تسجيل دخول

العودة   منتدى سليم > المنتدى الــعـــام > منتدى المواضيع العامة
منتدى المواضيع العامة هذا المنتدى مخصص للمواضيع التي لا يوجد لها قسم.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 10-03-2013, 05:30 AM
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
الدولة: اليمن
المشاركات: 500
افتراضي رد: واحة ثقافية

حـــكــــم
اللبيب من الإشارة يفهم
لا تفتح باب يصعب عليك اغلاقه
نستطيع رسم زهرة لكن من أين نأتي بالرائحة
الرقعة خير من الثقب
الكلام يشبه النحل فيه العسل وفيه الإبر
كثرة الضحك تذهب الهيبة
أول الغضب جنون وأخره ندم
الوحدة خير من رفيق السوء
لا تسل سيفك لكي تقتل بعوضة
من يدعو أعمى يستقبل ضيفين
في الحب يتساوي الشحاذ والملك
مئة غسلة لا تبيض الفحم
آفة العلم النسيان
أفضل العلم معرفة الإنسان نفسه
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 10-03-2013, 05:31 AM
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
الدولة: اليمن
المشاركات: 500
افتراضي رد: واحة ثقافية

دموع التماسيح
ذهب الولد الصغير الى حديقة الحيوان ليرى دموع التماسيح ، كان يريد ان يعرف لماذا تقول له أمه حين يبكي من دون سبب أو مبرر وهي تضحك أن دموعه مثل دموع التماسيح ! ومن خلف أسوار القضبان الحديدية أخذ يمد رقبته ويراقب عيون التماسيح المبللة ، لاحظ أن الماء الذي ينزل من جفونها ليس دموعاً بل مجرد ماء من البركة التي تقيم فيها ، وهذا الماء يبلل عيونها ويتساقط منها كأنه دموع ، اذن فإن دموع التماسيح ليست سوى دموع مزيفة لأحزان مزيفة لا وجود لها بالمرة مثل دموعه التي يذرفها من دون
سبب
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 10-03-2013, 05:36 AM
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
الدولة: اليمن
المشاركات: 500
افتراضي رد: واحة ثقافية

اللغة حياة!


عادةً ما يردِّد بعض المنتصرين للعاميّة كلامًا عن (ابن خلدون) في نعت العاميّة، أو يسوقون كلامًا آخر عن (ابن الأثير الجزري). ولقد ناقشتُ ذلك في مقال سابق(1)، مشيرًا إلى أنه ينبغي فهم ما قاله هذا العَلَمان على وجهه، لا توظيفه، وكأنهما يستخفّان بالقواعد، وبأهميّتها في الحفاظ على هويّة العربيّة. هما يقولان، بجلاء، إن العاميّة فيها بلاغة أيضًا. وهذا لا جدال فيه. بل إن أيّ لغةٍ في العالم، أو لهجة دارجة، لا تخلو من بلاغة. غير أن القضية، في البدء والمنتهى، ليست في البلاغة، بل في بناء اللغة، وفي آليات نقلها المعنى وتلقِّيه، وفي كيانها، بوصفها حاملة تراث ومستودع حضارة ودِين. وهذا معنى القول: «إن الجهل بالنحو لا يقدح في فصاحة وبلاغة». ثم إن الكلام هناك منصبٌّ على الجهل بالنظريَّة، لا على الجهل بنظام الاستعمال الصحيح. ذلك لأن اللغة استعمال، لا قواعد، وما كان العرب يعرفون القواعد قبل تقعيدها، وإنما استُنبطت من استعمالاتهم، بيد أنهم كانوا عُرَباء فُصَحاء، يتنفّسون اللغة سليقةً وطبعًا، كالعاميَّة اليوم على ألسنتنا. وقواعد العاميّة لو استُقرئتْ هي أعقد من الفصحى، وأشدّ التواء، وأكثر شتاتًا وتنوُّعًا.

لنقُل، إذن، بتطوير مناهج تعليم اللغة، لا بالتخفُّف من أعبائها؛ فهذا الخيار الأخير هو هروب إلى الأسهل- بل قل: إلى الأسفل- وهو باب القول بالتنازل عن آخِر ما يمكن أن يتنازل عنه العربي، وهو لسانه، الحامل هويَّته، ورابطه بتراثه. وتلك دعوات قديمة، بعضها مريب، وبعضها صادق، من مثل دعوة (ابن مضاء الأندلسي)، المتعلّقة بالعامل النحوي تحديدًا، لكنها بقيتْ في إطار الجدل الفكري، أو الأيديولوجي؛ لأنها لم تقدِّم البديل العمليّ والعلميّ، المراعي طبائع اللغات وعلائقها بمعطيات الإنسان والحضارة، في الحاضر والماضي.

على أنه يمكن أن يدرس المختصُّون في اللغة والتاريخ الشِّعر اللهجوي، وأن يجدوا فيه مادّة مهمّة لدرس اللغة العربية نفسها. ففي بعض ذلك الشِّعر بعض التراث المحفوظ من لغة العرب، وفيه كذلك تسجيل أحداث تاريخيّة، وعناصر بيئيّة. ولو استُفيد منه في ذلك كلّه لكان هذا أمرًا مشروعًا بل مطلوبًا. غير أن تلك الضروب من المعارف والقِيَم إنما نجدها في شِعر الجيل الماضي، أمّا الجيل الراهن، فمقلِّد، يجترّ اللغة المتوارثة، في وقتٍ أضحت حياته مختلفة كثيرًا أو قليلُا عن حياة آبائه، فلم تعد لشِعره تلك الأهميَّة التوثيقيّة السالفة، ولا لاستمراره في اجترار العامّيّة معنى على الإطلاق.

