هكذا أرى المترو ... مقبل السلمي

هكذا أرى المترو

مقبل السلمي

مقبل السلمي
قرأت مقال الأخ الفاضل راشد الفوزان والذي كان عنوانه "مترو الرياض.. مجاناً !" وذلك في عدد صحيفة الرياض 15220 الصادر بتاريخ 10 ربيع الأول 1431ه، ولم يساورني الشك في أن الأستاذ راشد الفوزان قد كتب هذا المقال لأسباب يرى أنها ستحقق النجاح لمشروع قد تصل كلفته إلى مليارات من الريالات.
إلا أنني "ومن مبدأ اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية" خصوصاً في المجال الاقتصادي الذي يقوم على تباين وجهات النظر وتعدد المدارس والنظريات، أود أن أطرح بعض النقاط التي أرى "من وجهة نظري المتواضعة" أنها تعكس حال موضوع النقاش من زاوية أخرى غير التي يراها كاتبنا القدير.
ففي بداية الأمر فإن نجاح هكذا مشروع لا يقتصر على الجوانب المادية وحسب، بل ان هناك عوامل أخرى تكفل للمشروع نجاحه، ومن هذه العوامل دقة المواعيد في الانطلاق والوصول، فمهما كانت تكاليف السير بالسيارات منخفضة كما يراها الكاتب، إلا أنني وغيري الكثير سيفضل استخدام المترو بدلاً من السيارة حتى أضمن الوصول إلى المحطة المستهدفة في الوقت المحدد وهذا ما لا يتوفر عند استخدام السيارات الخاصة نظراً لازدحام الشوارع وما يعترض الطريق من حوادث ونقاط للتفتيش، ومن العوامل التي تضمن نجاح المشروع كذلك مستوى الأمان لوسيلة النقل هذه، ففي حال كان المترو بمواصفات حديثة، فإن هذا سيوفر وسيلة نقل آمنة مقارنةً بالسيارات خصوصاً مع ارتفاع معدلات حوادث السير لدينا وبالأخص في أوقات تغيرات الطقس من أمطار وعواصف وغيرها، ما يعني أنها ستشهد حالة من الإقبال بغض النظر عن التكلفة، وغير ذلك من العوامل كاستخدامها من قبل الطلاب في الجامعات على الأقل ما يعني تقليص منسوب الازدحام وتراجع حالات التهور في القيادة.
ومن حيث التخوف من عدم تحقيق هذا المشروع للربحية، فهذا أمر غير متوقع، حيث أن العدد الهائل من السكان في مدينة الرياض يكفل له الربحية مهما كانت تكلفته، فإذا كانت حافلات النقل لدينا، وهي بحالتها الراهنة تحقق أرباحا رائعة، فكيف بوسيلة نقل أكثر حداثةً وتطوراً.
أما الجانب الآخر وهو أن قائدي المركبات أو من يملكون مركبات خاصة لا يدفعون مقابل استخدامهم للطرق العامة أي مقابل، فلا أعتقد أن الكاتب الفاضل يجهل أن لنقل ملكية السيارات واستصدار اللوحات رسوما، وأن لتجديد رخصة المركبة رسوما، وأن لتجديد رخصة القيادة رسوما، وأن لبوليصة التأمين رسوما، وأن الموقف الخاطئ يكلف سائق المركبة رسوما قد تتضاعف، وأن لفحص المركبة الذي يسبق إجراءات تجديد رخصتها رسوما أيضاً، كل هذا يعني أن قائدي المركبات قد دفعوا سلفاً رسوم الطرق التي يستقلونها.
أما مجانية مواقف السيارات فالأمر ليس على إطلاقه، فالمواقف العامة غالباً ما تكون لأوقات محدودة جداً، ولكن المواقف التي نحتاجها لفترات طويلة "كمواقف المطارات مثلاً" ليست مجانية، بل تتقاضى رسوماً هي الأعلى بين كثير من الدول "على الأقل التي زرتها".
وآخر ما أود التعليق عليه قضية تدني أسعار الوقود لدينا، فأنا أعترف بذلك، ولكن من ناحية فإن هذه الأسعار تمثل توجهاً كريماً للدولة رعاها الله في التخفيف عن مواطنيها، ومن ناحيةٍ أخرى فإن لها أبعادا اقتصادية أخرى سأقتصر على اثنين منها، أولهما أن انخفاض أسعار الوقود يعد احدى وسائل الجذب الاقتصادي، فالشركات الأجنبية تأخذ بعين الاعتبار كل تكاليف الاستثمار ومنها بلا شك أسعار الوقود. وثانيهما ماذا سيحدث لأسعار مبيعات التجزئة فيما لو تم رفع أسعار الوقود؟! فعلى سبيل المثال لا الحصر، شركات الألبان والعصائر التي يجوب موزعوها الشوارع، هل ستبقي الأسعار عند نفس مستوياتها الحالية بالرغم من ارتفاع تكلفة المبيعات جرّاء رفع أسعار الوقود عليها؟!
إنني زميلي الفاضل لم أورد هذا التعقيب من أجل التعقيب وحسب، بل لأنظر من زاويةٍ أخرى غير التي نظرت منها، خصوصاً أن هناك من قد يعجز عن دفع التكاليف الحالية، فما بالك بإضافة أعباء جديدة عليه.
ولك فائق تقديري واحترامي

----------------
جـــريــــدة الــــــــريــــــــــاض