هناك. هذه الانتخابات تعيد إلى أذهان النخبة الحاكمة في طهران لجوء الإيرانيين إلى الشارع بعد إعلان نتائج انتخابات عام 2009، والمظاهرات التي استمرت لأسابيع وما صاحبها من اعتقالات وأعمال عنف أودت بحياة عدد كبير من الشباب الإيراني الغاضب جراء إعلان فوز الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية وهزيمة مرشحي الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي. عندما تدرك إيران أن نظام بشار الأسد على وشك السقوط، وهو ما نرى بوادره الوقت الراهن، فإن النظام الإيراني سيحاول من جانب ضمان وجود مؤيدين له في النظام الجديد، ومن جانب آخر، فإن طهران قد تعلن بشكل مباشر أو غير مباشر وبطريقة دبلوماسية تخليها عن دعم بشار الأسد بسبب، على سبيل المثال، وصولها إلى قناعة أن النظام يستهدف المدنيين أو ما شبه ذلك والهدف من وراء ذلك مجرد محاولة لحفظ ما تبقى من ماء الوجه وتسجيل نقطة حتى لو كانت متأخرة تحسب لها في سوريا الجديدة.

لجينيات: ماذا عن التركيبة العرقية والدينية في إيران وأماكن تواجدها؟

إيران تتكون من تركيبة عرقية ودينية معقدة جداً فمن الناحية العرقية نجد العرب في الجنوب والجنوب الغربي والترك الآذريين في غرب وشمال غرب إيران والتركمان في الشمال والبلوش شرق إيران وقبائل اللور في الجنوب وبطبيعة الحال الفرس في وسط إيران أو ما يعرف بالهضبة الإيرانية وغيرهم الكثير من الأقليات العرقية. ومن الناحية الدينية نجد اليهود في أصفهان وهم بالمناسبة أكبر تجمع يهودي في الشرق الأوسط خارج إسرائيل، والمسيحيين في مازندران وجيلان كما إن لهم وجود في طهران، والزرادشتيين (المجوس) في طهران ويزد وكرمان والبهائيين والبابيين موزعون على عدة مدن إيرانية (وهو دين غير معترف به رسمياً) بالإضافة إلى التنوع المذهبي والفرق الإسلامية مثل السنة وهم شافعية وأحناف ويتواجدون في أقاليم متعددة مثل كردستان في غرب إيران وسيستان وبلوشستان في على الحدود الإيرانية الباكستانية، وهناك سنة في أقليم خوزستان (عربستان سابقاً). كما يوجد أقلية سنية في شمال إيران ولا ننسى تواجدهم في إقليمي فارس وخراسان. إضافة إلى أتباع المذهب السني هناك بطبيعة الحال الشيعة الاثناعشرية ويشكلون الأغلبية كما أن عناك فرق شيعية أخرى مثل الإسماعيلية والشيخية وطوائف صغيرة أخرى مثل علي الهي وعلي حق ونحو ذلك. هذا المزيج العرقي والمذهبي يشكل عبء كبير على النظام الحاكم في إيران خاصة أن هناك أقليات عرقية كثيرة تطالب بالنظام الفيدرالي وبعضها الآخر يقاتل من أجل الانفصال تماما عن الحكومة المركزية في طهران.

لجينيات: ماهي المعطيات المستقبلية فيما يخص هشاشة المجتمع الإيراني ووجود نزعة انفصالية عند بعض الأقاليم والأقليات؟

كما ذكرت في إجابتي السابقة فإن بعض الأقليات العرقية تطالب بالانفصال ولعل آخر هذه المطالبات ما دعا إليه الأحوازيون العرب في مؤتمر لهم في العاصمة البريطانية لندن قبل أيام بإسقاط النظام في إيران وإقامة نظام فدرالي يكفل لكافة الشعوب في هذا البلد حقوقهم القومية في إطار ديمقراطي تعددي وهي مطالب يشترك فيها مع العرب بعض الأقليات العرقية الأخرى خاصة الأتراك في إقليم أذربيجان وعاصمته تبريز. إضافة إلى ذلك فمن الصعوبة بمكان تحديد جدية مثل هذه النداءات الانفصالية ومستقبلها خاصة أن بعض هذه الأقليات منقسم على نفسه وهناك خلافات بينهم حول المطالبات هل هي انفصالية أو البقاء داخل مسمى إيران ولكن تحت حكم فدرالي، لذا فإن مستقبل النظام الحاكم في إيران هو من يحدد إلى حد كبير نوعية المطالبات هذه وإن كنت أرى أن كثير من هذه الأقليات تميل في الوقت الراهن إلى النظام الفدرالي بشكل أكبر من المطالبة بالاستقلال تماما عن إيران وتكوين دولة جديدة.

