تسجيل دخول

العودة   منتدى سليم > المنتدى الــعـــام > منتدى قبيلة سليم الإسلامي > منتدى الشـريعة والحيــاة > منتدى ( القُــــــراء وطلبة العلم )
منتدى ( القُــــــراء وطلبة العلم ) يهتم بقُــــــــراء القُران الكريم وطلبة العلم وخطب الجمعة والفتاوي العلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-15-2009, 10:42 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الصرع بنوعيه : الخلقي و الروحي





\7



أخرجا في ((الصحيحين)) من حديث عطاء بنِ أبي رباح، قال‏:‏ قال ابنُ عباس‏:‏ ألا أريك امرأةً من أهل الجنة‏؟‏ قلت‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ هذه المرأةُ السوداء، أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ إني أُصرع، وإني أتكَشَّفُ، فادع الله لي، فقال‏:‏ ‏((‏ إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وإنْ شِئْتِ دَعَوْتُ الله لَكِ أَنْ يُعَافِيَكِ )) ، فقالت‏:‏ أصبر‏.‏ قالت‏:‏ فإني أتكشَّف، فادعُ الله أن لا أتكشف، فدعا لها ‏(1)‏‏.‏
قلتُ‏:‏ الصرع صرعان‏:‏ صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية، وصرعٌ من الأخلاطِ الرديئة‏.‏ والثاني‏:‏ هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعِلاجه‏.‏
وأما صرعُ الأرواح، فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ، ولا يدفعونه ، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيِّرة العُلوية لتلك الأرواح الشِّريرة الخبيثة، فتدافع آثارها، وتعارض أفعالها وتُبطلها، وقد نص على ذلك بقراط في بعض كتبه، فذكر بعضَ عِلاج الصرع ، وقال‏:‏ هذا إنما ينفع من الصرع الذي سببُه الأخلاط والمادة‏.‏ وأما الصرع الذي يكون من الأرواح ، فلا ينفع فيه هذا العلاج‏.‏
وأما جهلة الأطباء وسَقَطُهم وسِفْلَتُهم، ومن يعتقِدُ بالزندقة فضيلة ، فأولئك يُنكِرون صرع الأرواح، ولا يُقرون بأنها تُؤثر في بدن المصروع ، وليس معهم إلا الجهلُ، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك ، والحسُّ والوجود شاهد به ، وإحالتهم ذلك على غلبة بعض الأخلاط ، هو صادق في بعض أقسامه لا في كلها‏.‏
وقدماء الأطباء كانوا يُسمون هذا الصرعَ‏:‏ المرضَ الإلهيَ، وقالوا‏:‏ إنه من الأرواح ، وأما جالينوس وغيرُه ، فتأَوَّلُوا عليهم هذه التسمية ، وقالوا‏:‏ إنما سموه بالمرض الإلهي لكون هذه العلة تحدُث في الرأس ، فتضر بالجزء الإلهي الطاهر الذي مسكنه الدماغ‏.‏
وهذا التأويل نشأ لهم مِن جهلهم بهذه الأرواح وأحكامها ، وتأثيراتها ، وجاءت زنادقة الأطباء فلم يثبتوا إلا صرع الأخلاط وحده‏.‏
ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيراتِها يضحَكُ مِن جهل هؤلاء وضعف عقولهم‏.‏
وعلاج هذا النوع يكون بأمرين‏:‏ أمرٍ من جهة المصروع ، وأمرٍ من جهة المعالج ، فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه ، وصِدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوّذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلبُ واللسان، فإن هذا نوعُ محاربة ، والمحَارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين‏:‏ أن يكون السلاح صحيحًا في نفسه جيدًا ، وأن يكون الساعد قويًا ، فمتى تخلَّف أحدُهما لم يُغن السلاح كثِيرَ طائل ، فكيف إذا عُدِمَ الأمران جميعًا ‏:‏ يكون القلب خرابًا من التوحيد ، والتوكل ، والتقوى ، والتوجه ، ولا سلاح له‏.‏
