تسجيل دخول

منتدى الشـريعة والحيــاة منتدى مخصص للمواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-07-2011, 02:59 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي علماء التفسير

[table1="width:100%;background-image:url('http://www.solaim.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/40.gif');border:1px solid deeppink;"][cell="filter:;"]







الإمام ابن كثير المفسر



اسمه ونسبه:
هو إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن زرع، الشيخ الإمام العلامة عماد الدين أبو الفداء ابن الشيخ شهاب الدين أبي حفص القرشي البصروي الدمشقي الشافعي، المعروف بابن كثير[1]. وُلِد سنة 701هـ/ 1301م[2]، في قرية مجيدل من أعمال بُصْرى الشام[3]، وعاش في دمشق[4].

طفولته وتربيته:
كان للبيئة المحيطة بابن كثير أثر كبير في نشأته؛ فقد كان أبوه خطيبًا ببلدة مجيدل القُرَيَّة إلى أن توفِّي سنة 703هـ، وبقي ابن كثير تحت رعاية أخيه كمال الدين عبد الوهاب، الشقيق والشفيق، وترعرع في طفولته في هذه القرية مدة أربع سنوات، وهي سن الطفولة يتيمًا بعد فَقْد الوالد ولكنه امتلأ قلبه من ذكريات الطفولة، ونَعِم بآثار والده المعنوية، وحفظ أحاديث الناس عن خطب والده، وأقواله المأثورة، وأشعاره المحفوظة، وأدرك بحسِّه منزلة العالم المخلص، وأثره في الحياة والمجتمع، ومكانته في القلوب والنفوس، وسمع من إخوته وأخواته سبب تسميته بإسماعيل، تيمنًا بأخيه الأكبر (من أبيه) الذي سلك طريق العلم، فأخذه عن والده.
ثم ارتحل إلى دمشق لاستكمال التكوين العلمي، فاختطفته يد المنون في شبابه، فوُلِد للوالد هذا الابن الأخير فسمَّاه إسماعيل ليكون كأخيه في طلب العلم، فاتجه ابن كثير رحمه الله تعالى إلى تحصيل العلم منذ السن المبكر؛ ليقرَّ عين والده في قبره، وليصبح كأبيه في قلوب الناس.
ولما بلغ ابن كثير السابعة من عمره، ارتحل بصحبة أخيه الشقيق عبد الوهاب إلى مدينة دمشق التي كانت مَوْئِلَ العلماء، وحاضرة العلم، ومركز الحضارة، وينبوع العطاء، ومحط الأنظار، ومرابع المعرفة التي يفد إليها العلماء والطلاب من كل حدب وصوب.
وكان أخوه عبد الوهاب بمنزلة الأب والأستاذ الأول لابن كثير، الذي أخذ منه الشيء الكثير، واستمر في ملازمته والاستفادة من علمه طوال حياته التي امتدت إلى سنة 750هـ.
ويحدثنا ابن كثير -رحمه الله تعالى- عن رحلته إلى دمشق بصحبة أخيه عبد الوهاب، فيقول: "ثم تحولنا من بعده (بعد وفاة الوالد) في سنة سبع وسبعمائة إلى دمشق، صحبه كمال الدين عبد الوهاب، وقد كان لنا شقيقًا، وبنا رفيقًا شفوقًا، وقد تأخرت وفاته إلى سنة خمسين، فاشتغلت على يديه في العلم، فيسَّر الله تعالى منه ما يسر، وسهَّل منه ما تعسر"[5].
واستقر ابن كثير في دمشق، وصار ابنًا من أبنائها، وعالمًا من علمائها، وخطيبًا ومدرسًا فيها، وأحبها من قلبه فلم يفارقها حتى مات ودُفن فيها، وكان وفيًّا لها فكتب تاريخها، ووصف أفراحها وانتصاراتها، وبكى أحزانها وأتراحها، وشارك في أحداثها، وكان له دور فاعل في ذلك حتى صار يُشار إليه بالبنان: محدِّثًا ومفسرًا، ومدرسًا ورئيسًا، ومصلحًا وداعيةً، ومعلمًا ومؤرخًا[6].

ملامح شخصيته وأخلاقه:
لقد حبا الله عز وجل ابن كثير -رحمه الله- بكثيرٍ من الصفات الحميدة، والشمائل الكريمة، والخلال العذبة، والتي لا يتصف بها إلا العلماء الأخيار الأفذاذ؛ ومن هذه الصفات:

1- الحفظ: وهب الله عز وجل ابن كثير حافظة قوية، وذاكرة ممتازة، وموهبة متفوقة، فكان قادرًا على حفظ العلوم والمتون، واكتناز المعلومات، وظهر أثر ذلك في مصنفاته؛ فقد حفظ ابن كثير القرآن الكريم وهو في الحادية عشرة من عمره، كما صرَّح بذلك في تاريخه[7]، وحفظ التنبيه في الفقه الشافعي، وعرضه سنة ثماني عشرة، وحفظ مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه[8]، وحفظ المتون المتنوعة في العلوم؛ ولذلك وصفه عدد من العلماء بحفظ المتون، فقال شيخه الذهبي: "ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم، وله حفظ ومعرفة"[9].
وقال عنه تلميذه ابن حِجِّي: "كان أحفظ مَن أدركناه لمتون الأحاديث، وأعرفهم بجرحها ورجالها، وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك"[10].
2- الاستحضار: اقترنت صفة الحفظ عند ابن كثير بصفة أخرى وهي صفة الاستحضار؛ مما يدل على المنحة الإلهية له بقوة الذاكرة، وقلة النسيان. وهو من أعظم المواهب الإلهية، وأكبر ميزة للعالم والمصنِّف والفقيه؛ لذلك كان ابن كثير يستحضر المتون والكتب والعلوم حتى لفت نظر المحققين والمحدثين، فهو ينقل من مصادر عدة، ولكنه يضع المعلومات بصيغته وأسلوبه الخاص به، مما يرجح أنه كان يكتب ويصنف من ذاكرته وحافظته، ويتصرف بذلك حسب مقتضى الحال والمقام[11].
3- الفَهْم الجيد: هذه الصفة من المنح الإلهية للإنسان، ومن التوفيق الرباني له، وتتأثر بالعوامل المكتسبة عن طريق الإخلاص، والتقصِّي والدراسة، والاستيعاب والاجتهاد، وتحرِّي الدقة العلمية؛ مما تساعد صاحبها -بفضل الله تعالى وتوفيقه- على الفهم الجيد، والإدراك الصحيح، والاستنتاج المقبول[12]؛ لذلك يقول عنه تلميذه ابن حجي: "وكان فقيهًا جيد الفهم، صحيح الذهن"[13].
4- خفة الروح: وهذه الصفة من الصفات الحسنة للإنسان عامَّةً، ومن عوامل التفوق والنجاح في التدريس والوعظ خاصَّةً، وتدل على سماحة النفس، والاهتمام بالطلاب، والتخفيف عنهم، والترويح في التدريس[14].
5- الالتزام بالحديث والسُّنَّة: من صفات ابن كثير أنه كان حريصًا على التزام السنة، والدعوة إلى اتِّباع السلف، وهو ما يظهر عند مراجعة مؤلفاته وكتبه؛ ولا غرابة في ذلك فهو المحدِّث الفقيه الحافظ لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان ابن كثير رحمه الله يحارب البدع، ويدعو إلى تركها، ويساهم في إنكارها، ويفرح لإبطالها، ويسجِّل هذه المشاعر والعواطف والمبادئ في كتبه ومصنفاته، وكان يتتبع البدع ويتألم لوجودها، ويسعى لإبطالها، ويهلل لإلغائها[15].
6- الخلق والفضيلة والموضوعية: كانت أخلاق ابن كثير رحمه الله حميدة، ويلتزم الفضائل والقيم، وسعة الصدر، والحلم، والصداقة المخلصة، والتقدير لشيوخه؛ فقد ترجم لعدد كبير منهم في تاريخه، وأثنى عليهم خيرًا، وعدَّد مناقبهم، وأثبت فضائلهم، واعترف بالأخذ عن الأساتذة، وحسن الصحبة للزملاء والمعاصرين[16].
7- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهذا من المبادئ الإسلامية الرشيدة في الدعوة والنصح والإرشاد، والتكافل والتناصح بين أفراد الأمة والمجتمع، وهو واجب عيني على كل مسلم قادر ومستطيع أن يقوم به[17]؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ..."[18]. ويتأكد واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الدعاة والعلماء والمصلحين، ثم على الحكام والمحكومين؛ وكان ابن كثير يعرف واجبه في هذا الجانب الخطير، ويؤدِّي حقه في مرضاة الله تعالى للحاكم والمحكومين، لا يبتغي بذلك إلا الأجر والثواب من الله تعالى، ولا يخشى في الله لومة لائم؛ فيقول الحق، ويقرر الشرع، ويؤدي الأمانة، ويبلِّغ حكم الله تعالى في كل الأمور والظروف والأحوال، ولو كان الأمر يتعلق بشئون الحكم، والخلاف بين الأمراء الذين يحاولون أن يتحصنوا بفتوى كبار العلماء، ويجعلوها ذريعة لتحقيق مآربهم[19].
8- إنصاف الخصوم: يقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58]. والعدل مطلوب من الحكام والقضاة، ومن كل ذي ولاية وسلطة مهما تنوعت واختلفت وتفاوتت درجتها، وذلك بإنصاف الناس -وحتى الخصوم- من النفس، وحينئذٍ يصبح الإنسان من السابقين إلى ظلِّ الله تعالى يوم القيامة.
والعدل من الفضائل، وخاصةً إذا كان الأمر مع الخَصْم، فهو أعلى درجات العدل بأن ينصف الإنسان خصمه من نفسه، وهذه المرتبة العليا لا يبلغها إلا القلة، وتدل على أن صاحبها بلغ رتبة عالية من تطبيق أحكام الشرع وآدابه، ومراقبة الله تعالى في ذلك، حتى يجاهد نفسه فيخضعها للحق، ويقف بها عند جادَّة الصواب، ولا يستسلم لهواه وأهوائه.
وهذا ما حدث مع ابن كثير -رحمه الله- في ترجمته لكثير من خصومه في الرأي والفكر والمواقف، فيصفهم بالحق والعدل، ولا يتجنى عليهم، ولا ينقصهم صفة لهم؛ ومن الشواهد الكثيرة على ذلك نجد في (البداية والنهاية) أنه كان بين ابن كثير وبين قاضي القضاة تقي الدين السبكي خصومة فكرية، وتشاء الظروف أن تُوجَّه اتهامات إلى قاضي القضاة بالتفريط في أموال الأيتام، وطُلِب من المفتين أن يضعوا خطوطهم بتثبيت الدعوى ضده لتغريمه ومحاكمته، ويصل الأمر إلى صاحبنا العلامة ابن كثير ذي الخُلُق الكريم، والموقف العادل، فيأبى الكتابة، ويُنصِف قاضي القضاة، ويوقف الافتراء والاتهام إلى أن يتبين الحق، ويسجِّل ذلك في تاريخه في أحداث سنة 743هـ[20].
9- الإصلاح الديني: نزل الإسلام صافيًا من السماء، وبلغه رسوله عليه الصلاة والسلام حتى لحق بالرفيق الأعلى، وقد ترك أمته على المحجة البيضاء، والتزم الصحابة -رضوان الله عليهم- بهذا الطريق القويم، وأدوا الأمانة، ونشروا الإسلام في الخافقين، وسار التابعون وتابعو التابعين على نهجهم، فكانوا خير القرون في تطبيق الإسلام، ونصاعة مبادئه. ثم بدأ يعلق به الغبار مع الأيام، وتُضاف إليه بعض الأمور التي لا تتفق مع جوهر الدين، وتُلحق به البدع والخرافات شيئًا فشيئًا، وقد تستشري في بعض الأحيان لتشوه صورة الإسلام النقية.
وهنا يأتي دور العلماء والدعاة والمصلحين الذين ينادون بالدعوة إلى تطبيق الإسلام، والعودة إلى مبادئه الصافية، وتطهيره من البدع والخرافات. وقد ظهر في القرن السابع والثامن الهجريين علماء أفذاذ يمثلون هذا الاتجاه الإصلاحي، وكان الأشهر والأبرز في هذه المدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية، الذي وقف في وجه البدع والخرافات الموجودة والمنتشرة في ذلك الوقت، ورفع الراية في وجه المبتدعة وغلاة الصوفية.
وكان من نتيجة ذلك أن انقسم العلماء والفقهاء والحكام والناس في شأن ابن تيمية إلى فريقين، فتحامل عليه علماء الصوفية، وكثير من الفقهاء والقضاة حتى وشوا به عند الحكام، فوقف بعضهم بجانبه، والبعض الآخر وقف ضده، وكان من الذين وقفوا مع ابن تيمية وناصروه ابن كثير رحمه الله[21].