وقصارى القول: إن الموقف من العامّيّة اليوم هو من: تسخير الإعلام بكل وسائله- وكذا الأموال الطائلة- لإشاعة الأدب اللهجوي، وتحبيب الناس فيه، وتمجيد أَعلامه، وكأنه أدبنا العربي، ولساننا الوطني، ومستقبلنا الأُممي. وهو توجُّه يسير في الاتجاه المعاكس لمنطق العِلْم، وأصول التربية، وسُنن التطوُّر، ومبادئ التوحُّد بين العرب، بوصفهم أُمّة واحدة. وهي ظاهرة عربيَّة، وفريدة في العالم، تدلّ على عدم بلوغ العرب الرُّشدَ، وأنهم ما ينفكّون يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، وأنهم قد استمرؤوا التخلُّف لطول إلفهم له، وعشقهم العَوْد إلى ما أَلْفَوا عليه آباءهم، بدل التطلُّع إلى الأمام، والطموح إلى ما هو أسمَى وأبقَى وأجدَر وأصلَح. ولا ريب في تقصير المؤسسات المسؤولة عن خدمة اللغة العربيّة عن خدمتها. ونحن إنما ندعو، في ما ندعو، إلى ردم هوّة ذلك التقصير، لا الوقوف عند التباكي على اللغة وهي تتهاوى يومًا إثر يوم. ومتابعو مقالاتي منذ عشرين سنة يجدون ذلك شاهدًا وجليًّا. غير أن الصدق الآن، وحتى يتمّ التسهيل والتطوير- وهو أمر حضاريّ قد يطول أمده، وقد لا يُستجاب له لأسباب شتّى- يقتضي الإعلانَ بصراحة أن ما يجري اليوم هو عدم احترامٍ للعربيّة من قِبَل أبنائها، كما يفعل المسلمون من غير العرب، على أقلّ تقدير. وتلك حالة نفسيّة وحضاريّة خاصّة بالعرب؛ من حيث إن العرب، ببساطة، قد باتوا لا يحترمون أنفسهم، مستشعرين الدونيّة والهوان في العالمِين. ولاغرو أن تراهم- في المقابل- يقدِّسون ثقافة الآخرين، ويُجلّون لغاتهم، وينفقون أعمارهم في إتقانها، ويتباهون باستعمالها، ويخجلون من أخطائهم فيها. أمّا لغتهم، فهم، على العكس من ذلك: يخجلون من استعمالها، ويتندّرون على من يستعملها، أو يحرص عليها. تلك هي حقيقتنا، التي نتعامى عنها أو قد ننكرها؛ لأن الاعتراف بها يؤلمنا أشد الألم، وينال من عقولنا ومن عزّتنا وانتمائنا لأنفسنا. وإلى الاستخفاف باللغة العربيّة، يشاع تهويل في صعوبتها بين الناس، بما ينطوي عليه ذلك من تنفيرٍ منها، في حين أنها تُعَدّ من أسهل اللغات في العالم، لولا رسوخ العيب فينا نحن، لا فيها. ولا غرابة في استصعاب الناس اللغة العربيَّة؛ لأن أيّ لغةٍ مهملة في واقع الناس واستعمالهم ستكون مستعصية، طبعًا. وهذا أمر بدهي! الأدهى أن تشهد، إلى جانب ذلك كلّه، معارضة حيَّة لإحياء اللغة العربيّة، وترويجًا ضاريًا لكلّ ما يوهن حياتها، سواء من العاميّات أو من اللغات الأجنبيّة.

إن اللغة حياة واستعمال وممارسة، وليست كُتبًا وقواعد ومعاجم. ومهما سُهّلت اللغة العربيّة أو أُلِّف فيها من كتب، فإنها- دون ترسيخها في الإعلام، ومنابر التخاطب المختلفة، وأسواق التداول المتنوّعة- لن تحيا ولن تُحيي! تلك إسرائيل تفرض على شعبها لغة ماتت منذ مئات السنين، بعد أن أحيتها وهي رميم، فيما نحن نجفو لغةً ما تزال حيَّة، ونحاربها بما استطعنا من الوسائل، مباشرة وغير مباشرة. فيا للعجب!

إن ما يُنجزه الأمريكان- على سبيل المثال- في تسهيل الإنجليزيّة ودراستها لا يمثّل إلّا نسبة ضئيلة ممّا أنجزه العرب عبر أربعة عشر قرنًا، واستفادة من مناهجهم في معالجة قضاياها، منذ أوّلهم سيبوية. ولنا أن نسأل (تشومسكي)، مثلًا، عن بعض إفادته نظريًّا من «الكتاب» لسيبويه، أو من غيره من اللغويين العرب. إلّا أن ما يعمله الأمريكان في تسهيل الإنجليزيّة ما كان لينجح لولا أنه مفعَّل لديهم في التعليم والإعلام والحياة العامَّة، ولولا أن ثمّة حسًّا حضاريًّا حيًّا بأن الإنجليزيّة تعني كرامة الأمريكيّ وهويَّته وشخصيَّته التاريخانيّة؛ ولولا أنه يستشعر البُعد الاستراتيجي لأهميَّة اللغة في حياته ومستقبله. واللغة كذلك مرتبطة بإنتاجه وصناعته، وهي مصدر قوّته ونفوذه وتوغّله وهيمنته على العالم. لذلك فإن التطوير لم يكن هناك بمعزل عن ذلك كلّه، بل هو مكوِّن عضويّ فيه، من أعلى المؤسّسات إلى رجل الشارع البسيط. أمَّا نحن، فإنه، حتى لو تمّ التطوير التعليمي، سيظلّ معزولًا، بل شِبه مقموع- يخوض في وادٍ وحياتنا في وادٍ- يقوم به ثُلَّة من المتخصِّصين المنبوذين، الذين لا يجدون لا الدعم، ولا التشجيع، ولا حتى الاحترام! لأن عملهم غير مرغوب فيه، من حيث هو يعني أن يكون العرب كغيرهم، وواقع الأمر أن ما يُراد لهم هو أن لا يكونوا كغيرهم، بل أن يبقوا تابعين، أرقّاء، قاعدين، طاعمين، كاسين، تحت هيمنة الباب العالي الجديد، ولو إلى حين!

