عاريات القوارب "خاص بالمسابقة"

في ليلةٍ فاقت ما سواها من الليالي

وعلى شاطئ الإبداع.. قرب كوخي الصيفي ..

رأيتُ منظراً

زاخراً بالنوادر والعجائب .. حزينٌ وكئيبٌ إلى حدٍ ما ..

فلولا اختراق الضوء لهالة الغيوم ..

لقلت أزفة الآزفة ..

منظرٌ جعلني أشتاق لجلسة مسامرةٍ مع كلمات الأقلام المرهفه..

قلت لا محالة .. يجب ان يكون هناك أطرافاً تسامرني على هذا المنظر
فأردت أن يكون مساءاً يليق بمن سأدعوهم ..
سأدعوا هاماتٍ من مضر

فأعددت لهم متكأً مرتفع .. و هيئتُ ما تيسر إكراماً لضيوف أمسيتي

وأرسلت رسولين لأدعو من يسامرني غلامي وحمامة!!

وماهي إلا دقائق حتى أتاني رجلاً واثق الخطوة على كتفه الأيمن شالاً فاخراً بنيّ اللون .. دائماً ما يحمله معه في كل مناسبة .. عرفته به
فهو عمامته إذا تعمم .. ووسادته إذا توسد ..
وقفت وحييته .. قال : أتاني رسولك .. هل من خطب ؟
قلت: بعد قليل ستعرف
جلس ونظر
قال لي: ياإلهي أنظر إلى هذا.. غيوم وتلٌ وقوارب .. اترى ما أرى يابن العم .. سينطق هذا المنظر
قلت : لاتزد ياخليل .. ستعرف .. ستعرف
سكتنا قليلاً .. ننتظر البقية ..
فجائنا رجلٌ أبيض على فرسٍ بيضاء مسرعاً ..
قال لي خليلي .. من هذا ؟
قلت ألا تعرفه: هذا الباسل.. عذب الكلام ورفيع المقام ,, هو ايضاً من المدعوين
فوقفت وحييته ..

وقال: ماخطبكم ياقوم .. كنت في مجلسٍ لي لن يعوّض
قطعت طرقات رسولكم لبابي حديث زائرتي الفاتنه

سألته: ما تقول يا باسل ..
ماعهدتك تستقبل الزائرات في مجلسك!!

قاطعني قائلاً: مهلاً لاتبعد كثيراً إنها طارقة المساء ذات السوار !..

نظرت إلى خليل .. فوجدته يتبسم بمرارة .. ويخفي سراً كان مفضوحا
أخذنا نتناول أطراف الحديث

فإذا بآخر ضيوفنا .. رجلٌ على وجهه الوقار .. يتبعه حرس ..

فقال خليل : ضيوفنا اليوم كثر .. لاشك أن الموضوع مهم ..
من القادم؟
قلت : هذا صبح الرشاش .. اخر ضيوفي ..
فقمت وحييته ..

وما أن لبثنا حتى اتت الحمامة .. تحمل رسالةً
فأخذتها .. وقلت: الأن سنبدأ

ايها الجمع .. مرحباً وحياكم .. يشرفني ويؤنسني .. وجودكم في مجلسي
فأنتم ضيوفي .. وليس بأي ضيوف انتم ..
انتم نزف الحروف .. وانتم المنتصرون للكلمة
وأنتم العابرون بحور الجُمل
رأيت هذا المنظر الذي ترونه .. فأردت أن استنطقه بما تنطقون
كل مايجب أن يقال فيه .. لا قوانين وقواعد

وسأسمي هذا اليوم .. يوم عاريات القوارب

فبمن نبدأ ؟!
فأشار كلٌ منهم إلى من بجواره
فآثرت أن اختار خليلاً .. فالبداية عنده
سكت خليل يتفقد المكان وينظر إلى السماء تارة وتارة إلى التل وتارة إلى القارب
أحسست أنه سيقول الكثير .. لكنه قال : لا تعليق!!
قلت: أتفهم يا خليل وقد عذرناك
عندك أيها الباسل
تنهد الباسل وقال: قاربٌ حزين, أرهقته السنين ,بين كرٍ وفر وخيرٍ وشر ,, كان يخترق صفعات الأمواج
ولايتألم .. بكل بأسٍ وقوة .. كان يعلم أن يوماً ما سيتركه إثنان .. البحر وصاحبه.
لعله تأملّ خيراً بهما .. ولكن هجروه!!
كان يعلم .. كان يعلم..

قلت هل تعني أن ترك مقصوداً
قال: نعم

فقال صبح: يارجال .. والله إني أرى ما لا ترونه .. انظروا إلى تلك القوارب البعيده
وانظر إلى هذا(أي القارب القريب)هذا قائدهم وسيدهم
لقد خسروا معركةً بلا أسلحة .. فأنظر إلى أشلائهم.. الخصم هو البحر!! .. ويلٌ لمن يعادي البحر..
أتعلمون مافعل البحر .. ليهزمهم .. أتعلمون
قلنا : لا
قال صبح : لقد جفّ وهزمهم .. يالهُ من قويّ .. بلا أسلحة!!

قال الباسل: أحسنت وأجدت ياصبح

وأشار لي خليل: ماذا لديك في رسالة الحمامة؟
ففضضت الرسالة وقد كنت وصفت المنظر وأرسلته للنسوة الثلاث
فجائني فيها..

وقد كانت أولهم اسطورة الإبداع.. لم تتحدث عن المنظر
أكتفت بقولها: لا تعليــــق..

ثانيهن: سمر محمد .. قالت:
هجرت هذه السفينة بحر الحياة لترسوا على شاطئ اليأس
معلنة أن رحلة الحياة قد انتهت ..
وأشرعة الأمل قد مزقت فلم يبقى سوى هيكل سفينة قد حطمت ..

ثالثهن الريتاج قالت:
مهلاً يا سفينة الصمت !! أعلم أن رياح البوح قد مزقت أشرعتك ..
وغيوم اليأس أثقلت كاهلك ..
وبلابل الخوف خانت صدقك ..
وبحار الحب قد غدرت بعذريتك ..
لكنّ رمال الأمل احتوت حطامك.. لتنهضِ وتبحري مع أشعة الفرح من جديد ..

فسألت خليل: ما رأيك .. ومن الذي كانت كلماته أكثر بهاءاً؟
قال: حقيقةً استمتعت كثيراً ببوحكم .. واحترت ! كلما تحدث أحدكم .. قلت هذا الأجمل
فوجدتكم جميعاً أقرب للحقيقة رغم الخيال.. طوبى لكم.. وطوبى لنا بكم..
انتهى