شيوخه:
أخوه الأكبر عبد الوهاب بن عمر بن كثير كمال الدين[22]، وعيسى المطعم، وأحمد بن الشيخة، والقاسم بن عساكر، ومحمد بن محمد بن محمد الشيرازي، وإسحاق بن يحيى الآمدي، ومحمد بن أحمد الزراد، وابن قاضي شهبة، وابن الزَّمْلَكاني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وبرهان الدين الفزاري (ابن الفِرْكاح)، ومحمد بن شرف الدين البعلبكي الحنبلي، وابن الشحنة، وعبد الله بن محمد بن يوسف المقدسي، وأبو الفتح الدَّبُوسي، وعلي بن عمر الواني، ويوسف الختني، ومؤرخ الشام البِرْزالي، والحافظ أبو الحجاج المِزِّي، ومؤرِّخ الإسلام الذهبي، وشمس الدين الأصفهاني، وغيرهم[23].

تلاميذه:
من أشهر تلاميذ ابن كثير: سعد الدين النووي[24]، وشهاب الدين بن حجي[25]، وابن الجزري[26]، والزركشي[27]، وغيرهم.

مؤلفات ابن كثير:
(تفسير القرآن العظيم)، و(البداية والنهاية)، وكتاب (التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل) جمع فيه كتابي شيخيه المِزِّي والذهبي وهما: "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" و"ميزان الاعتدال في نقد الرجال"، مع زيادات مفيدة في الجرح والتعديل. و(تخريج أحاديث أدلة التنبيه في فروع الشافعية)، و(تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه)، و(فضائل القرآن)، وكتاب في السماع، ومسند الشيخين، والنهاية في الفتن والملاحم، والمقدمات، ومسند عمر بن الخطاب والآثار المروية عنه.
وكتاب (الهَدْي والسَّنَن في أحاديث المسانيد والسُّنَن) وهو المعروف بجامع المسانيد، جمع فيه بين مسند الإمام أحمد والبزار وأبي يعلى ومعجمي الطبراني مع الكتب الستة: الصحيحين والسنن الأربعة، ورتبه على الأبواب. و(طبقات الشافعية) مجلد وسط، ومعه مناقب الشافعي، وشرع في (شرح صحيح البخاري) ولم يكمله، وشرع في كتاب كبير في (الأحكام) وصل فيه إلى الحج، واختصار علوم الحديث، اختصر فيه مقدمة ابن الصلاح المعروفة، وسمَّاه (الباعث الحثيث)، و(مسند الشيخين) يعني أبا بكر وعمر، و(السيرة النبوية) مطوَّلة ومختصرة، و(الاجتهاد في طلب الجهاد)، و(قصص الأنبياء)، وغيرها[28].

منهج ابن كثير في تفسيره:
أ- تفسير الآية بعبارة سهلة، وبأسلوب مختصر، يوضِّح المعنى العام للآية الكريمة.
ب- تفسير الآية بآية أخرى إن وجدت؛ حتى يتبين المعنى، ويظهر المراد، وقد يذكر ابن كثير عدة آيات في تفسير الآية الأولى، وكأنه يجمع بين الآيات المتشابهة والمتماثلة في المعنى، والمتحدة في الموضوع، فتأتي الآيات المتناسبة في مكان واحد.
ج- رواية الأحاديث بأسانيدها غالبًا، وبغير إسناد أحيانًا لإلقاء الضوء النبوي على معنى الآية؛ لأن وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم التبليغ والبيان.
د- تفسير القرآن بأقوال الصحابة؛ حيث يُردِف ابن كثير في تفسير الآية ما وصله من أقوال الصحابة في تفسير هذه الآية، حسب المؤهلات التي يمتلكونها.
هـ- الاستئناس بأقوال التابعين وتابعي التابعين ومَن يليهم من علماء السلف، وخاصةً أهل القرون الأولى الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية، وحملوا الدعوة والإسلام[29].
و- الإسرائيليات: نتج عن روايات بعض الصحابة وبعض التابعين وجود الأحاديث والروايات المأخوذة من مصادر أهل الكتاب، والتي تُسمَّى الإسرائيليات، ومعظمها غير صحيح وغير معقول، وأكثرها غرائب وطرائف. وقد نوَّه ابن كثير على وجود هذه الإسرائيليات في مقدمة تفسيره، فقال: "تُذكر للاستشهاد لا للاعتضاد"[30].
وكان ابن كثير ينبِّه على الإسرائيليات والموضوعات في التفسير، تارةً يذكرها ويعقِّب عليها بأنها دخيلة على الرواية الاسلامية، ويبين أنها من الإسرائيليات الباطلة المكذوبة، وتارةً لا يذكرها بل يشير إليها، ويبيِّن رأيه فيها. وقد تأثر في هذا بشيخه ابن تيمية، وزاد على ما ذكره كثيرًا، وكل من جاء بعد ابن كثير من المفسرين ممن تنبه إلى الإسرائيليات والموضوعات، وحذر منها.
ولا عجب في هذا، فهو من مدرسة عُرفت بحفظ الحديث، والعلم به روايةً ودرايةً، وأصالة النقد، والجمع بين المعقول والمنقول، وهي مدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه: ابن القيم، والذهبي، وابن كثير، وأمثالهم.
ز- الأحكام الفقهية: يتعرض ابن كثير عند تفسير آيات الأحكام إلى بيان الأحكام الشرعية، ويستطرد في ذكر أقوال العلماء وأدلتهم، ويخوض في المذاهب ويعرض أدلتهم.
حـ- الشواهد اللغوية والشعرية: اعتمد ابن كثير على اللغة العربية في فهم كلام الله تعالى الذي نزل باللغة العربية، ويجب أن يفسر حسب مقتضى الألفاظ، وأساليب اللغة، ودلالات الألفاظ، وشواهد الشعر التي تدل على المعنى، وتوضِّح المراد.
ط- الأعلام والرجال: حرص ابن كثير على ذكر الأعلام الذين نقلت عنهم الآراء؛ ليكون دقيقًا في نقله، مع المحافظة على الأمانة العلمية، فجاء تفسيره زاخرًا بأسماء العلماء وأعلام الرجال.
ك- قوة الشخصية: عرض ابن كثير لأحاديث متعددة، وروايات كثيرة، وأقوال مختلفة، ولكنه لم يقف عند هذا الحد، بل كانت شخصيته العلمية واضحة وبارزة، فكان يبين درجة الأحاديث، ويثبت صحة أكثرها، ويضعِّف بعض الروايات، ويعدِّل بعض الرواة، ويجرِّح بعضًا آخر؛ وكل ذلك لباعه الطويل في فنون الحديث وأحوال الرجال. وسار على هذا النهج في إيراد الأحكام الفقهية، وآراء المذاهب، فيعمد إلى بيان الراجح منها، والموافق لدلالات الآيات الكريمة.
ي- الاقتباس: كان ابن كثير رحمه الله يعتمد على من سبقه من المفسرين، وينقل عنهم، ويصرح بذلك؛ ومنهم إمام المفسرين ابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وابن عطية، وأقوال شيخ الإسلام ابن تيمية[31].