لا مراء في أن حياة اللغة تعني حياة أهلها: حياة ذاكرتهم، وتاريخهم، واعتزازهم بحضارتهم، واستعادة عافيتهم، ومناعتهم الذاتية، ونهوضهم من جديد. وثمَّة مَن يرغب في أن نبقى مرضى بـ«إيدزنا» اللغوي والحضاري! ذلك أن اللغة أوَّل هدفٍ استراتيجيّ لكلّ عدوٍّ ثقافيٍّ؛ عدوّ لنفسه أو لغيره، ونحن أعداء أنفسنا، أحباب غيرنا. لذلك كله، فلستُ مقتنعًا تمامًا بالحُجَّة الأزليَّة الرائجة حول صعوبة اللغة العربيّة، ولا حول التقصير في تطويرها، فهي منذ أكثر من ألف عام محلّ الدرس والتقعيد والمعجمة والبحث، ولم تشتغل أُمَّة على لغتها كما فعل العرب والمسلمون، وما زالوا يفعلون! نعم، ما زلنا نطمح إلى المزيد، وإلى الأفضل، والمعاصر، لكن تلك الذرائع المكرورة حول اللغة العربية لا تعدو تعلّات عن أشياء أخرى، وليست بأسبابنا الجوهريّة. إن الأسباب الجوهريّة أخطر من ذلك، وهي كامنة في وعينا الذاتي والجمعي، متعلِّقة بسرطانٍ داخليٍّ في جسد الأُمَّة، وغيرتها على شرفها وكرامتها، مع استهداف خارجيّ- غير منكَرٍ ولا مستغرَب- لهذا الجسد العربي المريض المتهالِك الأعشى! والتعبير عن هذه القضايا عبر المقالات والنداءات هو سلاحنا لإيقاظ القلوب والعقول، وكشف هذا الملفّ لمن بيده القرار، وبيده المال، وبيده الأمر في الإصلاح والتغيير. وهذا ما ندعو إليه.. وفي البدء كانت الكلمة. وبناء عليه، فالفرق بيِّنٌ بينَ التسهيل والتساهل، والتطوير والتغيير. فالأمريكان أو الإنجليز أو اليابانيون، وغيرهم من الأُمم الحيَّة، لا يتساهلون في لغاتهم، بل هم أشدّ غيرة عليها منّا على لغتنا، كما هم أشدّ منّا غيرة على مقدّراتهم التاريخية والثقافية والحضاريّة كافّة. ولأجل ذلك كانوا هُم مَن هُم، حداثةً في أصالة، وبقينا نحن مَن نحن، لاشيء في لا شيء، نُرواح حيث كنّا قبل مئة عامٍ أو أكثر!

هذا، ولقد استدخل العرب، منذ الجاهليَّة، مئات المفردات من كل لغات الدنيا، وفَعَلَ المسلمون ذلك، تحت مظلَّتي المعرَّب والدخيل. وهناك معاجم ضخمة في هذا وذاك. فإذا كانت الإنجليزيَّة الأمريكيّة تنفتح بتحفّظ على الإنجليزيّة البريطانية، أو شقيقاتها في الأرومة من اللغات الأوربيَّة، فالعربية منفتحة منذ الأزل على كلّ لغات الأرض، وما زالت؛ اقترضتْ وأقرضتْ. وهذا لا يضير اللغة، على كل حال، اللهم إلّا إذا كانت- كلغتنا اليوم- لغة مهمّشة، ومزاحَمة بلهجاتها، وبلغات أخرى تقتحم عليها ديارها، وتحتل أرضها. عندئذ تغدو المفردات الأجنبيّة خطيرة على اللغة. ثم إن استلاف مفردة أجنبيّة إنما يكون مسوَّغًا حينما لا يوجد عنها بديل أصيل، أمّا بوجود بديل، فذلك الاستلاف لا ينشأ إلّا عن الهوس الشغوف بكل أجنبي، ليس إلّا. على أن ما يَفْتِك باللغة ويهدّد وجودها هو التخلّي عن قواعدها، أو عن أبجديّتها، وهذا ما لا تفعله لغةٌ في العالم تحترم وجودها، وتعتزّ بتاريخها، مهما كانت صعوبتها، إلّا العربية المستعملة اليوم، جهلًا أو عمدًا!.. والبركة في العربان الأشاوس!

التعديل الأخير تم بواسطة طالب العلم ; 10-03-2013 الساعة 05:59 AM
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 10-03-2013, 06:00 AM
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
الدولة: اليمن
المشاركات: 500
افتراضي رد: واحة ثقافية