والثاني‏:‏ من جهة المعالج ، بأن يكون فيه هذان الأمران أيضًا ، حتى إن من المعالجين من يكتفي بقوله‏ :‏ ((اخرُج منه‏)).‏ أو بقول‏:‏ ((بسم الله)) أو بقول: (( لا حول ولا قوة إلا بالله )) ، والنبىُّ صلى الله عليه وسلم كان يقول‏:‏ ‏((‏اخرج عدو الله أنا رسول الله‏)) (1)‏‏.‏
وشاهدتُ شيخنا يُرسِلُ إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه ، ويقول‏:‏ قال لك الشيخُ‏:‏ اخرجي ، فإن هذا لا يحِلُّ لك ، فيُفيق المصروعُ ، وربما خاطبها بنفسه، وربما كانت الروح مارِدة فيُخرجها بالضرب ، فيُفيق المصروع ولا يُحِس بألم، وقد شاهدنا نحنُ وغيرُنا منه ذلك مرارًا‏.‏
وكان كثيرًا ما يقرأ في أذن المصروع‏:‏ ‏(( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ))‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ 115‏]‏‏.‏
وحدثني أنه قرأها مرة في أذن المصروع ، فقالت الروح‏:‏ نعم ، ومد بها صوته‏.‏ قال‏:‏ فأخذتُ له عصا، وضربته بها في عروق عنقه حتى كَلَّت يداي من الضرب ، ولم يَشُكُّ الحاضرون أنه يموت لذلك الضرب‏.‏ ففي أثناء الضرب قالت‏:‏ أنا أُحِبُّه ، فقلت لها‏:‏ هو لا يحبك ، قالت‏:‏ أنا أُريد أن أحُجَّ به ، فقلت لها‏:‏ هو لا يريد أن يَحُجَّ معك ، فقالت‏:‏ أنا أدعه كرامةً لك ، قال‏:‏ قلتُ‏:‏ لا ولكن طاعة للهِ ولِرسوله ، قالت‏:‏ فأنا أخرجُ منه ، قال‏:‏ فقعد المصروع يلتفتُ يمينًا وشمالاً، وقال‏:‏ ما جاء بي إلى حضرة الشيخ، قالُوا له‏:‏ وهذا الضرب كُلُّه‏؟‏ فقال‏:‏ وعلى أي شيء يضرِبُني الشيخ ولم أُذنب، ولم يشعر بأنه وقع به ضرب البتة‏.‏
وكان يُعالج بآية الكرسي، وكان يأمر بكثرة قراءتها المصروع ومن يُعالجه بها، وبقراءة المعوذتين‏.‏
وبالجملة فهذا النوع من الصرع، وعلاجه لا يُنكره إلا قليلُ الحظ من العلم والعقل والمعرفة، وأكثرُ تسلط الأرواح الخبيثة على أهله تكونُ من جهة قلة دينهم، وخراب قلوبهم وألسنتهم مِن حقائق الذكر، والتعاويذ، والتحصُّنات النبوية والايمانية، فَتَلْقَى الروحُ الخبيثة الرجلَ أعزلَ لا سِلاح معه، وربما كان عُريانًا فيؤثر فيه هذا‏.
‏ولو كُشِفَ الغطاء، لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعى هذه الأرواح الخبيثة، وهي في أسرها وقبضتها تسوقُها حيث شاءت، ولا يُمكنها الإمتناعُ عنها ولا مخالفتها، وبها الصرعُ الأعظم الذي لا يُفيق صاحبُه إلا عند المفارقة والمعاينة، فهناك يتحقق أنه كان هو المصروعَ حقيقة، وبالله المستعان‏.‏ وعلاج هذا الصرع باقتران العقل الصحيح إلى الإيمان بما جاءت به الرسلُ، وأن تكون الجنةُ والنارُ نُصبَ عينيه وقبلة قلبه، ويستحضر أهل الدنيا، وحلول المَثُلات والآفات بهم، ووقوعَها خِلال ديارهم كمواقع القطر، وهم صَرعى لا يُفيقون، وما أشدَّ داءَ هذا الصرع، ولكن لما عمَّتِ البليَّةُ به بحيث لا يرى إلا مصروعًا، لم يصر مستغربًا ولا مستنكرًا، بل صار لكثرة المصروعين عينَ المستنكَر المستغرَب خِلافه‏.‏ فإذا أراد الله بعبد خيرًا أفاق من هذه الصرعة، ونظر إلى أبناء الدنيا مصروعين حوله يمينًا وشمالاً على اختلاف طبقاتهم، فمنهم من أطبق به الجنون، ومنهم من يفيق أحيانًا قليلة، ويعود إلى جنونه، ومنهم من يُفيق مرةً، ويُجن أخرى، فإذا أفاق عمل عمل أهل الإفاقة والعقل، ثم يُعَاوِدُه الصرع فيقع في التخبط‏.‏