آراء العلماء فيه:
قال عنه الذهبي: "الإمام الفقيه المحدِّث البارع عماد الدين، درس الفقه وأفتى، وتفهم العربية والأصول، ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم، وله حفظ ومعرفة"[32]. وقال الذهبي في المختص: "الإمام المفتي، المحدث البارع، ثقة، متفنن، محدث متقن"[33]. وقال عنه السيوطي: "الإمام المحدث الحافظ، ذو الفضائل، عماد الدين..."[34].
وقال عنه المؤرخ الشهير ابن تغري بردي: "الشيخ الإمام عماد الدين أبو الفداء...، وجمع وصنَّف، ودرَّس وحدَّث وألَّف، وكان له اطلاع عظيم في الحديث والتفسير والفقه والعربية وغير ذلك"[35].
وقال ابن حبيب فيه: "إمام ذوي التسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل، سمع وجمع وصنَّف، وأطرب الأسماع بقوله وشنَّف، وحدَّث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير"[36]. وقال عنه الزركلي: "حافظ مؤرخ فقيه"[37].

آراء العلماء في مؤلفاته:
قال السيوطي عن تفسير ابن كثير: "وله التفسير الذي لم يؤلَّف على نمطه مثله"[38]. وقال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة: "وسارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته"[39]. وقال الذهبي في المعجم المختص: "وله تصانيف مفيدة"[40].
وقال ابن تغري بردي عن كتابه (البداية والنهاية): "وهو في غاية الجودة... وعليه يعول البدر العيني في تاريخه"[41].

وفاته:
اتفق المؤرخون على أن ابن كثير -رحمه الله- تُوفِّي بدمشق يوم الخميس، السادس والعشرين من شعبان سنة 774هـ/ 1373م عن أربع وسبعين سنة، وكانت جنازته حافلة ومشهودة، ودُفن بوصية منه في تربة شيخ الإسلام ابن تيمية لمحبته له، وتأثره به؛ لينعم بجواره حيًّا وميتًا[42]. وقد رثاه أحد طلاب العلم فقال:

لفقـدك طلاب العلوم تأسفوا *** وجادوا بدمع لا يبيد غزير
ولو مزجوا ماء المدامع بالدِّمـا *** لكان قليلاً فيك يابن كثير
[43]

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله عن الإسلام والقرآن خير الجزاء.





[1] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177. السيوطي: طبقات الحفاظ 1/ 112.
[2] ابن تغري بردي: السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[3] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص55، 56.
[4] السابق نفسه ص68.
[5] ابن كثير: البداية والنهاية 14/ 32.
[6] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص66- 69.
[7] ابن كثير: البداية والنهاية 14/150- 312.
[8] ابن حجر: إنباء الغمر بأبناء العمر 1/ 39. ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 6/ 231. ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 416. د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص119.
[9] الذهبي: معجم محدثي الذهبي (المعجم المختص) ص56. وانظر: المنهل الصافي 2/ 416.
[10] الداودي: طبقات المفسرين 1/ 111. النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1/36.
[11] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص121.
[12] السابق نفسه ص123.
[13] الداودي: طبقات المفسرين 1/ 111.
[14] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص123.
[15] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص124.
[16] السابق نفسه ص126.
[17] السابق نفسه ص130.
[18] مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان (49). والنسائي (5008)، وأحمد (11166).
[19] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص130، 131.
[20] ابن كثير: البداية والنهاية 14/131، 132. د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص132- 135.
[21] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص137- 140.
[22] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177.
[23] ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 1/ 156. ابن تغري بردي: السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[24] ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 7/ 49. السخاوي: الضوء اللامع 3/ 254.
[25] ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 1/ 156.
[26] ابن الجزري: طبقات القراء 2/ 247. السخاوي: الضوء اللامع 9/ 255. الزركلي: الأعلام 7/ 274.
[27] ابن حجر: الدرر الكامنة 4/ 17.
[28] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص150- 152.
[29] السابق نفسه ص216- 218.
[30] ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 1/ 4.
[31] د. محمد الزحيلي: ابن كثير الدمشقي ص218- 222.
[32] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177.
[33] السيوطي: طبقات الحفاظ 1/ 112.
[34] السيوطي: ذيل طبقات الحفاظ ص361.
[35] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 2/ 415.
[36] ابن حجر: إنباء الغمر 1/ 12.
[37] الزركلي: الأعلام 1/ 320.
[38] السيوطي: طبقات الحفاظ 1/ 112.
[39] ابن حجر: الدرر الكامنة 1/ 125. السيوطي: السابق نفسه 1/ 112.
[40] ابن حجر: السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[41] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177.
[42] ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 1/ 156. ابن تغري بردي: السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[43] ابن تغري بردي: السابق نفسه، الصفحة نفسها.


المصدر موقع قصة الإسلام




يتبع

[/cell]
[/table1]
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-07-2011, 03:16 PM
الصورة الرمزية حسين السلمي
حسين السلمي غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
الدولة: السعودية :/~ ... ~
المشاركات: 1,368
افتراضي رد: علماء التفسير

أفنو حياتهم طلبا في تعلمه وتدارسه
سيرة عطره
كعطر علمه
هم علمئنا ومن نهجهم نتعلم ونقتبس
،
جُزيتِ خيرا على ماطرحتي
:)
__________________






رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-07-2011, 10:34 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: علماء التفسير

جزاكم الله خيرا أخي حسين السلمي ورزقكم الله الفردوس الأعلى
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07-11-2011, 02:44 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: علماء التفسير

[table1="width:100%;background-image:url('http://www.solaim.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/40.gif');border:1px solid deeppink;"][cell="filter:;"]






الألوسي




اسمه ومولده:
هو محمود بن عبد الله الحسيني الألوسيّ، شهاب الدين أبو الثناء، مفسِّر محدِّث أديب من المجددين[1]. وُلِد في بغداد[2] سنة 1217هـ/ 1802م[3]، وعاش بها[4].

نشأته:
ذكر الإمام الألوسي في مقدمته أنه منذ عهد الصغر، لم يزل متطلبًا لاستكشاف سر كتاب الله المكتوم، مترقبًا لارتشاف رحيقه المختوم، وأنه طالما فرَّق نومه لجمع شوارده، وفارق قومه لوصال فرائده، لا يَرْفَلُ في مطارف اللهو كما يرفل أقرانه، ولا يهب نفائس الأوقات لخسائس الشهوات كما يفعل إخوانه؛ وبذلك وفَّقه الله للوقوف على كثيرٍ من حقائقه، وحلِّ وفير من دقائقه. وذكر أنه قبل أن يكمل سنَّه العشرين، شرع يدفع كثير من الإشكالات التي ترد على ظاهر النظم الكريم، ويتجاهر بما لم يُظفر به في كتابٍ من دقائق التفسير.

ثم ذكر أنه كثيرًا ما خطر له أن يُحرِّر كتابًا يجمع فيه ما عنده من ذلك، وأنه كان يتردد في ذلك، إلى أن رأى في بعض ليالي الجمعة من شهر رجب سنة 1252هـ أن الله جلَّ شأنه أمره بطيِّ السموات والأرض، ورتق فتقها على الطول والعرض، فرفع يدًا إلى السماء، وخفض الأخرى إلى مستقر الماء، ثم انتبه من نومه وهو مستعظم لرؤيته، فجعل يفتِّش لها عن تعبير، فرأى في بعض الكتب أنها إشارة إلى تأليف تفسير، فشرع فيه في الليلة السادسة عشرة من شهر شعبان من السنة المذكورة، وكان عمره إذ ذاك أربعًا وثلاثين سنة، وذلك في عهد محمود خان ابن السلطان عبد الحميد خان. وذكر في خاتمته أنه انتهى منه ليلة الثلاثاء لأربعٍ خلون من شهر ربيع الآخر سنة 1267هـ، ولما انتهى منه سمَّاه (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني).