اللغة العربية والإعلام: طموح الانتشار وتحدي الانكسار

الكاتب : د.العياشي أدراوي: المغرب






إن العلاقة العضوية بين اللغة العربية، بمختلف مستوياتها، وعوالم الإعلام، وعمق التحولات التي طرأت على اللسان العربي، كل ذلك أضحى يغري بالبحث والتأمل ووضع السؤال لأجل الوقوف على معالم تلك العلاقة ومفعولاتها. إنها علاقة على قدر من الالتباس والتعقيد، ذلك أن الباحث لا يدري ما إذا كانت مستويات اللغة متاحة كي توظف لتبسيط أغراض الإعلام ومقاصده، أم أن هذا الإعلام صار وسيلة لترويج وتعميم خصوصيات وأنماط مخصوصة، مما ينعكس –بشكل أو بآخر– على سبل التواصل لدى المتلقي العربي من جهة، وعلى وعيه وإدراكه، ومن بعد ذلك على هويته من جهة أخرى.
معلوم أنه خلال العقد الأخير من العقد الماضي والعقد الأول من القرن الحالي عرف العالم العربي انفتاحاً إعلامياً غير مسبوق، تمثل أساساً في التطور المهول الذي لحق قطاع الإعلام، فضلاً عن تنوع وتغير مواقعه ووظائفه، وصولاً إلى تحول مرجعية هذا القطاع من العام إلى الخاص. ولا شك أن هذا وضع مستجد يوشك أن يكون استثنائياً بالنسبة إلى الأعراف والثوابت الراسخة في ثقافة الإعلام العربي عموماً.
ولم تدع التجاذبات السياسية، والاختلافات الأيديولوجية، والتوجهات الفكرية -سواء تلك التي يستقل بها كل قطر عن آخر بشكل عام، أو تلك التي تشكل تنوعاً داخل بلد بعينه– بعيداً عن الصراع السياسي والتصادم الأيديولوجي. بل توسله مختلف الفاعلين لتمرير الأطروحات السياسية والدعاوى الفكرية.
ومن الطبيعي أن يكون من مترتبات هذا الوضع تشرذم المؤسسات الإعلامية الرسمية القائمة وانحسار تأثيرها وفاعليتها. ومن ثمة التخلي عن مركزيتها أمام اكتساح القنوات الخاصة (التجارية تحديداً)، وانتشار الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية. كل ذلك جعل الوسيلة مقدمة على الرسالة، والربح سابقاً على الجودة (جودة الخطاب)، ومطلب الانتشار والتنافس مفضلاً على داعي تحري الدقة والإتقان في صياغة الخطابات، وصناعة الرسائل كما تقتضي أعراف وسنن اللسان الفصيح.
إن هذا (الفتح الإعلامي) الفضائي إذن، لم ينزل برداً وسلاماً على المجال اللغوي العربي. فقد ترك تأثيرات انتهكت - باسم الانفتاح وزيادة الانتشار - حرمة اللسان العربي الفصيح. فبمجيء العولمة بمطامحها الاستقطابية (التوحيدية) التنميطية، وثقافتها الاستهلاكية الفائقة دخل عامل لغوي جديد إلى فضائنا الثقافي الإعلامي, إذ غزت اللغات الأجنبية –الإنجليزية على رأسها– عوالم المرئي والمسموع، وتحديدا ألسنة مذيعي الربط ومقدمي البرامج ومروجي الإعلانات وغيرهم.
تمددت المفردات والتعابير الإنجليزية والفرنسية في رحاب المذيعين وأساليبهم، وتلونت طرائق نطقهم وتنغيمهم ونبرهم بأساليب ومقترضات واستعارات تعود إلى هذه اللغات. وباتت الأدوات اللغوية المستخدمة اليوم تشكل مزيجاً هجيناً يغرف من كل منهل من دون أن يحمل بالضرورة ملامح شخصية البيئة الثقافية والاجتماعية التي يفترض به أن يتوجه إليها أو يكون ثابتاً من ثوابت هويتها التعبيرية.
وفي وضع كهذا يمكن القول إن حابل الإعلام أصبح مختلطاً – إلى أبعد حد – بنابل اللغة. ولم تعد، تبعاً لذلك، حدود وضوابط استخدام كل منها وتوظيفها في خدمة الآخر، واضحة المعالم. وعلى هذا الأساس فالتداخل البين بين مستويات اللسان العربي في مختلف وسائل الإعلام بالإضافة إلى الغموض الحاصل في الدور المرتقب لهذه الوسائط يحتمان وضع أكثر من استفهام على هذا المستوى، سواء في ذلك ما يمكن أن يصيب (هوية اللغة العربية الفصيحة) من تدجين وتدمير من خلال خلخلة لأركانها المبنية عليها (صوتاً وصرفاً ونحواً وتركيباً ودلالة)، وتخريب لنسقها المعياري. أو ما يمكن أن يلحق (هوية) الناطقين بها من ارتجاج ومسخ على اعتبار أن (اللغة هي صلب الهوية)، مثلما أن تحديد اللغة يقع في قلب تحديد (الهوية) وكلاهما يتبوآن موقعاً مركزياً في فهم التحولات الآخذة في البروز، كما يبدو من المظاهر الآتية:
- التداخل بين اللغة الفصيحة واللغة العامية في الخطاب الإعلامي:
تداخل ليس بريئاً أو عفوياً وإنما هو مقصود، الهدف منه عزل اللغة العربية الفصيحة (بما تحمله من قيم ورموز وعمق تاريخي وبعد إيديولوجي)، وإحلال العاميات محلها، أي الابتعاد ما أمكن –كما يتضح في الخطاب الإعلامي– عن اللغة الأم وتكريس (النسق الدارج). و(حيث إن الإعلام بمختلف وسائله الخطية والسمعية والمرئية هو أكثر المنظومات التصاقاً بالجمهور والواقع فإن كل التركيز يقع على قنواته ووسائطه للنيل من اللسان الفصيح. لذلك فنصيب الفصحى ما انفك يتقلص، ونزعة الاستسهال بحكم قانون المجهود الأدنى ما فتئت تزرع الوهم بأن العربية لا تتلاءم مع برامج الحياة اليومية) وكأن العربية لغة مفارقة للواقع الحي المعاش، لذا يحاول هذا التوظيف الإعلامي أن يبث الإيهام والخداع بكون (لغة الواقع) (اللغة العامية) هي التي يجب أن تغدو اللغة الرسمية، وهذا معناه جعلها لغة تعليمية أولاً، ثم لغة إبداعية حتى ينتج بها الفكر ثانياً، ومن هنا تجد أطروحات تحطيم اللغة الفصيحة مداخلها المبتغاة!
ولا يبعد أن يكون المقصد الأساس – من وراء كل هذا – أن تلقى لغة الضاد المصير نفسه الذي لقيته اللغة اللاتينية بأن تنحل وتتفتت إلى لهجات تتطور إلى لغات قائمة الذات.
إن هيمنة (ثقافة الصورة) (الثقافة البصرية) في مقابل تراجع (ثقافة الكلمة) (ثقافة المقروء)، وطغيان مبدأ الإغواء المشهدي في شكل من أشكال تفشي (لعبة الإغراء) (The game of seduction)، كل ذلك شجع على انتشار الثقافة الجماهيرية بمختلف مظاهرها ووجوهها، وانحسار ثقافة النخبة بشتى تجلياتها وصورها. لذا من البديهي -في مثل هذا الحال– أن يتوسل الإعلام بالعاميات بدءاً بلغة التخاطب التي يستعملها المنشطون والمنشطات للبرامج التلفزية والإذاعية.
وقد تضاعف (المد اللهجي) بحكم السعي إلى إشراك الجمهور في البرامج والنقاشات عبر وسائط الاتصال الحديثة. واشتهرت في الآن نفسه المسلسلات التي تكرس اللهجات العامية حتى لو كانت مضامينها ومقاصدها نخبوية عالية. وقد كان القطاع الخاص سباقاً إلى تكريس العاميات. بل حتى فضائياته -التي انطلقت بتوازن لغوي مقبول بين العامية والعربية- سرعان ما تخلت عن خيارها اللغوي وركبت موجة التداول اللهجي. وانساق القطاع العمومي شيئاً فشيئاً إلى الظاهرة نفسها. وأصبح للتداول بالعاميات النصيب الأوفر.
ولعل ما يزيد في استغراب المتابع للوضع الإعلامي أن البرامج الدينية قد انجرت –في شكل من أشكال تحول الوعظ والإرشاد الدينيين من المنبر إلى الشاشة أو من المسجد إلى الأستوديو– إلى المآل عينه. بل إن جمهور العلماء والدعاة والوعاظ أضحوا يميلون إلى التداول اللهجي عبر البرامج الإعلامية حتى الذين يتناولون منهم قضايا على قدر من التعقيد والدقة في علم القراءات أو علم الأصول أو غير ذلك. بل للأسف حتى في علم اللغة.