لجينيات: ماهو تقييمك لقوة الحركة الإصلاحية المعارضة في إيران وهل يمكن أن يعول عليها في ظل رغبة الإصلاحيين في إخراج إيران من عزلتها السياسية؟

أولا يجب أن ندرك أن الحركة الإصلاحية أو ما يعرف بـ "الحركة الخضراء" أو لنقل زعماءها تحديداً قد خرجوا من رحم النظام الحالي، نظام ولي الفقيه، وكلا الزعيمين وأقصد هنا مهدي كروبي ومير حسين موسوي قد توليا مناصب مرموقة جداً في النظام الحالي. صحيح أن هناك اختلافات في وجهات النظر بين المرشد والتيار المقرب منه من جانب وبين زعماء التيار الإصلاحي من جانب آخر، إلا أن هذا الخلاف يظل داخل أسس وثوابت النظام القائم ولا يخرج عنه مطلقاً. وعودةً إلى سؤالك حول ما إذا كان هذا التيار سينجح في إخراج إيران من العزلة السياسية فأقول نعم قد ينجح ولدينا مثال سابق وهو فترة رئاسة الرئيس الإيراني محمد خاتمي وهو بطبيعة الحال محسوب على التيار الإصلاحي إلى حد كبير رغم الكثير من التردد الذي ظهر به مؤخراً بين الإصلاحيين والمحافظين، فخلال فترته الرئاسية التي استمرت لمدة ثمان سوات، نجح خاتمي في تحسين العلاقات مع دول العالم ودور الجوار العربي على وجه التحديد. كما لا ننسى أن مهندس انفتاح إيران على دول الجوار في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة كان آية الله هاشمي رفسنجاني، ونحن نراه يعود مجدداً إلى الظهور بعد أن تم تحجيم دوره خلال السنوات القليلة الماضية وخلال فترة رئاسة أحمدي نجاد تحديداً حتى أصبح ينظر إليه على أنه تركه قديمة للنظام لم يعد قادراً على لعب أي دور في الحكومة رغم احتفاظه بمنصب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام. نعم إيران في الوقت الراهن تحتاج إلى رئيس يخرجها مما هي فيه من عزلة وهذا لن يكون على يد رئيس إيراني محسوب على التيار المحافظ المتشدد وقد يكون الخيار الأمثل هو المرشح الإصلاحي القادم وهو لم يتحدد بعد. أضف إلى ذلك أن المرشد الأعلى يدرك جيداً خطر التلاعب في نتائج الانتخابات وقد يسعى إلى احتواء الإصلاحيين والشارع الإيراني وامتصاص غضبهم من خلال رئيس إيراني جديد محسوب على التيار الإصلاحي حتى ولو لفترة رئاسية واحدة ما لم ينفذ خامنئي -وهو أمر شبه مستبعد في ظل قرب موعد الانتخابات الرئاسية- فكرة إلغاء منصب رئيس الجمهورية واستبداله بمنصب رئيس وزراء كما كان الوضع في بداية الثورة.

لجينيات: هل من كلمة أخيرة تودّ قولها أخي محمد

إن كان هناك من كلمة أخيرة فهي عبارة عن نداء إلى المسئولين في دولنا الخليجية أن تولي إهتماماً بموضوع تأسيس مركز الدراسات الإيرانية سواءً كان تحت مظلة رئاسة مجلس التعاون لدول الخليج العربي أو أي جهة رسمية أو بحثية وأن يرى النور قريباً إن شاء الله، كما لا يفوتني أن أقدم لكم جزيل الشكر على إتاحة هذه الفرصة للحديث عن إيران وعلاقتنا كدول خليجية وعربية بها وأتمنى أنني قدمت ما يعود على القارئ الكريم بالنفع والفائدة ولكم الشكر مجدداً.
__________________
...............

التعديل الأخير تم بواسطة عوض البقيلي ; 10-06-2012 الساعة 03:34 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-06-2012, 03:35 AM
الصورة الرمزية عوض البقيلي
عوض البقيلي غير متواجد حالياً
نائب المدير العام للمنتديات
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: جـــدهـ _ الرياض
المشاركات: 8,104
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى عوض البقيلي
افتراضي رد: حوار لجينيات مع محمد السلمي صاحب مدونة شؤون إيرانية

نفتخر ونعتز كثيراً بالباحث الأستاذ محمد صقر السُلمي , باحث متميز ويملك مدونة عن الشأن الأيراني ومعرفاً بتويتر بأسم شؤؤن أيرانية ..