كما اشتغل الألوسي بالتدريس والتأليف وهو ابن ثلاث عشرة سنة، فدرس في عدَّة مدارس، وقُلِّد إفتاء الحنفية سنة 1248هـ، فشرع يدرِّس سائر العلوم في داره الملاصقة لجامع الشيخ عبد الله العاقولي في الرُّصافة، وقد تتلمذ له وأخذ عنه خلقٌ كثير من قاصي البلاد ودانيها. وله حاشية على شرح قطر الندى لابن هشام ألَّفها وعمره لا يتجاوز ثلاث عشرة سنة[5].

ملامح شخصيته وأخلاقه:
كان -رحمه الله- عالمًا باختلاف المذاهب، مطلعًا على الملل والنحل، شافعيَّ المذهب، إلا أنه في كثير من المسائل يقلد الإمام أبا حنيفة رحمه الله، وكان آخر أمره يميل إلى الاجتهاد.

وكان -رحمه الله- شيخ العلماء في العراق، سلفيَّ الاعتقاد، مجتهدًا، نادرةً من نوادر الأيام، جمع كثيرًا من العلوم حتى أصبح علاَّمة في المنقول والمعقول، فهَّامة في الفروع والأصول، محدِّثًا لا يُجارى، ومفسرًا لكتاب الله لا يبارى.

وكان -رحمه الله- يواسي طلبته في ملبسه ومأكله، ويُسكِنهم البيوت الرفيعة من منزله، حتى صار في العراق العلم المفرد، وانتهت إليه الرياسة لمزيد فضله الذي لا يحمد، وكان نسيجًا وحده في النثر وقوة التحرير، وغزارة الإملاء، وجزالة التعبير.

كما كان مجاهدًا في نشر الحق والرد على الباطل، فشنَّ غاراته على الخرافات المتأصلة في النفوس، فكتب الرسائل، وألَّف المؤلفات التي زعزعت أسس الباطل، وأحدثت دويًّا وإصلاحًا عظيمًا، وارتفع صوته كمصلح ديني يدوِّي في المطالبة بتطهير الدين مما لحقه من البدع.

وكان ذا حافظة عجيبة، فكثيرًا ما كان يقول: "ما استودعتُ ذهني شيئًا فخانني، ولا دعوتُ فكري لمعضلة إلا وأجابني"[6].

وكان -رحمه الله- أحد أفراد الدنيا، يقول الحق، ولا يحيد عن الصدق، متمسكًا بالسنن، متجنبًا عن الفتن، حتى جاء مجددًا، وللدين الحنفي مسددًا، وكان جُلُّ ميله لخدمة كتاب الله، وحديث جَدِّه رسول الله ؛ لأنهما المشتملان على جميع العلوم، وإليهما المرجع في المنطوق والمفهوم. وكان غايةً في الحرص على تزايد علمه، وتوفير نصيبه منه وسهمه[7].

كَلِف بالعلوم منذ حداثة سنِّه، وبذل النفس والنفيس في إحراز جواهرها، حتى إن رغبته في طلب المعارف شغلته عن حُطام الدنيا، وأَنْستهُ هناء العيش وملاذ الحياة، وبرز في العلوم الدينية فصار إمامًا في التفسير والإفتاء، وكان مع ذلك كاتبًا بليغًا وخطيبًا مِصْقَعًا. وفي 1262هـ/1845م سافر برفقة عبدي باشا المشير إلى الموصل، ثم إلى ماردين فديار بكر فأُرزوم فسيواس فالأستانة، واجتمع حيث دخل بأعلام العلماء وأئمة الأدباء، وكانوا يتهافتون إليه؛ ليقتبسوا من أنواره، ويغرفوا من بحاره. فلما عاد إلى وطنه سنة 1269هـ انقطع إلى التأليف.

وكان الألوسي سريع الخاطر، ونسيج وحده في قوة التحرير وسهولة الكتابة ومسارعة القلم؛ قيل: إنه كان لا يقصر تأليفه في اليوم والليلة عن أقل من ورقتين كبيرتين[8]. كما كان شاعرًا له شعر قليل إلا أنه غاية في الرقة، منها هذه الأبيات يذكر العراق في غربته:

أهيمُ بآثار العـراقِ وذكـره *** وتغدو عيـوني من مسرَّتـها عَبْـرَى
وألثم إخـفاقًا وطـنَ ترابـه *** وأكحـلُ أجفـانًا بتربتـه العَطْـرَى
وأسهر أرعى في الدياجي كواكبًا *** تمرُّ إذا سارت علـى ساكني الزورا
وأنشقُ ريح الشرق عند هبوبها *** أداوي بها يا ميُّ مُهجتي الحَرّا

وقال في وصف بغداد وفراقه لها:
أرضٌ إذا مرَّت بها ريحُ الصبـا *** حملت من الأرجاء مسكـًا أذفـرا
لا تسمعَنَّ حديث أرضٍ بعدها *** يُروى فكل الصيد في جوف الفـرا
فارقتها لا عن رضًى وهجـرتها *** لا عن قلًى ورحلـتُ لا متخيَّـرا
لكنـها ضاقـت عليَّ برحبـها *** لمـا رأيتُ بها الزمـان تنكَّـرا

ومن حسن قوله وصفه لشاعر سهل الألفاظ بعيد المعاني:
تتحيَّرُ الشعراء إن سمعوا به *** في حسن صنـعته وفي تأليفـه
فكأنهُ في قربه من فهمهم *** ونكولهم في العجز عن ترصيفـهِ
شجرٌ بدا للعين حسنُ نباتهِ *** ونأى عن الأيدي جَنَى مقطوفهِ

وقال مستغفرًا وقد افتتح به كتاب مقاماته:
أنا مذنبٌ أنا مجرمٌ أنا خاطئ *** هو غافرٌ هو راحمٌ هو عافـي
قابلتهـنَّ ثلاثـةٌ بثلاثـةٍ *** وستغلبَن أوصـافُهُ أوصـافـي[9]

شيوخه:
أخذ الألوسي العلم عن فحول العلماء، منهم والده العلاَّمة، والشيخ خالد النقشبندي، والشيخ على السويدي[10]، والشيخ علي الموصلي، والشيخ يحيى المروزي العمادي[11]، ومحمد بن أحمد التميمي الخليلي المصري[12].

كما روى عن عبد الرحمن الكزبري، وعبد اللطيف بن حمزة فتح الله البيروتي، والشمس محمد أمين بن عابدين مكاتبةً، واجتمع في إسلامبول بشيخ الإسلام عارف الله بن حكمة الله، وأجاز كل منهما صاحبه، والشمس محمد التميمي الحنفي، وأخذ في العراق عن علاء الدين عليّ الموصلي، وعلي بن محمد سعيد السويدي، وعبد العزيز بن محمد الشواف، والمعمر يحيى المروزي العمادي، والشيخ عبد الفتاح شوَّاف زاده[13]، وغيرهم.

تلاميذه:
أخذ عنه كثيرون، ونتصل بمروياته ومؤلفاته من طرقٍ منها: عن إبراهيم بن سليمان الحنفي المكي عن محمد بن حميد الشرقي مفتي الحنابلة بمكة المكرمة عنه، ومنها عن الشيخ أحمد أبي الخير المكي عن نعمان الألوسي عن أبيه، ومنها بأسانيدنا إلى عارف الله بن حكمة الله عنه[14]. ومن أشهر تلاميذه صالح بن يحيى بن يونس الموصلي السعدي، وغيرهم[15].

مؤلفاته:
ألف الألوسي كتبًا عديدة في التفسير والفقه والمنطق والأدب واللغة، وخلَّف رحمه الله تعالى ثروة علمية كبيرة ونافعة، بَيْدَ أنَّه يأتي على رأس هذه المؤلفات كتابه: (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني)، و(نشوة الشمول في السفر إلى إسلامبول) رحلته إلى الأستانة، و(نشوة المدام في العود إلى دار السلام)، و(غرائب الاغتراب) ضمَّنه تراجم الذين لقيهم، وأبحاثًا ومناظرات، و(دقائق التفسير)، و(الخريدة الغيبية) شرح به قصيدة لعبد الباقي الموصلي، و(كشف الطرة عن الغرة) شرح به درة الغواص للحريري، و(المقامات) في التصوف والأخلاق، عارض بها مقامات الزمخشري، و(الأجوبة العراقية عن الأسئلة الإيرانية)، و(حاشية على شرح القطر) لابن هشام ألَّفها وعمره لا يتجاوز ثلاث عشرة سنة في النحو، و(الرسالة اللاهورية)، و(التبيان في مسائل إيران)، و(شرح السلم في المنطق)[16]، و(شهي النغم في ترجمة عارف الحكم)[17].