- اللسان الفصيح واللسان الدارج وسؤال المرجعية في الفضاء الإعلامي:
لقد باتت وسائل الاتصال والإعلام العربية والأجنبية، على حد سواء، بفعل قوة انتشارها وازدياد تأثيرها على المتلقي العربي تمثل شبه مرجعية ثقافية ولغوية لا تقل أهمية عما سواها من المرجعيات القائمة المورثة. ولعل المقلق –فيما نحن فيه– الشكل الموصول بفعالية هذه (المرجعية الجديدة) وقدرتها على القيام بتوجيه جمهورها وتطويره لغوياً. ذلك أن أهدافها التسويقية وخلفياتها الاستهلاكية ومنطقها الربحي وفلسفتها التجارية، غير المنفكة عن تجديداتها وإبداعاتها اللهجية الغربية، تكاد تطغى على همومها اللغوية. فمبدأ (الغاية التوصيلية) (النفعية) مقدم على العناية بالوسيلة اللغوية (وما تقتضيه من ضبط وإتقان). إن لم نقل إن غاية حفظ شد المتلقي للوسيلة الإعلامية أكبر وقت ممكن، تبرر انتهاك حرمة اللغة الفصيحة واللسان الرصين.
أما ما يرتبط بالتأثير والتأثر المتبادلين بين مستويي الفصحى والعامية في اللسان العربي المعاصر؛ فيوجب التذكير بأن العرف اللساني يؤكد أن المستوى الفصيح ينحو منحى التكيف مع المستوى التعبيري اليومي. بمعنى أن التلاقي والتفاعل يحدثان انطلاقاً من المستوى الفصيح وصولاً إلى المستوى العامي، بينما العكس هو الصحيح في حال اللسان العربي الذي تتطور عاميته تدريجاً بفعل الاحتكاك والاستعمال الإعلامي تحديداً، (نحو الشكل المفصّح).
وإذا تبين هذا تبين معه كذلك أن (الانحراف) في المجال الإعلامي نحو التوظيف اللهجي (استعمال العاميات) على حساب اللسان الفصيح إنما هو (انحراف) على مستوى المرجعية اللغوية بما هي مرتكز الهوية العربية وأساس الانتماء الحضاري للأمة الناطقة بلغة الضاد. وليس من نافلة القول التذكير في هذا السياق بأن اللغة العربية تنفرد عن غيرها من اللغات العالمية بأنها كانت، وما تزال، تشكل المحور الذي تلتصق به هوية الفرد العربي وهوية الجماعة على حد سواء. وبين هذه وتلك هوية الدين. كما أنه غني عن البيان أن هوية الدين ترتبط ارتباطاً وثيقاً باللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم ولغة الحديث النبوي الشريف.
وبناء على هذا فإن التفريط في هذه اللغة في المجال التداولي الإعلامي –من حيث إن الإعلام هو الصانع الأساس للتصورات والتمثلات، والمشكل الأبرز للوعي والإدراك– إنما هو تفريط في المرجعية الحاضنة لها، والتي قوامها الامتداد في العمق التاريخي، والامتلاء الحضاري، والانسجام بين العناصر المكونة لها، وما يستتبع ذلك من أصالة وثبات، على نقيض ما تحيل عليه (اللغة الهجينة) التي أضحت –كما تبين– العلامة المميزة للخطاب الإعلامي المعاصر، بما هي (لغة) لا هوية حقيقية لها، ولا مرجعية محددة تحضنها. أو أنها – في أحسن الأحوال – ذات (هوية هجينة مدجنة): (عامية– عاميات– لغة فصيحة– إنجليزية– فرنسية، إلخ).
وأي لسان بهذه المواصفات لا يمكن أن يسهم في خلق الإبداع، أو بناء فكر، أو صناعة ثقافة (بالمعنى الإيجابي العميق). بل ليمكن القول إن وضعاً لغوياً كهذا من شأنه أن يقوض الإبداع الثقافي والإنتاج الفكري. ذلك أن اللسان الغريب عن التربة الحضارية للأمة لا يمكن أن يولد إلا (ثقافة غريبة) و(فكراً مغترباً)، بل إنساناً مغترباً عن محيطه المحلي والكوني، لكونه يفقد صاحبه حقيقة وجوده وصميم هويته (أي اللغة الأم). لهذا (فالنظرة إلى اللغة ينبغي ألا تقصر على أنها مجرد سوق استهلاكية جديدة، أو سوى فتح تلفزيوني إعلامي يتجلبب بالعباءة العربية، وإنما من جهة كونه يرطن بلغة هجينة مغربة)، لها تداعيات مخيفة على الإنسان والفكر والثقافة والحضارة.
من هنا يمكن التنبيه إلى أنه بدل أن تمارس وسائل الإعلام في المجتمع العربي دورها في التحصين الثقافي والوعي الحضاري، وتقدم النماذج التي تبني الشخصية وتحمل الرسالة، وتثير الاقتداء، وتحسن التعامل مع الإعلام الغازي وتواجهه، وتشعر الأمة بالاستفزاز والتحدي الذي يجمع طاقاتها ويبصرها بطريقها ويساهم في صمودها؛ بدل كل ذلك تحولت (جلها) إلى وسائل هدم تسهم في تكسير أسلحة الأمة (وعلى رأسها اللغة ومن بعدها القيم والأخلاق) وإلغاء حدودها الفكرية والثقافية لتمكن لمرور (الآخر) واختراق الهوية العربية الإسلامية، وقد تتجاوز أكثر من ذلك حيث تغدو أداة (للآخر) فتبرز (العمالة الإعلامية) كتجل من تجليات العمالة الثقافية والسياسية في مراحل تطور الدولة التاريخي.
وإذا تبين هذا تبين معه كذلك أن الأزمة التي تعيشها اللغة العربية الفصيحة اليوم إنما هي أزمة متعددة المداخل وفي مستويات كثيرة لم تعد محتملة؛ أزمة وضع (في التعليم والإدارة والاقتصاد) أو مأسسة لغوية غير مناسبة ولا مجدية، وحقوق لغوية مجهضة، وقانون يتنافى والواقع، وأزمة متن (معاجم وقواعد ونصوص) ووظيفيات (في الحياة العامة والإدارة)، واقتصاد وسياسة واجتماع وإعلام إلخ. الأمر الذي يعكس مدى هشاشة الوضع اللغوي العربي، وحدة الأخطار المحدقة به، لما يعيشه من حصار بين اللغات الأجنبية الكاسحة من جهة والعاميات المتنامية من جهة أخرى، فضلاً عن التحامل المشهود على لغة الضاد، بشكل مباشر أو غير مباشر، محلياً وكونياً. لذا فالمعالجة الملحة والعقلانية صارت أمراً لا يتحمل مزيد إهمال ولا تأجيل، لأن إصلاح الشأن اللغوي المتردي وتقويم اعوجاجاته هو في الآن نفسه (ترميم) وإصلاح للهوية العربية، لكون الأزمة واحدة، والمآل واحد على سبيل اللزوم والتعدي. ومعنى هذا أنه لا فصل ممكن بين أزمة اللغة العربية القائمة فعلاً وأزمة الهوية العربية الموجودة حقيقة، فاندحار اللغة اندحار للهوية الموصولة بها، كما أن تآكل هوية جماعة بشرية ما ينعكس على صفحات اللغة التي يتحدثونها.
وإذا كانت من مزايا للإعلام المعاصر، إنما تتمثل في كونه –من خلال توظيفاته اللغوية وتكريسه لنمط لغوي متهرئ- جعلنا نشاهد، على شاشات القنوات الفضائية وصفحات المواقع الإلكترونية، حقيقة هويتنا المأزومة، ونقرأ على صفحات الجرائد والمجلات معالم ضعفنا البارزة ونعرف مدى تفريطنا في هويتنا ولغتنا معاً. لذا فالمطلوب تبعاً لهذا الاجتهاد في محاصرة الأزمة بتقويم ما اعوج في لغتنا وهويتنا على حد سواء، على نحو يمكنهما من الابتعاد عن منطقة الغربة ووضع الاغتراب، ونقلهما من حال الضعف والهامشية إلى حال القوة والمركزية أو على الأقل، رفعهما إلى منزلة التميز (الطبيعي) والاستقلالية، بما يضمن قدراً من الأمن اللغوي العربي ونصيباً من المتانة والتماسك للهوية العربية، في زمان صار فيه تهديد الأمن اللساني وفقدان التوازن (الهوياتي) يعني الانصهار في الثقافة الغربية المسيطرة، والذوبان في الفكر (المؤمْركْ) المهيمن وتبعاً لذلك انتفاء الوجود الاعتباري واستحالته عدماً.
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 10-03-2013, 06:02 AM
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
الدولة: اليمن
المشاركات: 500
افتراضي رد: واحة ثقافية