متميز يااستاذ محمد والى الأمام ان شاءالله ..

شكراً لموقع لجينيات لتقديمه لنا هذا اللقاء الرائع ..

تحيتيـ ..
__________________
...............
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-06-2012, 01:21 PM
الصورة الرمزية عبدالله العطافي
عبدالله العطافي غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: السعودية
المشاركات: 9,047
افتراضي رد: حوار لجينيات مع محمد السلمي صاحب مدونة شؤون إيرانية

الاستاذ / محمد صقر السلمي


باحث رائع وكلامه منطقي شكرا لموقع لجينيات الذي قدم لنا هذا اللقاء


ودي لو كان هناك تعريف اكثر بالاساذ محمد
__________________
"][/URL]
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-07-2012, 04:14 AM
الصورة الرمزية فهد العبيدي
فهد العبيدي غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
الدولة: منتديات بني سليم
المشاركات: 3,869
افتراضي رد: حوار لجينيات مع محمد السلمي صاحب مدونة شؤون إيرانية

اقتباس:
اقتباس:


لجينيات: ناديت بضرورة تأسيس مركز للدراسات الإيرانية وأعلنت استعدادك للتعاون بخصوص ذلك. في رأيك, ما هو الذي يمنع تأسيس هذا المركز مع أهميته لدول الخليج؟

تأسيس مركز خليجي للدراسات الإيرانية لم يعد ترفاً بل حاجة ملحة لكافة دول الخليج العربي أكثر من أي وقت مضى على الرغم من المفترض أن هذا المركز قد تم تأسيسه قبل هذه الوقت بسنوات ونحن في الوقت الراهن في أمس الحاجة للدراسات والأبحاث التي ينتجها هذا المركز و تهتم بالشأن الإيراني الداخلي وعلى كافة المستويات سواءً كانت سياسية و تاريخية أو ثقافية أو اقتصادية وفي مجال علم الاجتماع ونحو ذلك. لكن -وهذا ما أردده دائما- لا ينبغي النظر مطلقاً إلى المناداة بتأسيس مركز الدراسات الإيرانية على أنه يأتي كردة فعل على العلاقة المتوترة حاليا بين إيران ومعظم دول الخليج، فعمل المركز لا ينبغي أن يكون كذلك ولا يتأثر بطبيعة العلاقات السياسية وتقلباتها مطلقاً، بل مركز بحثي يعمل على إستراتيجية محددة وأهداف يسعى إلى تحقيقها. قد يرى البعض أن مركز الخليج للأبحاث الذي يشرف عليه الدكتور الفاضل عبد العزيز بن عثمان بن صقر -وأنا أوجه له من هذا المنبر وللجهد المبذول في المركز، خالص التحية والتقدير- يقوم بنفس عمل المركز الذي أطالب به. نعم مركز الخليج للأبحاث يقوم بجهود رائعة تذكر فتشكر ولكن نحن في زمن التخصص الدقيق والمركز الذي أنادي بإنشائه يأتي مكملاً لدور مركز الخليج للأبحاث ولدي الكثير من الأفكار والخطوط العريضة لطبيعة هذا المركز وأقسامه والمهام التي يجب أن تناط به وقد تتاح في المستقبل القريب إن شاء الله الفرصة بشكل أكبر للحديث بإسهاب حول هذا الموضوع.

8

هذه اجمل جزئيه في الحوار رغم جماله كله

بها تظرب دول الخليج عصفورين بحجر واحد

الأولى : بدأ تغيير إستراتجيتهم مع ايران من دفاع لاى الرد بالمثل .
الثانيه: اكتشاف المجتمع الأيراني لمحاوله زرع قنبله مؤقته داخله او خلايا نائمه.
__________________
يالله إن اهلنا في سوريا لحق بهم الضّر وليس لهم ناصرٌ سواك
اللهم فأنصرهم

سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا أله الا انت استغفرك واتوب اليك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-31-2013, 02:55 PM
الصورة الرمزية عوض البقيلي
عوض البقيلي غير متواجد حالياً
نائب المدير العام للمنتديات
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: جـــدهـ _ الرياض
المشاركات: 8,104
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى عوض البقيلي
افتراضي رد: حوار لجينيات مع محمد السلمي صاحب مدونة شؤون إيرانية

مميز دائماً الأستاذ محمد السلمي ..

بارك الله فيكما لمروركما الرائع , دمتما بخير ..
__________________
...............
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:47 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
كل الآراء المنشورة ( مواضيع ومشاركات ) تمثل رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن رأي القائمين على الموقع


دعم وتطوير استضافة تعاون