تفسير روح المعاني ونهج مؤلفه فيه:
كان الألوسي -رحمه الله- شيخ العلماء في العراق في عصره، ونادرة من النوادر التي جادت بها الأيام؛ جمع كثيرًا من علوم المنقول والمعقول، وأحكم فهم علمي الفروع والأصول، وكان مع هذا وذاك مفسرًا لكتاب الله لا يُبارى، ومحدِّثًا للسُّنَّة لا يُجارى.

ومع أنه -رحمه الله- كان شافعيَّ المذهب إلا أنه في كثير من المسائل كان يقلد الإمام أبا حنيفة، وكان عالمًا باختلاف المذاهب، ومطلعًا على الملل والنحل، وكان في آخر حياته يميل إلى الاجتهاد، وقد خلَّف ثروةً علمية كبيرة ونافعة، يأتي في مقدمتها تفسيره المسمى (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني).

وهذا التفسير -كما يتبين للناظر فيه- قد أفرغ فيه مؤلِّفه وسعه، وبذل جهده، حتى أخرجه للناس تفسيرًا جامعًا لآراء السلف روايةً ودرايةً، ومشتملاً على أقوال الخلف بكل أمانة وعناية، فهو تفسير -والحق يقال- جامعٌ لخلاصة ما سبقه من التفاسير.

ثم إن المؤلف -رحمه الله- إذ ينقل من تفاسير مَن سبقه من المفسرين، لم يكن مجرَّد ناقل فحسب، بل كان يُنَصِّب من نفسه حَكَمًا عدلاً على كل ما ينقل، ويجعل من نفسه ناقدًا مدقِّقًا وممحصًا لكل رأي وقول، ثم هو بعدُ يُبدِي رأيه حرًّا فيما ينقل. ويلاحظ على مؤلِّفنا أنه كان كثيرًا ما يتعقب الرازي في العديد من المسائل الفقهية، ويخالفه الرأي فيها، لكن إن استصوب رأيًا لبعض مَن ينقل عنهم انتصر له، ونافح عنه بكل ما أُوتى من قوة.

لكن مما يُؤخذ على الألوسي أنه كان مترددًا في مسائل الأسماء والصفات بين مذهبي السلف والخلف؛ فهو أحيانًا يميل إلى مذهب السلف ويقرره وينسب نفسه إليه، كما فعل عند تفسيره لصفة الحياء في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً} [البقرة: 26]، وأحيانًا أخرى نجده يميل لمذهب الأشاعرة وينتصر لهم كما فعل عند تفسيره لصفة الكلام في قوله تعالى: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253]. ونحن في حينٍ ثالث نجده يُظهِر نوعًا من التحفُّظ وعدم الصراحة الكاملة، كما فعل عند حديثه على صفة الفوقية في قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10]، وفي حينٍ آخر نجده يقرر مذهب السلف والخلف ويرجِّح مذهب الخلف، كما فعل في صفة الاستواء في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]. وهكذا نجده متردِّدًا -رحمه الله- بين مذهب السلف والخلف؛ ولأجل هذا عدَّه بعضهم من أصحاب التفسير بالمعقول.

ثم إننا نلحظ من منهجه في تفسيره -فوق ما تقدم- الأمور التالية:

- استطراده كثيرًا في المسائل الكونية التي ليس لها علاقة وثيقة بعلم التفسير.

- وكان له استطراد أيضًا في ذكر المسائل النحوية، إذ كان يتوسع بها أحيانًا إلى درجة يكاد يخرج بها عن وصف كونه مفسِّرًا.

- أما المسائل الفقهية فمنهجه فيها أن يستوفي أقوال أهل العلم في المسألة موضوع البحث، ومن ثَمَّ يختار منها ما يؤيده الدليل، من غير تعصب لمذهب معين، بل رائده في ذلك: أن الحق أحق أن يُتَّبع.

- وكانت للمؤلف -رحمه الله- عناية ملحوظة بنقد الروايات الإسرائيلية، وتفنيد الأخبار المكذوبة التي ساقها بعض المفسرين السابقين له، فنحن - مثلاً - نجده يُعَقِّب بعد أن ساق قصة من القصص الإسرائيلي، فيقول: "وليس العجب من جرأة من وضع هذا الحديث، وكذب على الله تعالى، إنما العجب ممن يُدخِل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره، ولا يُبيِّن أمره"[18]. وعلى هذا المجرى يجري في تفنيده لتلك المرويات والأخبار.

- وكغيره من المفسرين السابقين، نجد الألوسي يعرض للقراءات القرآنية الواردة في الآية الكريمة، بيد أنه لا يتقيد بالمتواتر منها، بل ينقل غير المتواتر لفائدة يراها، ولكن يُنبِّه عليه.

- ويُلاحظ أن للألوسي عناية ملحوظة بذكر أوجه المناسبات بين الآيات والسور، مع تعرضه لذكر أسباب النزول لفَهْم الآيات وفق أسباب نزولها.

- وأخيرًا، فإن الألوسي في تفسيره كان ميَّالاً إلى التفسير الإشاري، وهذا ما أُخذ عليه؛ فهو بعد أن يفرغ من الكلام عن كل ما يتعلق بظاهر الآيات، تُراه يذكر لها تفسيرًا إشاريًّا، أي يفسرها تفسيرًا يخرج بها عن ظاهرها، وهذا فيه ما هو مقبول، وفيه ما هو مردود، لا يُوافَق عليه.

ومهما يكن، فإن تفسير (روح المعاني) يبقى موسوعة تفسيرية قيِّمة، جمعت جُلَّ ما قاله علماء التفسير المتقدمين، وامتازت بالنقد الحر، والترجيح المعتمد على الدليل، والرأي البنَّاء، والاتزان في تناول المسائل التفسيرية وغيرها، مما له ارتباط بموضوع التفسير. فجزى الله مؤلِّفه خير الجزاء، ونفع المسلمين بعلمه[19].

وفاته:
تُوفِّي -رحمه الله تعالى- يوم الجمعة 25 من ذي القعدة سنة 1270هـ الموافق 1854م. وقيل: توفي في 21 من ذي القعدة، ودُفِن بالقرب من الشيخ معروف الكرخي، وقبره مشهور يُزار[20].

وقد أرَّخ وفاته الإمام الأديب الشيخ عبد الباقي أفندي العمري بقوله:

قبر به قد توارى خير مفقـود *** فاغتم حزنًا عليه كل موجـود
أبو الثناء شهاب الدين فيه ثوى *** فيا لمثوى برفد الفضل مرفـود
كجَدِّه كان سيفًا يستضاء به *** فحاز في الرشد حدًّا غير محـدود
مضى تغمده المـولى برحمتـه *** فليفتخر لحـده فيـه بمغمـود
من بعده لا فقدنا من بنيه فتى *** لم يبك ميت ولم يفرح بمولـود
تفسير روح معاني الذكر نضدها *** كعِقْد دُرٍّ بأيدي الفكر منضود
على تبحره في العلم شاهـدة *** كفى بها شاهدًا في حق مشهـود
أجاب أعلام إيـران بأجـوبة *** برهانها غير مدفـوع ومـردود
حور الجنان به حفت مؤرخـة *** جنات روح المعاني قبر محمـود[21]






[1] الزركلي: الأعلام 7/176.

[2] الزركلي: السابق نفسه، الصفحة نفسها. لويس شيخو: السابق نفسه 1/48.

[3] السابق نفسه، الصفحة نفسها. لويس شيخو: تاريخ الآداب العربية 1/54.

[4] الزركلي: السابق نفسه، الصفحة نفسها.

[5] لويس شيخو: تاريخ الآداب العربية 1/48.

[6] د/محمد حسين الذهبى: التفسير والمفسرون، مكتبة وهبة، القاهرة، الطبعة السابعة، 2000م، 1/251.

[7] عبد الرزاق البيطار: حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر 2/125.

[8] لويس شيخو: تاريخ الآداب العربية ص90.

[9] لويس شيخو: تاريخ الآداب العربية، دار المشرق، بيروت، طبعة ثالثة، 1991م، ص91.

[10] عبد الرزاق البيطار: حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر 2/125.

[11] لويس شيخو: تاريخ الآداب العربية 1/54.

[12] الكتاني: فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات 1/267.

[13] لويس شيخو: تاريخ الآداب العربية 1/52.

[14] الكتاني: فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات 1/140

[15] السابق نفسه، الصفحة نفسها. الزركلي: الأعلام 3/198.

[16] الزركلي: السابق نفسه 7/176. لويس شيخو: تاريخ الآداب العربية 1/48.

[17] الزركلي: السابق نفسه 1/141.

[18] الألوسي: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ، 6/86.

[19] موقع الشبكة الإسلامية، الرابط: http://www.islamweb.net/ver2/archive...ang=A&id=40355

[20] عمر كحالة: معجم المؤلفين 12/175. لويس شيخو: تاريخ الآداب العربية 1/48. عبد الرزاق البيطار: حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر 2/125، 126.

[21] عبد الرزاق البيطار: السابق نفسه، الصفحة نفسها.