التحولات اللغوية

الكاتب : جبران بن سلمان سحّاري: الرياض








اللغة العربية الفصحى هي منطلق الحديث والتخاطب في العلم والثقافة، ولا قبول لما خالفها وناقض قواعدها من اللهجات البائدة والملتوية التي تجنح للكسر والغموض.
وقد جدّت دراسات عديدة تسمى (الدراسات اللسانية) حاولت التقريب بين اللهجات العامية واللغة الفصحى، وجميع من كتبوا في هذا الباب نجدهم عالة على سيبويه عمرو بن عثمان بن قنبر (ت:180هـ) رحمه الله وما قرره في كتابه من التأصيل للهجات العربية وإن لم تكن هي الأفصح؛ كما يُعرف بالكشكشة والكسكسة ونحو ذلك مما يصدق عليه وصف الرداءة من لغة ربيعة وتميم وغيرهما، وقد كُتبت رسائل ماجستير ودكتوراه في هذا الباب، ومن أشهرها: رسالة ماجستير في جامعة أم القرى بعنوان (اللهجات في كتاب سيبويه) للباحثة صالحة بنت راشد غنيم وهي مطبوعة، حاولت استقراء كتاب سيبويه واستخراج أهم اللهجات المدونة فيه.
وقد كنت اعتمدت في اختراع جهازي الذي أعددته للتصحيح اللغوي على الأحرف الرديئة والعامية التي نص عليها سيبويه في كتابه، وذلك في (جهاز تصحيح لغوي رنين خطوة أولى ــ استجابة خطوة ثانية), بحيث يرن الجهاز على التحريف والمسخ والإبدال الحرفي الذي يحصل في نطق الكلمات.
وكثير من الدراسات اللسانية اجتهدت ولكنها وقعت في خلل عظيم ربما غاب عن أذهانهم أن بعض اللهجات تصادم صحة نطق الحروف العربية، وبعضها تأثرت بالاستعمار الغربي، وبعضها تعارض قواعد النحو والصرف وبنية الكلمات.
وبعض أساتذة اللغة للأسف ينادون بهذا التقريب والتأصيل للهجات العامية غافلين عن أثر ذلك وتغيره مع تلاحق الأجيال فهذا منزلقٌ خطيرٌ ينبغي الابتعاد عنه والكف عن التصفيق له.
وذلك أن التحولات في اللسان العربي كثيرة، والدراسات التي جنحت إلى تقويم اللسانيات والصوتيات ما زالت محدودة، وهذه القضية تتطلب الدراسة بتجرد دون نظر إلى الميل القبلي للمنطقة أو اللهجة التي يسير عليها الباحث.