\7

وأما صرع الأخلاط ، فهو علة تمنع الأعضاء النفسية عن الأفعال والحركة والانتصاب منعاً غير تام ، وسببُه خلط غليظ لزج يسد منافذ بطون الدماغ سدة غيرَ تامة ، فيمتنع نفوذُ الحس والحركة فيه وفي الأعضاء نفوذاً تاماً من غير انقطاع بالكُلية ، وقد تكون لأسباب أخر كريح غليظ يحتبس في منافذ الروح ، أو بُخار رديء يرتفع إليه من بعض الأعضاء ، أو كيفية لاذعة فينقبِضُ الدماغُ لدفع المؤذي ، فيتبعه تشنُّجٌ في جميع الأعضاء ، ولا يُمكن أَن يبقى الإنسان معه منتصباً ، بل يسقُطُ ، ويظهر في فيه الزبدُ غالباً .
وهذه العلة تُعد من جملة الأمراض الحادة باعتبار وقت وجوده المؤلم خاصة ، وقد تُعد من جملة الأمراض المزمنة باعتبار طول مكثها ، وعُسر بُرئها ، لا سيما إن تجاوز في السن خمساً وعشرين سنة ، وهذه العلة في دماغه ، وخاصةً في جوهره ، فإن صرع هؤلاء يكون لازماً . قال أبقراط : إن الصرع يبقى في هؤلاء حتى يموتوا .
إذا عرف هذا ، فهذه المرأة التي جاء الحديث أنها كانت تُصرع وتتكشفُ ، يجوز أن يكون صرعُها من هذا النوع ، فوعدها النبي صلى الله عليه وسلم الجنة بصبرها على هذا المرض ، ودعا لها أن لا تتكشف ، وخيَّرها بين الصبر والجنة ، وبينَ الدعاء لها بالشفاء مِن غير ضمان ، فاختارت الصبر والجنة .
وفي ذلك دليل على جواز تركِ المعالجة والتداوي ، وأن علاج الأرواح بالدعوات والتوجه إلى الله يفعل ما لا ينالُه عِلاجُ الأطباء ، وأن تأثيره وفعله ، وتأثر الطبيعة عنه وانفعالها أعظمُ مِن تأثير الأدوية البدنية ، وانفعال الطبيعة عنها ، وقد جربنا هذا مراراً نحن وغيرنا ، وعقلاء الأطباء معترفون بأن لفعل القوى النفسية ، وانفعالاتها في شفاء الأمراض عجائب ، وما على الصناعة الطبية أضرُّ من زنادقة القوم ، وسِفْلتهم وجُهالهم . والظاهر: أن صرع هذه المرأة كان من هذا النوع ، ويجوزُ أنْ يكونَ من جهة الأرواح ، ويكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خيَّرها بين الصبر على ذلك مع الجنة ، وبين الدعاء لها بالشفاء ، فاختارت الصبر والستر ، والله أعلم .



***

(1) أخرجه البخاري 10/99 في المرضى : باب من يصرع من الريح ، و مسلم (2265) في البر و الصلة : باب ثواب المؤمن فيما يصيبه.
(1) أخرجه الإمام أحمد 4/170 و 171 و 172 من حديث يعلى بن مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتته امرأة بابن لها قد أصابه لمم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ((‏اخرج عدو الله أنا رسول الله‏ )) قال: فبرأ فأهدت له كبشين و شيئاً من أقط و سمن فقال رسول الله‏ صلى الله عليه وسلم (( يا يعلى خذ الأقط و السمن و خذ أحد الكبشين و رد عليها الآخر)). ورجاله ثقات ، و في الباب عن عثمان بن أبي العاص عند ابن ماجه (3548)، و عن جابر عند الدارمي 1/10.



كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزية

التعديل الأخير تم بواسطة الزهراء ; 05-04-2009 الساعة 02:16 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-15-2009, 10:58 PM
عاشق الذيب غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 105
افتراضي رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الصرع بنوعيه : الخلقي و الروحي

جزاكي الله خير اختي الزهراء


وجعلها الله في موازين حسناتك

والله يجيرنا من الصرع
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم عدد خلقه و رضاء نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-15-2009, 11:16 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الصرع بنوعيه : الخلقي و الروحي

بسم الله الرحمن الرحيم

جزاكم الله خيرا أخي عاشق الذيب ، وفقكم الله و رزقكم الله الفردوس الأعلى
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-17-2009, 10:25 PM
الصورة الرمزية محمد الحمودي
محمد الحمودي غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
الدولة: مكه
المشاركات: 319
افتراضي رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الصرع بنوعيه : الخلقي و الروحي

جزاكم الله بالخير اختي الزهراء



ويجعله في موازين حسناتكـ




تقبلي تحياتــــ اخوكــ(ابوطلق)
__________________
سئل سفيان بن عيينه عن غم لا يعرف سببه ؟

فقال هو ذنب هممت به في سرك ولم تفعله . فجزيت هماً به

قال شيخ الإسلام معلقاً : ( فالذنوب لها عقوبات السر بالسر والعلانيه بالعلانيه )
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-18-2009, 05:04 PM
الصورة الرمزية الزهراء
الزهراء غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
الدولة: الدنيا الفانية
المشاركات: 4,297
افتراضي رد: في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الصرع بنوعيه : الخلقي و الروحي

بسم الله الرحمن الرحيم


جزاكم الله خيرا أخي محمد الحمودي ، غفر الله لكم و لأمة محمد صلى الله عليه و سلم و وفقكم الله لما يحب و يرضى
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:31 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
كل الآراء المنشورة ( مواضيع ومشاركات ) تمثل رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن رأي القائمين على الموقع


دعم وتطوير استضافة تعاون