المصدر موقع قصة الإسلام




يتبع

[/cell]
[/table1]
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07-15-2011, 03:04 AM
الصورة الرمزية الفني
الفني غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: جــــــدة
المشاركات: 898
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى الفني
افتراضي رد: علماء التفسير


__________________

التعديل الأخير تم بواسطة الفني ; 07-15-2011 الساعة 03:49 AM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 07-15-2011, 10:26 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: علماء التفسير

جزاكم الله خيرا أخي ورزقكم الله الفردوس الأعلى
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 07-26-2011, 04:48 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: علماء التفسير

[table1="width:100%;background-image:url('http://www.solaim.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/40.gif');border:1px solid deeppink;"][cell="filter:;"]





\7




\7






اسمه ونسبه:
هو حافظ الدين عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين أبو البركات النسفي الحنفي، والنسفي نسبة إلى نسف من بلاد السند فيما وراء النهر بين جيحون وسمرقند، وهو من كبار أئمة الأحناف، وأهم أعيان الماتريدية.
مولد النسفي:
لم يُعرف تحديدًا السنة التي وُلد فيها.
البلد التي ولد فيها:
أصبهان.
شيوخ النسفي:
تفقه على محمد بن عبد الستار الكردري، وعلى حميد الدين الضرير، وبدر الدين خواهر زاده، وغيرهم.
مؤلفات النسفي:
أشهر تصانيفه: مدارك التنزيل وحقائق التأويل في تفسير القرآن. ومن مؤلفاته أيضًا: كنز الدقائق في الفقه، والمنار في أصول الفقه، وكشف الأسرار وشرح المنار، والوافي في الفروع، والكافي في شرح الوافي، والمصفى في شرح منظومة أبي حفص النسفى في الخلاف.
ثناء العلماء على النسفي:
قال عنه صاحب كتاب معجم المطبوعات العربية: كان إمامًا كاملاً عديم النظير في زمانه، رأسًا في الفقه والأصول، بارعًا في الحديث ومعانيه.
وفاة النسفي:
توفي في أصبهان سنة 710هـ/ 1310م.




المراجع:
- هدية العارفين.. الباباني.
- معجم المطبوعات العربية.. اليان سركيس.
- الأعلام.. الزركلي.




المصدر موقع قصة الإسلام




يتبع

[/cell]
[/table1]
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 07-29-2011, 06:03 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: علماء التفسير

[table1="width:100%;background-image:url('http://www.solaim.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/40.gif');border:1px solid deeppink;"][cell="filter:;"]





\7




\7





هو محمد بن محمد الإمام العلامة، المحقق المدقق الفهامة، العلم الراسخ، والطود الشامخ، المولى أبو السعود العمادي الحنفي مفتي التخت السلطاني وهو أعظم موالي الروم، وأفضلهم لم يكن له نظير في زمانه في العلم، والرئاسة، والديانة، ولد سنة 896هـ بقرية قرب القسطنطينية، وقرأ على والده وتنقل في المدارس واكتسب علمًا كثيرًا. تولى قضاء (بورسه) ثم نقل إلى قضاء القسطنطينية، ثم قضاء العسكر في ولاية الروميلي، ثم تولى منصب الإفتاء في السلطنة.

ملامح شخصيته وأخلاقه:
كان حاضر الذهن، سريع البديهة، وكان متمكنًا من العربية والفارسية والتركية. من مؤلفاته تفسيره المشهور ( إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم) جمع فيه ما في تفسير البيضاوي، زاد فيه زيادات حسنة من تفسير القرطبي، والثعلبي والواحدي، والبغوي، وغيرها، وله كتاب جمع فيه بعض ملازميه جملة صالحة من فتاويه، وله رسائل في الوقف.

وكان المولى أبو السعود عالمًا عاملاً، وإمامًا كاملاً شديد التحري في فتاويه حسن الكتابة عليها، وقدرًا مهيبًا حسن المجاورة، وافر الأنصاف دينًا خيرًا سالمًا مما ابتلي به كثير من موالي الروم من أكل المكيفات، سالم الفطنة جيد القريحة، لطيف العبارة، حلو النادرة؛ سئل عن شخص لا هو مريض ولا صحيح، ولا حي ولا ميت، ولا عاقل ولا مجنون، ولا نائم ولا يقظان، فأجاب بقوله: إن كان لهذا وجود فهو الترياقي. وسئل عن شرب القهوة قبل أن يكمل اشتهارها بعدما قرر له اجتماع الفسقة على شربها، فأجاب بقوله: ما أكب أهل الفجور على تعاطيه، فينبغي أن يجتنبه من يخشى الله ويتقيه. وهذا ليس فيه تصريح بتحريمها، بل يقتضي أن الأولى تركها حذرًا من التشبه بالفجار، والكلام في القهوة الآن قد انتهى الاتفاق على حلها في نفسها، وأما اجتماع الفسقة على إدارتها على الملاهي والملاعب، وعلى الغيبة والنميمة، فإنه حرام بلا شك.

وله القصيدة الميميَّة المشهورة التي أوَّلها:
أبعد سليمى مطلب ومرام *** ودون هواها لوعة وغرام
وفوق حماها ملجأ ومثابة *** ودون ذراها موقف ومقام


شيوخه:
أخذ عن علماء عصره منهم العلامة المولى قادري جلبي، وترقى في التداريس، والمناصب حتى ولي الإفتاء الأعظم.

مؤلفاته:
من مصنفاته: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم في تفسير القرآن مجلدين مطبوع بمصر، بضاعة القاضي في الصكوك، ثواقب الأنظار في أوائل منار الأنوار في الأصول، حسم الخلاف في المسخ على الخفاف، غلطات العوام غمرات المليح في أول مباحث قصد العام من التلويح، الفتاوى، قانون المعاملات، معاقد الطراز، موقف العقول في وقف المنقول، قصيدة ميمية مشهورة، نهاية الأمجاد على كتاب الجهاد على الهداية للمرغياني.

وفاته:
توفي المفتي أبو السعود -رحمه الله تعالى- بالقسطنطينية في الثلث الأخير من ليلة الأحد خامس جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة (982هـ)، وكانت جنازته حافلة وصلى عليه في حرم جامع السلطان محمد الكبير في ملأ عظيم، وجمع كثير، وتقدم للصلاة عليه فخر الموالي سنان، ودفن في القسطنطينية بمقبرته التي أنشأها بالقرب من تربة الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه.





المصدر موقع قصة الإسلام




يتبع

[/cell]
[/table1]
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 07-29-2011, 06:12 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: علماء التفسير

[table1="width:100%;background-image:url('http://www.solaim.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/40.gif');border:1px solid deeppink;"][cell="filter:;"]




\7




اسمه ومولده:
هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي المفسِّر[1]. ولد في قرطبة[2] أوائل القرن السابع الهجري (ما بين 600 - 610هـ)[3]، وعاش بها[4]، ثم انتقل إلى مصر حيث استقر بِمُنْيَة بني خصيب في شمال أسيوط، ويقال لها اليوم: المنيا، وبقي فيها حتى تُوفِّي[5].

نشأته وتربيته:
أقبل القرطبي منذ صغره على العلوم الدينية والعربية إقبال المحبِّ لها، الشغوف بها؛ ففي قرطبة تعلم العربية والشعر إلى جانب تعلمه القرآن الكريم، وتلقى بها ثقافة واسعة في الفقه والنحو والقراءات وغيرها على جماعة من العلماء المشهورين، وكان يعيش آنذاك في كنف أبيه ورعايته، وبقي كذلك حتى وفاة والده سنة 627هـ[6].

وكان إلى جانب تلقيه العلم ينقل الآجُرَّ لصنع الخزف في فترة شبابه، وقد كانت صناعة الخزف والفخَّار من الصناعات التقليدية التي انتشرت في قرطبة آنذاك. وكانت حياته متواضعة، إذ كان من أسرة متوسطة أو خامِلة - مع علوِّ حَسَبه ونسبه - إلا أنه أنبه شأن أسرته، وأعلى ذِكرها بما قدَّم من آثار ومؤلفات.

عاش مأساة الأندلس، فقد بقي بقرطبة حتى سقوطها، وخرج منها نحو عام 633هـ، فرحل إلى المشرق طلبًا للعلم من مصادره، فانتقل إلى مصر التي كانت محطًّا لكثير من علماء المسلمين على اختلاف أقطارهم، فدرس على أيدي علمائها، واستقرَّ بها[7].

ملامح شخصيته وأخلاقه:
1- زهده وورعه:
كان القرطبي -رحمه الله- من الزهد والورع بمكان، ومن ثَمَّ أثنى عليه المؤرخون لتحلِّيه بهذه الصفات الحميدة؛ قال ابن فرحون: "كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين، الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة"[8].

ونرى في مطالعتنا لكتب القرطبي نَفَس العالِم الصالح الورع الزاهد في كل صفحة من صفحاتها، فهو يشكو دائمًا من كثرة الفساد، وانتشار الحرام، والابتعاد عن الواجبات، والوقوع في المحرمات[9].

ومن مظاهر ورعه وزهده: تصنيفه كتابي (قمع الحرص بالزهد والقناعة) و(التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة). ومن مظاهره أيضًا: ذَمُّه الغِنَى الذي يجعل صاحبه مزهوًّا به، بعيدًا عن تعهُّد الفقراء، ضعيفًا في التوكل على ربِّ الأرض والسماء[10].