وبعض النطق خطير في قراءة القرآن والشعر والنصوص يُحكَمُ بخطئه، والأصل اللغوي والصرفي والصوتي محفوظ ومدروسٌ في جهاتٍ شتى، وما شذّ عنه مُطّرحٌ ونادر؛ فينبغي التنبه لمثل هذه القضايا.




المصدر : المجلة العربية
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 10-03-2013, 06:04 AM
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
الدولة: اليمن
المشاركات: 500
افتراضي رد: واحة ثقافية

الفصحى والعامية

الكاتب : د.حمد عبد العزيز السويلم: بريدة



تعتبر اللغة بمثابة الوعاء الذي يحوي البعد الثقافي للأمم والوسيلة التي بها تتجسد الأفكار وتبنى الحضارات, والرؤية التي تتحدد بها صورة العالم وأبعاده لدى الناطقين بها. فإن اتسعت اللغة وتطورت وتجاوزت محيطها الضيق، وكان الاشتغال الأكاديمي بها لدى علماء اللسانيات وفقهاء اللغة قارئاً لحقيقة تطور لغات العالم ومتجاوزاً للمفردة القاموسية إلى فضاء واسع؛ تكون به اللغة العربية منطلقة ومتطورة لتخاطب العالم بلغة هي بنت الساعة واليوم والمستقبل.
فالهوية على سبيل المثال مفهوم ذو دلالة لغوية بالإضافة للدلالة الفلسفية والاجتماعية والثقافية.
وفي قانون ابن خلدون اللغوي (أن غلبة اللغة بغلبة أهلها, ومنزلتها بين اللغات صورة لمنزلة دولتها بين الأمم).

حينما يتناول الباحثون الحديث عن اللهجة الدارجة وتسربها إلى الأدب الفصيح؛ يتصورون صراعاً بين المستويين اللغويين. والحقيقة أن المسألة في نظري ليست مسألة صراع، بل إننا يمكن أن ننظر إلى وجود اللهجة الدارجة في الأدب الفصيح على أنه تقنية يلجأ إليها الأديب في حالتين:
الحالة الأولى: أن يلجأ الأديب للهجة العامية حينما يريد توظيف التراث القريب، بحيث يضمن عمله الإبداعي الفصيح أبياتاً عامية كي يوسع آفاق الاسترفاد.
الحالة الثانية : حينما يريد الأديب أن يوحي بأنه واقعي، وأن أدبه تمثيل للواقع. فهو يستخدم اللهجة لكي يوهم قارئه بأنه يستمد نماذجه من الواقع بكل أبعاده.
والنقد الرصين يترخص للأديب في الحالة الأولى. بيد أنه يتردد في قبول استخدام اللهجة الدارجة في الأعمال السردية بحجة الإيهام بالواقعية. فهناك فريق من النقاد أجاز للأديب استخدام العامية، والأغلبية عارضوا هذا الاستخدام، وفريق دعا إلى استخدام لغة ترتفع عن العامية وتقف على مشارف الفصحى.
والذي أراه أن الأدب إما أن يكون أدباً فصيحاً بمفرداته وتراكيبه وصيغه، أو يكتب باللهجة الدارجة. ولا شك أن الأدب الخالد هو الأدب الذي يكتب بلغة فصيحة، لأن هذه اللغة هي التي تكفل للأدب الامتداد الزمني والمكاني.
إن مشكلة اللغة في العمل الإبداعي، من حيث هي فصيحة أو عامية لا تكفي بالإيهام بالواقعية، ولا تفي باستقصاء علاقات الإنسان بالعالم والأشياء. وذلك لأن الأديب يصنع عالماً متخيلاً، قد يكون له نظائر في الواقع، لكن هذا الواقع يتكرر في أماكن متعددة.
فالأديب الذي يأخذ شخوصه من عالم الريف والفلاحة، هو يأخذ نماذج عمومية يمكن أن تكرر في ريف القصيم أو ريف الشام أو ريف الصعيد أو ريف المغرب، فأي لهجة يختار؟!
وخروجاً من هذه الإشكالية أرى أن يستخدم اللغة الفصيحة التي ستكون محايدة مكانياً، ويستعيض عن ذلك بأدوات إبداعية أخرى توهم بالواقعية.
واللهجة الدارجة ليست هي التي تمنح النص واقعيته، بل إن النص يكتسب هذه الواقعية من واقعية رؤية المؤلف، وقرب حقيقة النص من الحقيقة الخارجية. إن الواقعية تمثُل في جوهر الموضوع الأدبي، وليس في أداته التي هي اللغة.
والسؤال الذي يطرحه هذا المحور ضمن ملف التحولات اللغوية هو: هل يمكن للأدب بأجناسه المختلفة، أن يرتفع باللهجة الدارجة كي تلامس اللغة الأم، اللغة الفصحى؟
وللإجابة عن هذا السؤال أقول : إن الأدب العامي ذا اللغة الجزلة يمكن أن ينهض باللهجة الدراجة، ويرتفع بها لكي تقف على تخوم اللغة الفصيحة.
أما الأدب الفصيح فأرى أن تكون مادته اللغوية واحدة.
إن اللغة في العمل الأدبي تمثل عنصراً من عناصر تكوينه. وحينما يكون هذا العنصر أمشاجاً من اللغات واللهجات فإنه يربك مادة النص، ويشتت وحدته.