2- شجاعته وجرأته في الحق:
لا غرابة في أن يكون القرطبي شجاع القلب، جريئًا في إعلان ما يراه حقًّا؛ لأنه قد اكتسب تلك الأسباب التي تسلحه بهذه الجرأة من علم واسع، وورعٍ مشهود، واستهانة بالدنيا ومظاهرها؛ لهذا كان رحمه الله ممن لا تأخذه في الله لومة لائم، ويتمثل هذا في إيمائه في أكثر من موضع في تفسيره إلى أن الحكام في عصره حادوا عن سواء السبيل، فهم يظلمون ويرتشون، وتسوَّد عندهم أهل الكتاب، ومن ثَمَّ فهم ليسوا أهلاً للطاعة، ولا للتقدير[11].

نذكر من ذلك ما كتبه في (التذكرة) إذ يقول: "هذا هو الزمان الذي استولى فيه الباطل على الحق، وتغلَّب فيه العبيد على الأحرار من الخلق، فباعوا الأحكام، ورضي بذلك منهم الحكام، فصار الحكم مكسًا، والحق عكسًا لا يوصل إليه، ولا يقدر عليه، بدَّلوا دين الله، وغيَّروا حكم الله، سمَّاعون للكذب أكَّالون للسحت، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[12]"[13].

3- بساطته وتواضعه:
كان رحمه الله -فيما عرف عنه- يُعنى بمظهره دون تكلف وبذخ؛ إذ كان يمشي بثوب واحد مما يدل على رقة حاله، وأنه لم يصب من الغنى ما يجعله يعيش حياة مترفة[14].

4- الجدية ومضاء العزيمة:
إن الدارس لحياة القرطبي ليعجب كل العجب من حياة الجد والصرامة التي أخذ نفسه بها حتى ألفها، فهو رحمه الله قد كرَّس حياته للعلم والمطالعة والتأليف، دون أن يُؤثَر عنه ملل أو سَأَم، أو يُعرف عنه أنه كان يتوقف عن ذلك لراحةٍ أو استجمام[15]؛ ولذا وصفه مترجموه بقولهم: "أوقاته معمورة ما بين توجُّه وعبادة وتصنيف"[16].

ولا شك أن جدية إمامنا القرطبي كانت بسبب استشعار قيمة وعظمة ما يدرس ويصنِّف، فهو على صلة دائمة مع النصوص الشرعية التي تحث على الصدق في القول والعمل، ومخاطبة الناس بالطيب من القول، وتنهى عن السفه وبذاءة اللسان، وتنفِّر من الكبر والرياء والنفاق، وتحذِّر من الافتتان بمباهج الحياة والانسياق وراء مغرياتها. ولا نستغرب ولا تنتابنا الدهشة من هذا الخُلُق إذا فهمنا البواعث النفسية التي كانت تسيطر على صاحبنا، فهو كثير الهمِّ على مسلمي عصره، شديد التمسك بسُنَّة نبيه ، متأثر بما حلَّ ببلاده، حريص على العلم الشرعي، فضلاً عن تأثره بخُلُق كثير من مشايخه لا سيما المحدِّثين منهم، الذين كانوا يتصدرون لتدريس الحديث وروايته، ويحرصون كل الحرص على التقيد بالآداب العامة، ويتشددون في التزامها والتحلي بها؛ كي يكون لهم المهابة والوقار في نفوس مستمعيهم وطلابهم، وحتى لا يكون هناك تناقض بين سلوكهم وأقوالهم، بل هم يشددون على أنفسهم كي يكونوا قدوةً حسنة لتلاميذهم[17].

5- أمانته:
كان القرطبي -رحمه الله- يلتزم الأصول العلمية، ويتبع أساليب العلماء الفضلاء الذين لا يعنيهم إلا أن يثبتوا الفضل لأهله، ويتورعوا عن أن ينسبوا لأنفسهم ما ليس لهم. وهذه هي الأمانة العلمية التي يعمل علماء العالم الآن على تأصيلها، وتثبيت قيمها، واتخاذ أساليب لتنفيذها؛ ولا يتصور أنها تخرج عما ارتضاه الإمام القرطبي لنفسه حين كتب (تفسيره) حيث قال: "وشرطي في هذا الكتاب إضافة الأقوال إلى قائليها، والأحاديث إلى مصنفيها، فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف إلى قائله"[18].

6- اجتهاده وكثرة مطالعته:
ذكر غير واحد من مؤرخي حياة إمامنا القرطبي أن أوقاته كانت معمورة بين توجه للعبادة أو التصنيف، وهذا شأن العلماء، وسمة العارفين الفضلاء، ومنشأ هذه الميزة في شخصيته العلمية هي جديته في الحياة، ومضاء عزيمته كما ذكرنا.

كان -رحمه الله- كثير المطالعة، مجدًّا في التحصيل، كثير الحديث عما يشكل. وكان يحب الكتب حبًّا جمًّا، ويحرص على جمعها واقتنائها، حتى لقد تجمَّع لديه منها مجموعات كثيرة منوَّعة؛ ولو أن باحثًا قام بجمع موارده في (تفسيره) فقط، لتجمَّع لديه الشيء الكثير، والعجب العجاب من آثار المشرقيين والمغربيين معًا. وإليك مثال من حبِّه للكتب وشغفه بالمطالعة، من كتابه (التذكرة) فقط؛ قال رحمه الله: "وكنتُ بالأندلس قد قرأتُ أكثر كتب المقرئ الفاضل أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان، تُوُفِّي سنةَ أربعٍ وأربعين وأربعمائة"[19].

فهذا النص يدلنا على ولعه بالقراءة والكتب منذ نعومة أظفاره، إذ صرَّح بأنه قرأ أكثر كتب ذلك العالِم المذكور وهو في الأندلس بعدُ. كما كان ولوعًا بكتب حافظ المغرب (ابن عبد البر)، والفقيه العلامة المالكي (ابن العربي)، فأكثر النقل من كتبهما، ولا سيما (التمهيد) للأول، و(أحكام القرآن) للثاني، وهذا يدلنا على مدى تأثره بهما، إذ اجتمع معهما في صفات علمية كثيرة[20].

شيوخه:
من شيوخ القرطبي:
1- ابن رَوَاج: وهو الإمام المحدث أبو محمد عبد الوهاب بن رواج، واسمه ظافر بن علي بن فتوح الأزدي الإسكندراني المالكي، المُتوفَّى سنة 648هـ[21].

2- ابن الجُمَّيْزِيّ: وهو العلامة بهاء الدين أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة المصري الشافعي، المتوفَّى سنة 649هـ، وكان من أعلام الحديث والفقه والقراءات[22].

3- أبو العباس ضياء الدين أحمد بن عمر بن إبراهيم المالكي القرطبي، المتوفَّى سنة 656هـ، صاحب (المُفهِم في شرح صحيح مسلم)[23].

4- الحسن البكري: هو الحسن بن محمد بن عمرو التَّيْمِيُّ النيسابوري ثم الدمشقي، أبو علي صدر الدين البكري، المتوفَّى سنة 656هـ[24].

تلاميذه:
من أشهر تلاميذه ابنه شهاب الدين أحمد[25]، وأبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم بن الزبير بن عاصم الثقفي العاصمي الغرناطي[26]، وإسماعيل بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد الخراستاني[27]، وأبو بكر محمد ابن الإمام الشهيد كمال الدين أبي العباس أحمد بن أمين الدين أبي الحسن علي بن محمد بن الحسن القسطلاني المصري[28]، وضياء الدين أحمد بن أبي السعود بن أبي المعالي البغدادي، المعروف بالسطريجي[29].

مؤلفاته:
ذكر المؤرخون للقرطبي -رحمه الله- عدَّة مؤلفات غير تفسيره العظيم (الجامع لأحكام القرآن)[30]؛ ومن هذه المؤلفات:

(التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة)، وهو مطبوع متداول[31].

(التذكار في أفضل الأذكار)، وهو أيضًا مطبوع متداول[32].

(الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العليا)[33].

(الإعلام بما في دين النصارى من المفاسد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام)[34].

(قمع الحرص بالزهد والقناعة وردّ ذُل السؤال بالكسب والصناعة)[35].

وقد أشار القرطبي في تفسيره إلى مؤلفات له، منها: (المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس)[36]، و(اللمع اللؤلؤية في شرح العشرينات النبوية)[37]، وغيرها من التصانيف.

منهج القرطبي في التفسير:
قدَّم المؤلف لتفسيره مقدمة حافلة ببيان فضائل القرآن وآداب حملته، وما ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه به.

ثم أوضح مقصده وباعثه على كتابة هذا التفسير بقوله: "وعملته تذكرةً لنفسي، وذخيرةً ليوم رَمْسِي، وعملاً صالحًا بعد موتي"[38].

وقد التزم القرطبي في هذا التفسير الأمانة العلمية، والموضوعية في الإفادة من أسلافه؛ فقال: "وشرطي في هذا الكتاب إضافة الأقوال إلى قائليها، والأحاديث إلى مصنفيها، فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله"[39].

وكان لا يقف في تفسير القرآن عند حدِّ ما رُوي من ذلك عن الرسول والسلف الصالح، بل يتخذ ما أُوتيه من أدوات العلم وسيلةً يستعين بها على فهمه.

وكان يقصد إلى تفسير القرآن الكريم ببيان التعبير القرآني وأسراره ومنزلته من الكلام العربي، ومن هنا عُنِي باللغات والإعراب والقراءات؛ كان يورد الآية أو الآيات ويفسرها بمسائل يجمعها في أبواب، فيقول مثلاً تفسير سورة الفاتحة، وفيه أربعة أبواب؛ الباب الأول: في فضلها وأسمائها، وفيه سبع مسائل ويذكرها. الباب الثاني: في نزولها وأحكامها، وفيه عشرون مسألة. الباب الثالث: في التأمين، وفيه ثماني مسائل. الباب الرابع: فيما تضمنته الفاتحة من المعاني والقراءات والإعراب، وفضل الحامدين، وفيه ست وثلاثون مسألة، وهكذا. وتارةً يكون التفسير بمسائل يعدُّها على نحو ما تقدم من دون فتح باب، ولا ذكر عنوان.

وكان القرطبي في هذه المباحث أو المسائل ينتقل من تفسير المفردات اللغوية وإيراد الشواهد الشعرية، إلى بحث اشتقاق الكلمات ومآخذها، إلى تصريفها وإعلالها، إلى تصحيحها وإعرابها، إلى ما قاله أئمة السلف فيها، إلى ما يختاره المؤلف أحيانًا من معانيها.

وأحسن المؤلف كل الإحسان بعزو الأحاديث إلى مخرِّجيها من أصحاب الكتب الستة وغيرهم، وقد يتكلم على الحديث متنًا وسندًا، قبولاً وردًّا[40].

وكان القرطبي يبين أسباب النزول، ويذكر القراءات واللغات ووجوه الإعراب، وتخريج الأحاديث، وبيان غريب الألفاظ، وتحديد أقوال الفقهاء، وجمع أقاويل السلف، ومن تبعهم من الخلف؛ ثم أكثر من الاستشهاد بأشعار العرب، ونقل عمن سبقه في التفسير، مع تعقيبه على ما ينقل عنه، مثل ابن جرير، وابن عطية، وابن العربي، وإلْكِيَا الهرَّاسي، وأبي بكر الجصَّاص.

وأضرب عن كثير من قصص المفسرين، وأخبار المؤرخين والإسرائيليات، وذكر جانبًا منها أحيانًا؛ كما ردَّ على الفلاسفة والمعتزلة وغلاة المتصوفة وبقية الفرق، ويذكر مذاهب الأئمة ويناقشها، ويمشي مع الدليل، ولا يتعصب لمذهبه (المالكي)، وقد دفعه الإنصاف إلى الدفاع عن المذاهب والأقوال التي نال منها ابن العربي المالكي في تفسيره، فكان القرطبي حرًّا في بحثه، نزيهًا في نقده، عفيفًا في مناقشة خصومه، وفي جدله، مع إلمامه الكافي بالتفسير من جميع نواحيه، وعلوم الشريعة.

آراء العلماء فيه:
قال عنه ابن فرحون: "كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة، أوقاته معمورة ما بين توجه وعبادة وتصنيف"[41]. وقال عنه الذهبي: "إمام متفنن متبحر في العلم"[42].

وقال ابن العماد الحنبلي عن القرطبي: "كان إمامًا عَلَمًا، من الغوَّاصين على معاني الحديث"[43]. وقال عنه الزركلي: "من كبار المفسرين، صالح متعبد"[44].

آراء العلماء في مؤلفاته:
قال الذهبي عن مؤلفاته: "له تصانيف مفيدة، تدل على كثرة اطلاعه ووفور فضله... وقد سارت بتفسيره العظيم الشأن الركبان، وهو كامل في معناه. وله كتاب (الأسنى في الأسماء الحسنى)، وكتاب (التذكرة)، وأشياء تدل على إمامته وذكائه وكثرة اطلاعه"[45].

وقال ابن فرحون عن كتابه (جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة وآي القرآن): "وهو من أجلِّ التفاسير وأعظمها نفعًا، أسقط منه القصص والتواريخ، وأثبت عوضها أحكام القرآن واستنباط الأدلة، وذكر القراءات والإعراب، والناسخ والمنسوخ"[46]. وقال ابن فرحون أيضًا: "وكتاب التذكار في أفضل الأذكار وضعه على طريقة التبيان للنووي، لكن هذا أتم منه، وأكثر علمًا"[47].

وقال ابن فرحون أيضًا عن كتابه (قمع الحرص بالزهد والقناعة وردّ ذل السؤال بالكتب والشفاعة): "لم أقف على تأليفٍ أحسن منه في بابه"[48]. وقال ابن العماد الحنبلي عن مؤلفاته: "حسن التصنيف، جيد النقل"[49].

وفاته:
في (مُنْيَة الخصيب) بصعيد مصر، كانت وفاة عالمنا الجليل ليلة الاثنين التاسع من شهر شوال سنة 671هـ، وقبره بالمنيا شرق النيل[50].




[1] الداودي: طبقات المفسرين 2/65، 66. السيوطي: طبقات المفسرين ص79. الصفدي: الوافي بالوفيات 2/122، 123.

[2] السابق نفسه ص14.

[3] مشهور حسن محمود سلمان: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير ص20.

[4] السابق نفسه، الصفحة نفسها.

[5] السابق نفسه ص45.

[6] السابق نفسه ص15.

[7] مشهور حسن محمود سلمان: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير ص17- 19.

[8] ابن فرحون: الديباج المذهب في معرفة علماء أعيان المذهب ص317.

[9] مشهور حسن محمود سلمان: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير ص47.

[10] السابق نفسه ص48.

[11] مشهور حسن محمود سلمان: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير ص50.

[12] سورة المائدة: الآية 44.

[13] القرطبي: التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ص740.

[14] القصبي زلط: القرطبي ومنهجه في التفسير ص36.

[15] مشهور حسن محمود سلمان: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير ص57.

[16] ابن فرحون: الديباج المذهب ص317. المقري: نفح الطيب 2/409. الداودي: طبقات المفسرين 2/65.

[17] مشهور حسن محمود سلمان: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير ص58.

[18] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن الكريم 1/3. مشهور حسن محمود سلمان: السابق نفسه ص158، 159.

[19] القرطبي: التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ص717.

[20] مشهور حسن محمود سلمان: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير ص159، 160.

[21] المراكشي: الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5/585. الداودي: طبقات المفسرين 2/66. السيوطي: طبقات المفسرين ص79.

[22] الداودي: طبقات المفسرين 2/66. السيوطي: طبقات المفسرين ص79.

[23] المقري: نفح الطيب 2/409.

[24] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن الكريم 15/141.

[25] السيوطي: طبقات المفسرين ص79.

[26] المراكشي: الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5/585.

[27] ابن حجر: الدرر الكامنة 1/379.

[28] ابن رشيد الفهري: ملء العيبة بما جمع بطول الغيبة في الوجهة الوجيهة إلى الحرمين مكة وطيبة 3/425.

[29] القرطبي: التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ص234.

[30] مشهور حسن محمود سلمان: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير ص98.

[31] السابق نفسه ص128.

[32] السابق نفسه ص135.

[33] القرطبي: التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ص329- 522. القرطبي: الجامع لأحكام القرآن الكريم 1/141.

[34] رحمة الله الكيرانوي: إظهار الحق 2/395- 397. البغدادي: هدية العارفين 2/56- 326.

[35] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن الكريم 13/16.

[36] السابق نفسه 1/173.

[37] السابق نفسه 10/268.

[38] السابق نفسه 1/3.

[39] السابق نفسه، الصفحة نفسها.

[40] مشهور حسن محمود سلمان: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير ص104- 109.

[41] ابن فرحون: الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب 1/164.

[42] الذهبي: تاريخ الإسلام 50/75.

[43] ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب، تحقيق عبد القادر الأرناءوط ومحمود الأرناءوط، دار ابن كثير، دمشق- بيروت، الطبعة الأولى، 1986م، 7/585.

[44] الزركلي: الأعلام 5/322.

[45] الذهبي: تاريخ الإسلام 50/75.

[46] ابن فرحون: الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب ص317.

[47] السابق نفسه، الصفحة نفسها.

[48] السابق نفسه، الصفحة نفسها.

[49] ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 7/585.

[50] السيوطي: طبقات المفسرين ص79. مشهور حسن محمود سلمان: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير ص45.


المصدر موقع قصة الإسلام




يتبع

[/cell]
[/table1]
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 08-04-2011, 12:38 AM
رذآذ الغيـــم غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الدولة: السعوديه
المشاركات: 86
افتراضي رد: علماء التفسير

جزاك الله خيرا على الموضوع المتميز
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:54 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
كل الآراء المنشورة ( مواضيع ومشاركات ) تمثل رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن رأي القائمين على الموقع


دعم وتطوير استضافة تعاون