المصدر: المجلة العربية
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 10-03-2013, 06:07 AM
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
الدولة: اليمن
المشاركات: 500
افتراضي رد: واحة ثقافية

الإعلام وعلاقة الفصحى باللهجات الدارجة

الكاتب : رباب حسين النمر: الدمام



تواجه اللغة العربية الفصحى داخلياً وخارجياً مجموعة من الصراعات والتحديات. ومن أبرزها في الوقت الحاضر اتهام العربية الفصحى بصعوبتها وبعدم قدرتها على مواكبة موجة العولمة والتطورات التي يمر بها العصر. في الوقت الذي يروج فيه لسهولة اللهجات المحلية والعامية وغلبتها لكثرة المتحدثين بها في المجتمع. ولا يعدو الأمر أن يكون مغالطة للواقع والمنطق.
وهنا يقف في وجهنا سؤال:
هل تساهم وسائل الإعلام في ردم الهوة بين اللهجات المحلية وتقريبها من الفصحى أم تعمل على توسيع الهوة بينهما؟ هذا لأن الفرد في الوقت الحاضر يقضي ساعات من يومه يشاهد التلفاز أو يستمع للمذياع أو يقلب بين يديه جريدة أو صفحات مجلة أكثر من الوقت الذي يقضيه في فصل دراسي أو قاعة جامعية. ولذلك تؤثر وسائل الإعلام على لغة المتلقي.
وبنظرة فاحصة للغة التي تقدم بها وسائل الإعلام برامجها على اختلاف أنواعها من مرئية ومسموعة ومقروءة نجد أنها ساهمت في نشر اللغة الفصحى في الإعلام اليومي باعتبارها أداة لتبليغ الخبر واعتمادها في نشرات الأخبار والنشرات الجوية وذلك لتمتعها بالقدرة على التوجيه والإقناع.
ومن الملاحظ أن لبعض الإذاعات العربية دوراً إيجابياً في نشر الفصحى بين المستمعين في كل مكان من العالم العربي. واستطاعت بعض قنوات التلفزة بث برامج موجهة للأطفال عملت على تقريب الفصحى من ألسنتهم, فيسرت عليهم التعامل فيما بينهم وإن اختلفت لهجاتهم المحلية.
ومن جانب آخر تقع على عاتق وسائل الإعلام وأجهزته مسؤولية انحسار رقعة الفصحى في العالم العربي, وعليها يقع وزر انتشار اللهجات المحلية والدارجة, وبالتالي إيجاد فرقة بين الدول العربية, حيث يقبل الكتاب والمنتجون من خلالها على إقحام اللهجات الدارجة فيما يكتبون من فنون مسرحية وروائية وقصصية وشعرية إن كلياً وإن جزئياً.
فلو انتقلت من قناة إلى أخرى عبر جهاز التحكم ستجد تبايناً واضحاً في اللهجات, فتلك القناة تعرض دراما سورية، وتلك مسرحية مصرية، وثالثة مسلسلاً خليجياً ورابعة شعراً شعبياً نبطياً.
ويهجر بعض المذيعين والمذيعات اللغة الفصحى ويعتمدون في حديثهم على اللهجات المحلية الممزوجة بألفاظ ملحونة وأجنبية فيزيدون الأمر سوءاً.
إضافة إلى استغلال عواطف الشباب وميلهم لتكرار الأغاني والكليبات وحفظها فيعمدون إلى تلحين المقاطع الشعرية العامية وغنائها من قبل المشاهير ويساهمون بذلك في خلق فجوة بين الفصحى واللهجات.
ولذلك فالمأمول من مختلف وسائل وأجهزة الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة اعتماد اللغة العربية الفصيحة. والعمل على إعداد كوادر يتحدثون العربية الفصحى الخالية من اللحن والأخطاء اللغوية والنحوية. وتشجيع الإنتاج الذي يتخذ من العربية الفصحى لغة حديث للسير نحو مستقبل زاهر.



المصدر: المجلة العربية
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 10-27-2013, 02:15 PM
الصورة الرمزية عوض البقيلي
عوض البقيلي غير متواجد حالياً
نائب المدير العام للمنتديات
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: جـــدهـ _ الرياض
المشاركات: 8,104
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى عوض البقيلي
افتراضي رد: واحة ثقافية

متصفح ثري بالعلم والمعرفة والثقافة .. متصفح جميل رائع ..

الف الف شكر لك .. لاتحرمنا من مالديك ابداً ..


تحيتيـ ..
__________________
...............
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 10-30-2013, 07:31 AM
الصورة الرمزية شيهآنه
شيهآنه غير متواجد حالياً
مشرفة منتدى المواضيع العامة ومنتدى اليوم الوطني
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: مكه
المشاركات: 14,536
افتراضي رد: واحة ثقافية

مآشاء الله عليك
مبدع دآيم
يعطيك الف عافيه
لا عدمنا جديدك المميز
ودي وكل الشكر لك
__________________


رد مع اقتباس
  #30  
قديم 10-30-2013, 03:34 PM
الصورة الرمزية سيف الصادري
سيف الصادري غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
الدولة: جده
المشاركات: 1,053
افتراضي رد: واحة ثقافية

الاخ / طالب علم

شكرا على الطرح الرائع
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:07 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
كل الآراء المنشورة ( مواضيع ومشاركات ) تمثل رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن رأي القائمين على الموقع


دعم وتطوير استضافة تعاون